رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرّوح القدس، المحبّة الإلهيّة الغامرة حاجة ماسّة لاكتمال إنسانيّتن ا وانطلاقها نحو قلب الله. ويتحدّد هذا الاكتمال بمقدار ما نسمح لهذه المحبّة أن تجدنا وتسكننا وتطهّرنا من كلّ دنس فكريّ ونفسيّ وروحيّ . فالدّنس لا يقتصر على جانب محدّد ولا يختزل الظّاهر الإنسانيّ، وإنّما يشمل الكيان الإنسانيّ كلّه. - الدّنس الفكريّ: يتخبّط الإنسان بأفكاره وشكوكه واختباراته ولا يستكين إلّا إذا ثبت بالمحبّة. ولا نعني بالدّنس قدرة الإنسان على النّمو الفكري، والشّكّ التحليلي الّذي يبلّغه اليقين. وإنّما نعني تلك الأفكار المتكبّرة الّتي تفصله عن الله، فيرفض محبّته ويستبعده من حياته. الدّنس الفكري هو الأخطر لأنّه أولى الخطوات نحو الخطيئة. وإذا ما تخطّت الخطيئة الفكر وتُرجمت إلى فعل شوّهت النّفس وأهلكت الرّوح. " ورأت المرأة أنّ الشّجرة طيّبة للمأكل وشهيّة للعين، وأنّها باعثة للفهم ، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت زوجها أيضاً، وكان معها فأكل." ( تك 6:3). الخطيئة الفكرة حاضرة في ذهن المرأة إلى أن مدّت يدها وأخذت الثّمرة وأكلتها وأعطت زوجها . بدأ الدّنس بالفكر حتّى تسرّب إلى الجسد كلّه ، بل عطّل حرّيّة الرّوح وأعمى البصيرة عن التّمييز بين الحقّ والباطل. وفي (متى 28:5): " كلّ من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه." يربط الرّبّ في هذه الآية الخطيئة بالنّيّة الفكريّة والقلبيّة معاً ، ليؤكّد لنا مصدر الخطيئة. والدّنس الفكري هو كلّ ما يعطّل المحبّة باتّجاه الله والإنسان، بل كلّ ما يسهم في الشّك بهذه المحبّة والثّقة بها. - الدّنس النّفسي: ثمّة ما يرهق نفوسنا من رغبات وعواطف نستسلم لها لتلبية لذّتنا الشّخصيّة بعيداً عن الخير الّذي يريده الله. وتتراكم هذه الرّغبات ويتراكم معها الدّنس النّفسي لنتحوّل إلى سجناء داخل أنفسنا. "النّفس الّتي تخطئ هي تموت" (حزقيال 18: 4، 20). فالموت الحقيقيّ هو ذاك الّذي يهلك النّفس لأنّها انقطعت عن المحبّة الإلهيّة واستسلمت لأناها. وأخطر مجرّب للإنسان أناه؛ يعزّز الكبرياء والتعالي، ويصوّر للإنسان أنّه قادر على الاكتفاء الذّاتيّ بعيداً عن الله. - الدّنس الرّوحي: الدّنس الرّوحي هو القطيعة النّهائيّة بين الإنسان والله. يقول القدّيس بولس في رسالته إلى أهل أفسس: "امتلئوا بالروح، مكلّمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحيّة مترنّمين ومرتّلين في قلوبكم للرّب." (أفسس 19،18:5). (امتلئوا بالرّوح) أي اغرفوا من محبّة الله اللامتناهية، واجعلوها متأصّلة فيكم. وسنذهب إلى أبعد من ذلك لنقول: "حافظوا على روح الرّب فيكم" لأنّ الكتاب يقول: " ويكون بعد ذلك أنّي أسكب روحي على كلّ بشر فيتنبّأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيّام" (يوئيل 2: 28). (أعمال 18،17:2). روح الرّبّ في الإنسان يؤكّد على الاتّحاد الإلهيّ الإنسانيّ، فالإنسان ليس مادّة جسدانيّة وحسب، وإنّما فيه ما هو إلهيّ، روح الله . وإذا انقطع الإنسان عن هذه الرّوح، وأفرغ ذاته منها، انقطع عن الله أي عن الحياة، وأمسى جثّة تتنفس. فيا أيّها الملك السّماويّ، روح الحقّ الحاضر في كلّ مكان المالئ الكلّ ، كنز الصّالحات ورازق الحياة. هلمّ واسكن فينا، وطهّرنا من كلّ دنس، وخلّص أيّها الصّالح نفوسنا. أمين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هلمّ يا روح التقوى وحلَّ فينا لنقوى |
رازق الحياة هلم واسكن فينا |
يا يسوع تعال واسكن فينا |
هلمّ ورائي!. اتبعني |
هلمّ يا أبا المساكين. هلمّ يا معطي المواهب |