رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مريم البتول الملكة لقد أُنشئ مؤخّرًا هذا العيد، حتّى وإن كان أصله وتعبّده قديمين، فقد أنشأه البابا بيوس الثاني عشر، في العام 1955، في نهاية السنة المريميّة، وبهذه المناسبة، قال البابا إنّ مريم ملكة أكثر من أيّ مخلوق آخر لسموّ روحها ورِفعة العطايا التي تلقّتها. وهي لا تتوقّف عن توزيع كافة كنوز حبّها وعنايتها على البشريّة والآن، بعد الإصلاح في المجمع الفاتيكانيّ الثاني للتقويم الليتورجيّ، فقد وُضع العيد بعد ثمانية أيّام من الاحتفال بعيد انتقال العذراء للتشديد على العلاقة الوثيقة بين ملوكيّة مريم وتمجيدها بالروح والجسد بجوار ابنها. نقرأ في الدستور حول الكنيسة للمجمع الفاتيكانيّ الثاني ما يلي: “إنَّ العذراء ، صَعِدت . إلى مجدِ السماء وعظَّمها الرب كملكة العالمين حتّى تكون أكثرَ مشابهة لابنها” هذه هي جذور العيد في هذا اليوم، فمريم ملكة لأنّها ترتبط بشكلٍ فريد بابنها، سواء في الدرب على الأرض، أو في مجد السماء . إن ملوكية مريم هي نتيجة اتّحادها بالابن، ووجودها في السماء، أي في الشركة مع الله؛ إنّها تشارك في مسؤوليّة الله من أجل العالم ومحبّة الله للعالم. ملوكيّة يسوع ومريم هى منسوجة بالتواضع، والخدمة، والمحبّة: إنّه قبل كلّ شيء خدمة، مساعدة، محبّة. لنتذكّر أنّ يسوع أُعلن ملكًا على الصليب بهذه الكتابة التي خطّها بيلاطس: “ملك اليهود” لقد أظهر نفسه في تلك اللحظة على الصليب بأنّه ملك؛ وكيف هو ملك؟ مُتألِّمًا معنا، ولأجلنا، مُحبًّا حتّى النهاية. وهكذا يحكم ويخلق الحقّ والمحبّة والعدالة. أو لنفكِّر أيضًا بوقتٍ آخر: في العشاء السرّيّ ينحني المسيح ليغسل أقدام أخصّائه. وبالتالي فإنّ ملوكيّة يسوع ليس لها أيّ علاقة بملوكيّة ذوي النفوذ على الأرض. إنّه ملك يخدم خدّامه؛ هذا ما برهنه في كلّ حياته. وينطبق الشيء نفسه على مريم: إنّها ملكة في خدمة الله والبشريّة، إنّها ملكة المحبّة التي تعيش هبة الذات لله للدخول في مشروع خلاص الإنسان. فهي تُجيب الملاك: ها أنا أمَة الربّ ، وتسبِّح في نشيدها: “لأنّه نظر إلى تواضع أمَته” إنها تساعدنا. إنّها ملكة في محبّتها لنا بالتحديد، وفي مساعدتنا في كلّ احتياجاتنا؛ إنّها أختنا، الخادمة المتواضعة .. تمارس مريم هذه الملوكيّة في الخدمة والمحبّة في سهرها علينا، نحن أبناءها: الأبناء الذين يتوجّهون إليها في الصلاة، لشكرها أو لطلب حمايتها الأموميّة ومساعدتها السماويّة، ربّما بعد أن ضللنا الطريق، مُثقلين بالألم والأسى بسبب حوادث الحياة الشاقّة والحزينة. في الطمأنينة أو في ظلام الوجود، نتوجّه إلى مريم، متّكلين على شفاعتها المستمرّة، كي تمكّننا من أن نحصل من الابن على كلّ نعمة ورحمة لازمة لحجِّنا على دروب العالم. إلى الذي يحكم العالم ويحمل مصائر الكون نحن نتوجّه بثقة، بواسطة مريم العذراء. يُبتهل إليها، منذ قرون عديدة، كملكة السماوات؛ ثماني مرّات، بعد صلاة الورديّة المقدّسة، يُبتهل إليها في صلوات “طلبة العذراء”، كسلطانة الملائكة والآباء والأنبياء والرسل والشهداء والمعترفين والعذارى وجميع القدّيسين والعائلات. يساعدنا إيقاع هذه الابتهالات القديمة والصلوات اليوميّة مثل “السلام عليك أيتها الملكة” على فهم أنّ العذراء القدّيسة، كوالدة لنا إلى جانب ابنها يسوع في مجد السماء، هي معنا دومًا، في أحداث حياتنا اليوميّة. لقب الملكة إذًا هو لقب ثقة وفرح ومحبّة. ونحن نعلم أنّ مَن لديها جزئيًّا مصير العالم، طيّبة، تحبّنا وتساعدنا في صعوباتنا. إنّ الإكرام للسيّدة العذراء لعنصرٌ هامّ من عناصر الحياة الروحيّة. فلا نتردّدنّ في صلاتنا في التوجّه بثقة إليها. ولن تتردّد مريم في التشفّع لنا لدى ابنها. ونحن ننظر إليها، ونقتدي بإيمانها، في الاستعداد الكامل لمشروع محبّة الله، والاقتبال الكريم ليسوع. لنتعلّم العيش من مريم. فمريم هي ملكة السماء القريبة من الله، ولكنّها أيضًا الأمّ القريبة من كلّ واحدٍ منّا، وهي تحبّنا وتسمع صوتنا. فلتكن صلاتها وشفاعتها معنا. آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|