07 - 09 - 2020, 06:38 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 18 نعمة الملوكية
يقول المرتل إن الموت لا يستطيع أن يحطم نفسه باليأس، لأن قيامة المسيح قدمت له رجاءً حيًا وعمليًا... ما عليه إلا أن يدعو ويصرخ من أعماق قلبه ليجد صرخته قد اخترقت أبواب أورشليم اللؤلؤية (رؤ 21: 21)، تبلغ إلى الموت الذي لا يُدنى منه؛ فيميل الله بأذنيه ليسمع هذه الصرخات القادمة مع صلوات السمائيين وتسابيحهم! هنا تتزلزل كل أرض أمامه وتتزعزع أساسات الجبال... يضطرب الأعداء المحبون للعالم (الأرضيات)، الذين يظنون في أنفسهم أنهم جبابرة ليس من يقدر أن يهز كيانهم، راسخون كأساسات الجبال!
الله الكلّي الحب، الكلي الوداعة، يعلن ذاته نارًا آكلة للعدو المقاوم للمجد الإلهي أو لشعبه المسكين، لهذا يقول المرتل: "ارتفع الدخان برجزه، والنار التهبت من أمام وجهه، والجمر اشتعل منه" [8]. هذا التصوير يعلن غضب الله لا كانفعال للإنتقام ولكن بكونه العدالة التي لا تقبل الظلم، والقداسة التي لا تطيق الخطية. يقول الرسول بولس: "فعمل كل واحد سيصير ظاهرًا، لأن اليوم سيبينه، لأنه بنار يستعلن، وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو، إن بقى عمل أحد قد بناه عليه فسيأخذ أجرة، إن احترق عمل أحد فسيخسر وأما هو فسيخلص ولكن كما بنار" (1 كو 3: 13-15). دينونة الله وعدالته نار تزيد الذهب والفضة بهاءً ونقاوة، وتحرق الخشب والعشب. أيضًا كلمة الله نارًا آكلة، تحرق فينا الأشواك الخانقة للنفس وكل ما هو شر لتلهب القلب بنار الحب الإلهي، فلا تقدر مياه العالم أن تطفئها. وقد جاء الروح القدس على شكل ألسنة نارية ليحول التلاميذ والرسل إلى خدام الله الملتهبين نارًا، فيشعلوا البشرية بنار الحب الإلهي بعدما يحرقون الشر في قلوب المؤمنين بروح الله واهب القداسة. هذا هو غاية المصلوب القائم من الأموات، القائل: "جئت لألقي نارًا على الأرض، فماذا أريد لو اضطرمت؟!" (لو 12: 49). يرى بعض الدارسين في صعود الدخان برجزه أن المرتل يقارن غضب الله على الشر بالضباب الذي يعتم الجو كدخان قاتم يتصاعد من أنف من يغضب، أو من الوحوش الثائرة التي تصير كادخان تكتم النفس عندما تثور! * "ارتفع الدخان برجزه". يسكب البشر الدموع ويقدمون التوسلات حين يمتلئون ندامة بسبب تهديدات الله ضد الأشرار (أي أن غاية هذه التهديدات هي رجوع الأشرار عن شرهم فلا يلحق بهم الغضب الإلهي!). "والنار التهبت من أمام وجهه". يعقب التوبة اشتعال الحب خلال معرفة الله. "والجمر اشتعل منه"، هؤلاء الذين سبقوا فماتوا غير مبالين بلهيب الرغبة المقدسة أو نور العدل، غارقين في برودة الظلمة صاروا ينعمون (في المسيح) بالدفء والنور وإعادة الحياة من جديد. القديس أغسطينوس |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|