إنَّ الأمواج لعارمة والعاصفة تزمجر. إلا أنَّا لا نخشى الغرق: إنَّا لمُنتَصِبون على صخر. ما اهتاج البحر وأزبد. فلن يفُتَّ ذلك الصخر؛ ما تتعالَ الأمواج، لا يسَعْها أن تبتلع سفينة يسوع. ممَّن نخاف، قولوا لي؟ من الموت؟ “حياتي هي المسيح والموت رِبْحٌ لي”. منَ النَفْي؟ “للربِّ الأرضُ وملْؤْها”. من اغتصاب الأموال؟ “إنّا لم ندخل العالم بشيء، ومن البيِّنِ أننا لا نخرج منه بشيء”. هَوْل العالم بالاستهزاء أجبَهُهُ، أمّا أمواله فأحتقرها. لا يُخيفني الفقر، والثروة لا أشتهيها. لا أرهَبُ الموت، لا أطلبُ الحياة.
لا شيء يمكنه أن يفصل بيننا. ما جمعه الله لا يفرِّقه الإنسان. لقد قيلَ في الرجل والمرأة: يترُكُ الرجلُ أباه وأُمَّه ويلزم امرأته. وكلاهما يصيران جسداً واحداً. إذن، “ما جمعه الله لا يفرِّقه الإنسان”. إن كنتَ لا يسعُكَ أن تحُلَّ وثاق الزواج، فلأَنْ تعجِزَ عن أن تحطِّمَ الكنيسة أَوْلى؟!… أما فهِمْت كلمة الرب: “إذا اجتمعَ اثنان أو ثلاثة باسمي، أكون فيمَا بينهم”. أفلا يكونُ الرَّبُّ ما بين شعبٍ كبيرٍ تشدُّهُ وشائجُ المحبة؟ فلقد نالَني الربُّ بعُربونٍ عن شعبه. إذن، هل بقوايَ أنا واثق؟ في يَدَيَّ كتابه؟ ذلكم مُعتمدي، هذا أماني، هذا مينائي الهادي. لئن تتزعزع المسكونة بأسرها، فلأتناولنَّ هذا الكتاب، أعودُ أقرأُه: إنه لَحِصْني، إنه لمَأمَني. ما قِوامُه؟ إني معكم كلَّ الأيام إلى منتهى الدهر.
إنَّا لجَسَدٌ واحد، والأعضاء لا تكون بدون الرأس، ولا الرأس بدون الأعضاء. بُعْدُ الشِقَّة يمكنه أن يفصلنا، لكنَّ المحبة تشدُّنا برباط لا قُدرةَ للموت نفسه على أن يقطعه. متى يَمُتْ جَسَدي تَحْيَ نفسي وتتذكَّر شعبي.