رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أتينا أم لم نأتِ؟ لأنكم لم تأتوا إلى جبلٍ ملموس مضطرم بالنار ... بل قد أتيتم إلى جبل صهيون ( عب 12: 18 - 22) «لم تأتوا» .. ونحن نقرأ هذه الأعداد، لعل شعورًا فياضًا بالطمأنينة، يندفق من كلمة الله، يملأك، ويملأني معًا، فقد قصد الرسول لقارئيه ولنا سويًا، أن نتنفس الصعداء في أثير أجواء النعمة، لا كمَن «أخذوا روح العبودية أيضًا للخوف»، بل كمَن «أخذنا روح التبني» ( رو 8: 15 ). وإن كان الرسول في معرَض حديثه للإخوة العبرانيين، يذكر ستة أشياء لم يأتوا إليها، لكنه على رأسها، يُذكِّرهم «بالجبل المضطرم بالنار»، وهل مَنْ ينساه؟ أقصد منظر جبل سيناء، الذي عليه أُعطي الناموس، فتعال نتصوَّر معًا: أـ الجبل: «وكان جميع الشعب يرون الرعود .. والجبل يدخِّن، ولما رأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد» ( خر 20: 18 ). ب ـ ما أُعطى عليه: جاء الرب من سيناء .. وأتى من ربوات القدس، وعن يمينه نار شريعة لهم» ( تث 33: 2 ). ج ـ الواقفون حواليه بدون اقتراب: «ونحن نعلم أن كل ما يقوله الناموس، فهو يكلِّم به الذين في الناموس، لكي يستد كل فم، ويصير كل العالم تحت قصاص من الله» ( رو 3: 19 ). فالجبل هو منصة قضاء نارية مُدخِّنة، والقانون أيضًا هو شريعة نارية، ومَن خالفه يموت بدون رأفة ( عب 10: 28 )، والله هو القاضي العادل الذي لا يعرف إلى الرشوة أو إلى اعوجاج القضاء سبيلاً، فكانت النتيجة أن: «كل تعدٍّ ومعصية نال مُجازاة عادلة» ( عب 2: 2 ). «بل قد أتيتم» .. لقد سَرَد الرسول بالوحي ثمانية أمور مباركة، أتى إليها «شركاء الدعوة السماوية»، على رأسها: «جبل صهيون»، وما جبل صهيون، بالمقابلة مع سيناء، إلا رمز لمبدأ معاملات الله بالنعمة، لماذا؟ في المزمور الثامن والسبعين، نقرأ ملخصًا بليغًا لشر إسرائيل في مختلف محطات حياته، فبحسب استحقاقهم خسروا سُكنى الله في وسطهم، بل وجلبوا قضاءه عليهم، «رذل إسرائيل جدًا، ورفض مسكن شيلوه». وهذا ما حدث في أيام عالي الكاهن. ولكن عاد بالنعمة، فاختار: «جبل صهيون الذي أحبه» ( مز 78: 68 )، ليسكن في وسطهم من جديد، فالرحمة تعفي الإنسان من القضاء الذي يستحقه، وأما النعمة فتهبه ما لا يستحقه، والأروع من هذا، أنها وهبتنا المسيح الذي لم نكن نحلم به. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|