كان بيشوي يحب الله كثيرا وكان يميل إلى العزلة والخلوة وأشتاق أن يكرس حياته لله ، لكنه كان مترددا في أن يترهبن فهو يشتاق لخدمة الآخرين ، وبعد صلاة عميقة واستشارة أب اعترافه واختبارات عديدة توجه للدير وترهبن وكان دائما يصلي : يارب أعطني أن أخدمك في شخص أخوتي ، إذ كان يشتهي أن يخدم الآخرين. وفي يوم أرسله رئيس الدير لشراء ما يحتاجه الرهبان من العالم , هناك قابل شخص مقعد في الطريق ، فتوجه إليه ليعطيه صدقة ولكن المقعد بكى ، وقال له: أنا لا أحتاج للمال فقط ، بل لشخص يخدمني ، وأهلي تعبوا مني وأحضروني هنا لأستعطي ، ألا تستطيع أيها الراهب القديس أن تخدمني وسأكون لك مطيعا ومدينا لك العمر كله ، تردد الراهب للحظات إن الله أعطاه شهوة قلبه ولكن هل سيقبل رئيس الدير بذلك ، قال له : اسمح لي أن آخذ إذن أبي في هذا الأمر ، ثم أحضر إليك غدا , ذهب لأبيه الروحي واعلمه بالأمر ، فقال له : هل أنت مستعد أن تخدمه طول العمر مع ممارسة صلواتك والأعمال الأخرى المطلوبة منك أم إنه انفعال مؤقت ، قال له بيشوي : يا أبي بصلواتك أنا مستعد، ذهب الراهب بيشوي فرحا وأحضر أولوجيوس المقعد وكان يدعو له بطول العمر والصحة وعكف على خدمته باجتهاد شديد. وبعد مرور عدة سنوات تحول أولوجيوس من مقعد مسكين إلى شخص كئيب دائم التذمر ، يأمر وينهي الراهب كأنه عبده ويحيره بطلبات غير متوافرة و يتهمه بأنه لا يبالي به وإنه يهتم بنفسه أكثر ، والراهب يحزن ويضاعف جهده ويحاول إرضاءه دون جدوى وبالتدريج شعر الراهب إنه ظلم نفسه بهذه الخدمة وما الذي يدعوه لذلك وهو الذي ترك العالم ، ثم إن باقي الرهبان أحرار في وقتهم لا ينغص عليهم شي ، لماذا هو ؟ فكر بيشوي الراهب أن يرجع المقعد مكانه وكفى كل هذه السنين ، ولكنه قد عاهد أبيه الروحي أن يخدمه طول العمر ، والمقعد المتذمر يقول له : أنا كنت مرتاح لوحدي ، رجعني مكاني ، هل أتيت بي هنا لتعذبني ، وفي لحظة قررا أن يذهبا لأبيهما الروحي ليأخذا منه الحل وكل واحد يذهب لمكانه ويفترقا للأبد ، وصل الراهب بيشوي لأبيه الروحي ، وشكى له حاله متوقعا منه أن يتعاطف معه ولكنه فوجئ به يعنفه ويقول له : هل تظن إن الله لا يقدر أن يوفر له إنسان يخدمه غيرك ، هل بهذه السهولة تتخلى عنه ؟ وما الذي احتملته أنت وكيف تفكر في هذا الأمر ، ارجع وقدم توبة وابكي على هذا الفكر واخدمه بكل قلبك. ثم ذهب الأب الروحي للمقعد على انفراد ووبخه قائلا : ألا تشكر الله على أنه أعطاك هذا الراهب القديس الذي خدمك طيلة هذه السنين دون أي أجر ، هل تكافئه شرا عن الخير الذي فعله لك ، اذهب واعتذر له ، بكى المقعد وهو يطلب السماح من الراهب ، الذي بكى هو أيضا وهو يقول له : سامحني أنا المخطئ ، وذهبا كلاهما إلى القلاية وبعد 3 أيام مات المقعد وبعد 3 أيام أخرى مات الراهب بيشوي هل تدرك يا صديقي أن الشيطان يحاول بأي وسيلة أن يجعلنا نخسر إكليلنا وتعبنا في أي لحظة ، بأن نغضب ولا نحتمل ، ماذا لو استجاب الراهب والمقعد لصوت الشيطان وافترقا ومات كلاهما وهو غاضب على الآخر