رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بقلم مفيد فوزى
الكل مكتئبون. أنا، ربما كنت قبلك وربما جئت بعدك وهو وهى. رياح الاكتئاب ودواماته الحلزونية لم ترحم عجوزاً أو طفلاً أو حتى بائعة جرجير على ناصية الشارع. وفى الحقيقة فقد جاء اكتئاب ما بعد الثورة.. مخيباً للآمال العريضة. صحونا على ثورة- كانت واعدة حقاً- لكنها على المدى لم تجلب لنا «عيش أو حرية أو عدالة»، بل رأينا البلد وكأنه (وليمة اللئام). فقد تعرضت الثورة لقرصنة ناعمة سرعان ما كشفت عن لحاها «جمع لحية». ووقف شباب مصر مذهولاً أمام سرقة ثورة باعدت بين أحلامهم بدولة مدنية والواقع المأسوى. والبرلمان «الكتاتنى» مقموص من الحكومة «الجنزورية» وتأسيسية الدستور ولادتها «قيصرية»؟ والعلاقات مع الدول العربية مصابة بالحصبة، والميادين والشوارع مزروعة خيام اعتصامات؟ وسفارة عربية تحرسها شرطة عسكرية ودبابات؟ وحل برلمان شرع الله.. وشيك وتأجيل الانتخابات الرئاسية وارد؟ ومع ذلك يخرج بعض الناس من «إخوانا» يفتون بأن الأحوال ميت فل وعشرة والدنيا ربيع. ولا أدرى عن أى «مصر» يتكلمون ولعلها أحلام يقظة! والاكتئاب إذا سكن النفس زمنا، صار مخيفاً ومنذراً لكوارث نفسية، منها الانفجار والهذيان والهرطقة والانتحار، والمرجعية «د. خليل فاضل» المتبحر فى الاكتئاب وسنينه ودواماته هو يعالجها بالسيكو دراما وليس من المعقول أن تجمع شعبا فى حلقات سيكو دراما.. للعلاج من الاكتئاب. كيف لا نكتئب والنار والشوم مشتعلة من محيط محمد محمود بالأمس القريب إلى محيط العباسية؟ كيف تمضى الحياة وسط هذه «المرحلة الانتقالية» المضطربة الدورة الدموية القومية باكتئاب آمن؟ هذا هو القصد والمراد. بعض الناس يرتمون فى حضن «الخيال» ويسبحون فى بحاره ويستدعون لحظات سعيدة عاشوها من قبل. هذا النشاط الخيالى شمل درجة عالية من الانتباه الداخلى والتركيز والمقاومة للمشتتات الخارجية «كتاب الخيال للدكتور شاكر عبداللطيف»، ذلك أن الإمعان فى القدرة على التخيل يزيح جبال الهموم عن كاهل المكتئب، ويأخذه إلى عالم منسوج من لذة وسعادة، ويقلل من آثار عواصف نفسية قد تقتلع هدوءه. والطفولة إحدى مساحات الخيال التى نستدعيها ونمشى فى دروبها غير عابئين بالحاضر والواقع المر. بعض الناس تشغل بالها- وهم قلة- بقراءة التاريخ. إن ساعات طويلة من التهام حروف كتاب معنى بالحوادث والأحداث يفصل الإنسان- إلا قليلا- عن ولائم الصراع المنتشرة فى مصر اليوم سواء كانت «هيمنة» أو «مرض سلطة» و«فرض وصاية». بعض الناس يعتقدون أن «اليوجا هى الحل». إنهم يقاومون الاكتئاب بهذه الرياضة، رياضة الروح والجسد ولكنها «برنامج حياه» لابد أن تحبها فتدمنها، فتنجو من اكتئابات تزرعها أخبار الزمن المنفلت فى طريق حياتك: المصيبة أن الاكتئاب يشل التفكير ويطفش الرغبة فى العمل ويصيبك «بسد النفس» ويجعلك تشعر بأنك «أثقل» من وزنك الطبيعى. شعب- أغلبه- مكتئب، يفطر صراخاً واحتجاجات ويتغذى انقسامات واعتصامات ويتعشى فضائيات ومهاترات لا يمكن أن يحقق خطوة فى كتاب «الشعوب الناهضة». هناك بلاد لم تنشغل بالماضى وحلمت بالمستقبل وحققت الحلم. هناك بلاد أطلت من بين الحطام بوجه جديد معافى. هناك بلاد انتصرت على ذاتها وقفزت على همومها. لكننا «واخدانا الجلالة» وعندنا «صلف وغرور» ونتصور أن آراءنا هى «الأصوب فى كل زمان ومكان» نعانى من «الازدواجية» و«الكذب» و«نلعب بالبيضة والحجر» وأحياناً «بالتلات ورقات» على أرصفة البلد «إن وجدت أرصفة»! وإن وجدت فالباعة الجائلون يحتلونها بعرض بضاعتهم، فإذا اعترض أحد تكلم الرصاص. بعض الناس تبحث عن اكتئاب آمن فى بيوتهم، ربما يكتفون بالاستماع إلى أغان قديمة ويصلون آخر الليل وينامون بأقراص مهدئة. البعض يلجأ إلى «الصيد» من فوق الكبارى ليتغلب على اكتئابه، فصيد السمك يعلم فن الصبر. البسطاء لا يعرفون معنى الاكتئاب، إنهم يعرفون «حالة العكننة» التى يشعرون بها ويهجون إلى الحدائق العامة يفترشونها بدلاً من مشاوير على المحور تعرضهم للموت مثلما حدث لرئيس جامعة عين شمس الذى لقى حتفه بسبب سيارة مخالفة للسير «مين يحاسب مين؟» ولن أهاجر من المحروسة مثلما فعل البعض ولكنى أشعر بأننى «أهاجر» فى المكان والزمان بحثاً عن خيمة أوكسيجين غير ملوثة سمعياً أو بصرياً وهاهى فيروز تشدو بجوارى و«تعتذر» لى عن ركاكة ما أرى وأسمع! وعلى شاشة تليفزيونى غندورة تقدم أخبار البورصة وتتلو الخسائر بالمليارات المتأثرة بأحداث ٢٥ «خساير»!! المصرى اليوم |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هو الاكتئاب ؟ |
الاكتئاب |
الاكتئاب |
الاكتئاب |
الاكتئاب |