رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور
إنجيل القدّيس لوقا 17 / 20 – 37 سَأَلَ الفَرِّيسيُّونَ يَسُوع: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ الله؟». فَأَجَابَهُم وَقَال: «مَلكُوتُ اللهِ لا يَأْتِي بِالمُرَاقَبَة. وَلَنْ يُقال: هَا هُوَ هُنا، أَوْ هُنَاك! فَهَا إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ في دَاخِلِكُم!». وقَالَ لِلْتَلامِيذ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ تَشْتَهُونَ فِيها أَنْ تَرَوا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان، وَلَنْ تَرَوا. وَسَيُقالُ لَكُم: هَا هُوَ هُنَاك! هَا هُوَ هُنَا! فَلا تَذْهَبُوا، وَلا تَهْرَعُوا. فَكَمَا يُومِضُ البَرْقُ في أُفُق، وَيَلْمَعُ في آخَر، هكذَا يَكُونُ ٱبْنُ الإِنْسَانِ في يَوْمِ مَجِيئِهِ. وَلكِنْ لا بُدَّ لَهُ أَوَّلاً مِنْ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيَرْذُلَهُ هذَا الجِيل! وَكمَا كانَ في أَيَّامِ نُوح، هكذَا يَكُونُ في أَيَّامِ ٱبْنِ الإِنْسَان: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، إِلى يَوْمَ دَخَلَ نُوحٌ السَّفِينَة. فَجَاءَ الطُّوفَانُ وأَهْلَكَهُم أَجْمَعِين. وكَمَا كانَ أَيْضًا في أَيَّامِ لُوط: كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون. ولكِنْ يَوْمَ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُوم، أَمْطَرَ اللهُ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَهُم أَجْمَعين. هكَذَا يَكُونُ يَوْمَ يَظْهَرُ ٱبْنُ الإِنْسَان. في ذلِكَ اليَوْم، مَنْ كانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ في البَيْت، فَلا يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا. وَمَنْ كانَ في الحَقْل، فَكَذلِكَ لا يَرْجِعْ إِلى الوَرَاء. تَذَكَّرُوا ٱمْرَأَةَ لُوط! مَنْ يَسْعَى لِكَي يَحْفَظَ نَفْسَهُ يَفْقِدُها، وَمَنْ يَفْقِدُ نَفْسَهُ يَحْفَظُهَا حَيَّةً.أَقُولُ لَكُم: في تِلْكَ اللَّيْلَة، يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر. وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى». فأَجَابُوا وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى أَيْنَ يا رَبّ ؟». فَقالَ لَهُم: «حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور». التأمل:«حَيْثُ تَكُونُ الجُثَّة، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُور». لا نسمع في هذه الأيام سوى أخبار الموت والنكبات، ولا نشاهد سوى صور الجثث المنتشرة في المستشفيات والشوارع، وكأننا نعيش وسط الموت لا بل في أتون نار لا يهدأ ولا ينطفىء… ماذا حصد الطوفان أيام نوح سوى الموت؟! وماذا أكلت النار في سدوم وعمورة سوى الحياة؟! واليوم بطريقة ممنهجة ومقصودة لا يجتمع الناس إلا وتكون رائحة القبور بينهم وأخبار الجثث على شفاههم!!! كانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُون، وكانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُون، وَيَشْتَرُونَ وَيَبيعُون، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُون أما اليوم “يَكُونُ ٱثْنَانِ عَلَى سَرِيرٍ وَاحِد، فَيُؤْخَذُ الوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَر. وٱثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى” تسلل الموت الى مخادع عقولنا قتل عندنا الرجاء وصنع فينا شرا فاق ما فعلته جميع الحروب… بعد إنتهاء الحرب الكورية قام الجنرال وليام ماير المحلل النفسي في الجيش الأميركي بدراسة واحدة من أعقد قضايا تاريخ الحروب في العالم. فقد تم أسر و سجن حوالي ألف جندي أميركي في تلك الحرب و تم وضعهم داخل مخيم تتوفر فيه كل مزايا السجون من حيث المواصفات الدولية. هذا السجن لم يكن محصوراً بسور عال كبقية السجون بل كان يمكن للسجناء محاولة الهروب منه إلى حد ما و الأكل و الشرب و الخدمات متوفرة بكثرة و بدون تعذيب جسدي … لكن التقارير كانت تشير الى عدد الوفيات في هذا السجن أكثر من غيره من السجون هذه الوفيات لم تكن نتيجة محاولة الفرار من السجن بل كانت ناتجة عن موت طبيعي !. الكثير منهم كانوا ينامون ليلاً و يطلع الصباح و قد توفوا !.. و قد استطاع “ماير” أن يحصل على بعض المعلومات و الاستنتاجات من خلال هذه الدراسة :- 1- كانت الرسائل و الأخبار السيئة فقط هي التي يتم إيصالها الى مسامع السجناء أما الأخبار الجيدة فقد كان يتم اخفاؤها عنهم. 2- كانوا يأمرون السجناء بأن يحكوا على الملأ إحدى ذكرياتهم السيئة حول خيانتهم أو خذلانهم لأحد أصدقائهم أو معارفهم. 3- كل من يتجسس على زملائه في السجن يعطى مكافأة كسيجارة مثلاً … لقد كشفت التحقيقات أن هذه التقنيات الثلاثة كانت السبب في تحطيم معنويات الجنود الى حد الوفاة حيث أن :- 1. الأخبار المنتقاة ( السيئة فقط ) تفقدهم الأمل بالنجاة والتحرر . 2. كشفهم أخبار الخيانة أو التقصير أمام الملأ و العموم أفقدتهم إحترامهم لأنفسهم و إحترام زملائهم لهم . 3. تجسسهم على زملائهم قضى على عزة النفس لديهم ورأوا انفسهم بأنهم عملاء ليس إلا. كانت هذه العوامل الثلاث كفيلة بالقضاء على الرغبة في الحياة ووصول الجندي إلى حالة اليأس القاتل والموت الصامت… ونحن اليوم لا نسمع سوى أخبار كورونا، ولا نراقب سوى الأسعار المرتفعة ولا نسأل إلا عن العملة المنهارة والمؤسسات المقفلة والمدارس المغلقة وفساد المسؤولين… زرعنا بذور الموت في داخلنا فماذا سنحصد سوى الموت!! لماذا لا نتوقف عن نشر ثقافة اليأس والابتعاد عن الجثث، فإذا كانت النسور تستطيع التحليق عالياً من العار عليها أن يكون عرشها الجثث البالية بدل السماء العالية؟! وإذا كان ملكوت الله في داخلنا فعار علينا أن نعيش الموت ونحن أحياء نتربع على عرش من رجاء وإيمان ومحبة… هنيئًا لِمَنْ يَهتَمُّ بِالحِكمَةِ… ويكْشِفُ أسرارَها. يَسعى وراءَها كالصَّيَّادِ، وباَنْتِظارِها يكْمُنُ في الطَّريقِ. يَسرِقُ النَّظَرَ إلى شبابيكِها، ويَتَسَمَّعُ خَلْفَ أبوابِها. يَجعَلُ سُكْناهُ بِقُرْبِ بَيتِها، وفي حائِطِها يَغرِزُ وَتَدًا. لِيَنصُبَ خَيمَتَهُ بِجانِبِها وفي أسعَدِ حالٍ يعيشُ.(يشوع بن سيراخ 14 /20 – 24) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|