رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَة
إنجيل القدّيس لوقا 13 / 18 – 21 قالَ الرَبُّ يَسُوع: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ الله؟ وَبِمَاذا أُشَبِّهُهُ؟ إنَّهُ يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَها رَجُلٌ وَأَلْقَاهَا في بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَة، وَعَشَّشَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ في أَغْصَانِهَا». وقَالَ أَيْضًا: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ الله؟ إنَّهُ يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا ٱمْرَأَةٌ وَخَبَّأَتْهَا في ثَلاثَةِ أَكْيَالٍ مِنَ الدَّقِيقِ حَتَّى ٱخْتَمَرَ كُلُّهُ». التأمل:” فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَة…” حبة الخردل الأصغر بين البذور تلك التي زرعتها يا رب على الصليب، ورويتها بدمك نمت وأصبحت شجرة كبيرة وعششت طيور السماء في أغصانها…”كالتفاح بين شجر الوعْر كذلك حبيبي بين البنين”(نش 2 / 3) في تلك اللحظة كنتَ فيها وحيداً وضعيفا ومتألماً يا رب وتلاميذك خائفين وهاربين، زرعتَ تلك البذرة الإلهية، بذرة الحب فنمت بهدوء كلي وانتشرت في العالم أجمع. ظنّ من طعنك بحربةٍ أنك ستنزف حتى الموت، مسكين ذاك الجندي لم يكن يعلم أن تلك الطعنة ستفتح جسدك لبذور الحب كي تُزرع وتنمو وتجتاح العالم لتكون مأوى المسكين، سند الضعيف، مسكن المشرد، أمّ اليتيم، مسرح الإبداع، مهبِط الخلق والجمال… تلك البذرة الصغيرة زرعتها يا رب في بستان الحياة، حيث سُحقت ودُفنت وتَحللت ومن ثم خَرجَت كالنور من القبر وأضاءت ظلمات النفوس… تلك البذرة الصغيرة، بذرة الحب، ظنّ الجميع أنها سحقت تحت أقدام سلاطين العالم، لكنها ذابت حنيناً كالشوق وخَمَّرت عجين البشرية بطريقة عجيبة، هادئة وبسيطة، فأصبحت خبزاً صالحاً طيّباً ولذيذاً يؤكل ويعطي الحياة… قد يراك يا رب انسان اليوم الأصغر بين الجميع وبالفعل هكذا كنت على الصليب، عبداً ذليلاً… وقد يراك مشوهاً “لا صورة لك ولا جمال” (إش 53 / 2)، ولكن اذا اختبرك وذاق طيبتك سيجدك “أبرع جمالًا من بنيّ البشر” (مز 45 / 3). ها نحن قد اختبرنا حبّك وذقنا طيبتك، خذنا بيدك يا رب وازرعنا في كرمك، كي نُدفن في قلبك ونتحلل في جسدك، ونكون كخميرة في عجين العالم يتحول الى خبز صالح شهي يغذي البشرية فرحاً وسلاماً فتنتعش وتحيا وتتقدس…وتنمو أنت داخل الكيان الإنساني لتجتاح العقل والفكر وعمق الأعماق حتى مفارق العظام…آمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|