رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَعالوا إليّ يا جميع المُتعبين والثَقيلي الأحمال وأنا أُريحكم (متّى 11، 20- 30) هذه الآية المشهورة هي إعلان مِن إعلانات يسوع المسيح، التي ظهرت في استجواب بين المتراسلين معنا كأعزّ جملة مِن يسوع، وأكثر معرفة من الآيات الأخرى. إنّما هذا النداء ليس إلا جزءاً ونتيجة مِن دعوة المسيح للتوبة الموجّهة إلى مُستمعيه في محيط بحيرة طبريّة، وإلى كلّ الذين يسكنون اليوم على شاطىء البحر المتوسط. مَن هُم الأكثر خطاة؟ كانت مدينتا صور وصيداء مشهورتين بعبادة الأصنام وسجود أهاليهما إلى عشتروت وبعل، وقدّموا لهما القرابين والتضحيات، إنما في حفلات هذه الهياكل حدثت أعمال مِن فحش وزنى وغيرها. أمّا يسوع فأوضح أنَّ كُفر أهالي منطقة الجليل ستكون أكثر بَشاعة مِن عبادة الأوثان للفينيقين، فليس الوثنيون أكبر الخطاة، بل المهملون والغير المستعدّين للتوبة. كان يسوع يَعظ كثيراً بين قريتي كورازيم وبيت صيدا فشفى المرضى، وطرد الشياطين مِن الملبوسين. أتى الرسل: يُوحنا ويَعقوب وفيلبس مِن بيت صيدا، وأما أكثرية أهاليها لم يشتاقوا إلى مسيح متواضع ووديع وروحاني، بل انتظروا محرّراً بطلاً قوياً من النير الروماني، ويقودهم منتصراً إلى الرفاهية والشهرة. أثبت يسوع حدوث دينونة الله التي يُكشف مِن خلالها كلّ خطيئة بدون شفقة ويُدان. يُعتبر عدم الإيمان بيسوع وخلاصه في هذه الدينونة أعظم خطيئة، ومستحقة أشدّ العقاب. ويمنع الكفر تدفّق نعمة الله إلى عالمنا الفاسد. نزل يسوع مِن مدينة الناصرة في الجبال إلى كفرناحوم ملتقى الطرق، وقريب مِن مصبّ نهر الأردن إلى بحيرة طبرية، وسُمّيَ هذا المكان المكتظ بالسوّاح والتجّار بمدينته المختارة. وسَكن هناك في فترة خدمته الدينية، وأتى الرسل أندراوس وبطرس ومتّى من هذه المدينة المهمة. أكثر المعجزات التي صنعها يسوع كانت في هذه المدينة ومحيطها. ولكن أكثر أهلها قبلوا أفعال الرحمة مِن الربّ يسوع بلا حماس، وبغير اهتمام. وكانوا في البدء مندهشين مبغوتين، عندما سمعوا كلمات يسوع، ورأوا عظائمه، ولكنّهم لم يتوبوا ويهتدوا، فاعتبروا أشغالهم ومشاكل عائلاتهم والضرائب عليهم أهمّ مِن الواعظ والشافي الغريب مِن قرية الناصرة المشتبه بها. أمّا يسوع فحكم على اهمال الفُجار، والاختلافات القبليّة بينهم، والبُغض ضد الرومان، وأعلن لهم أنّ أهل سادوم وعامورة مع فحشهم النجس واللوطيين المرفوضين، سيكون لهم يوم الدين أقلّ قصاصاً مِن أكثرية سكان كفرناحوم، لأجل عدم توبتهم، وثباتهم في الكفر. لماذا تُدفع أهل كفرناحوم إلى الجحيم؟ فإن سمعت مدينة أو منطقة لمدة طويلة الإنجيل، ولم تتب توبة نصوحة، ولم تلتجىء إلى مخلّص العالم ولا تقبل النجاة مِن غضب الله، فتنمو فيهم التقسّي، ويتطوّر إلى رفض، وبُغض ضدّ يسوع. عندئذ تتغلغل أرواح أبالسة ومذاهب نجسة إلى هذا المجتمع، وتسقط عليهم دينونة الله، ولا مفرّ منها، لأنّهم أصبحوا مُلحدين رغم تقواهم الظاهري. فإنْ سمعت بيروت ولبنان والقاهرة مع مدن النيل الإنجيل لمدة سنوات، ولم يتركوا إلههم "المال" ولم يتغلبوا على إلتزام العشائر، ويلتجئوا إلى يسوع المنجّي، ليغيّر ذهنهم، يبتدىء الإهمال بالمخلّص، ويتطور إلى الإستهزاء به، فدينونة الله تقرع على أبواب هذه المدن. لكنْ مَن يسمع نداء التوبة؟ ومَن يسمح ليسوع بأن يجدّده؟ الحمد مِن يسوع في هذه الحالة المرعبة سَبّح يسوع أباه السماوي، وسمّاه ربّ السماء والأرض، فمدحه لأجل عدالته وحكمته ولُطفه وتدخلّه في جريان تاريخ البشر. حمد يسوع أباه بالدموع. كان يفضّل أن يحمل جميع أهالي الساكنين حول شاطىء البحيرة إلى السماء، ولكنّهم لم يريدوا أن يتقدموا إليه، وبالآخر لم يقدروا أن يتوبوا. عظّم يسوع أباه رغم تقّسي المتكبرين المدّعين والمكتفين. إن دينونته عادلة وحق. وأعلن يسوع في صلاته، أن أباه أخفى وخبّأ سِرّ الإيمان الحق مِن أهل كفرناحوم، لأجل عدم استعدادهم للتوبة. وذكر خاصّة منهم الحكماء والفهماء والكتبة اللاهوتيين، والتجار الأذكياء، والمدبّرين المحتالين، الذين اشتروا السمك مِن صيّادي السمك وباعوها بالأرباح. فكان الله مضّطراً لأجل أبّهتهم ومراءاتهم، وتقواهم المزيّفة، أن يخفي أمامهم خلاص إبنه، وحقيقة الحياة الروحيّة. فظنّوا أنّهم أتقياء محترمين، وأفضل مِن المجرمين، وأصفى طبقات الشعب، فما أعظم غرورهم! العكس هو صحيح. فالخاطىء التائب هو أقرب مِن الله مِن المدّعين الأبرار مِن ذواتهم. شهد يسوع بنفس الوقت مَن هم المختارون، الذين يدركون سِرّ الله وَجوهر المسيح. سماهم أطفالاً بمعنى لم يصلوا بعد إلى الرشد الروحي، فيشتاقون إلى معرفة الله، ويجوعون إلى بِرّه. هؤلاء هم طلاب خلاص الله، وينالون الإعلانات مباشرة مِن الآب السماوي، كما وعد الله سابقاً:"تطلبونني فتجدونني إن تطلبونني بكل قلبكم" (أرميا 29، 13). مَن يُباهي بأنه حصل على شهادات عالية مِن المعاهد والجامعات، أو يعرف أقسام الكتاب المقدس غيباً، أو يخصّ عائلة محترمة، هو يشرف على الخطر أكثر بأنه يصبح أعمى روحياً. ولكنْ مَن يقرأ في الإنجيل ويفتّش عن الحق، ويؤمن بما يقوله الربّ يخلص، حتّى وإن كان خاطئاً كبيراً أو محتقراً مِن الآخرين. حمد يسوع أباه لأنّه خبّأ حقيقته، وخلاصه، مِن حكماء العالم وأذكياء المدارس، ولكنّه أعلن الإيمان المُخلّص للأطفال بالرّوح. نطق يسوع بقلب ثقيل الكلمة الصعبة " نعم " لهذا التقّسي مِن الأتقياء المغرورين والأذكياء المتباهين، ورأى في هذا التقّسي نتيجة وفَعل هذا لمسرّة أبيه. فليس الأقوياء والأغنياء والجميلات والعظماء والمهمّين هم مُختارو الله بل الصغار والمنكسرو القلوب والتائبون، الذين يؤمنون كالأولاد، هم المختارون مِن الآب السماوي. مَن ينظر إلى البيئة التي أتى منها رسل المسيح، يستطيع أن يجد جواباً عملياً على التّقسّي واختيار الله. كسب يسوع أغلبية تلاميذه مِن جماعة التائبين حول يوحنا المعمدان. لم يأتِ أحد مِن رسل المسيح مِن فئات المهندسين أو السياسيين أو الضباط أو اللاهوتيين، بل كان مختاروه صيّادي سمك ماهرين في الأعمال الشاقة، والمعتادين على ألفاظ ثقيلة، وكان بينهم العشارون المحتقرون لأجل اختلاسهم المال ظلماً، وخطأة معروفين، إنّما جميعهم تابوا توبة حقّة، واعترفوا بخطاياهم جهراً، وتعمّدوا في نهر الأردن رمزاً حيث لا مفرّ مِن غرق آدم القديم وحواء الذكيّة، ليقوم مِن الماء أناس جُدد، متطهّرين مِن الله. فيظهر بسهولة لأنّهم قد ماتوا لكبريائهم وشرفهم المزعوم. إعلان أسرار إيمان يسوع اعترف يسوع بصلاته أولاً، أنّ الله، خالق السماء والأرض، هو أبوه. فنزل مخلّص العالم مِن الروح القدس في مريم العذراء. لذلك يكون يسوع إلهاً مِن إله، نوراً مِن نور إلهاً حق مِن إله حق، مولوداً غير مخلوق، ذا جوهر واحد مع الآب. أوضح يسوع في إعترافه عن ألوهيته أنّ أباه القدير دفع إليه "الكلّ". وماذا تعني الكلّ؟ تقصد هذه الشهادة أولاً الخلاص لجميع الناس، وأيضاً الدينونة على كل فرد لا يقبل الخلاص المجاني طوعاً. تشمل هذه الكلمة تاريخ العالم منذ بداية الخلق حتّى اكتمالها. يتضمّن هذا التفويض السماوات وجهنّم، الموت والشيطان والخطاة والمؤمنين مع الملائكة والأبالسة. عينّه الآب السماوي كملك الملوك وربّ الأرباب، ودفع إليه كلَّ سلطان في السماء وعلى الأرض.لا نستطيع أن نستقصي ونفهم عظمة وعمق هذه العبارة بعقولنا المحدودة. إنّما مِن الضروري أن نُدرك بأن يسوع لم يأخذ الكلّ عنوة، بل استلمه مِن أبيه متواضعاً، فوحدة الثالوث الأقدس هي أساس كياننا. أكّد يسوع لنا أن ليس أحد على الأرض وفي السماء يعرفه حقاً، إلا أبوه.فلا نقدر أنْ نتصّور سلطان يسوع، ومزاجه، وإرثه الروحي في جسده، لأنّ الله العظيم المجيد هو أبوه، وحلّ فيه ملّ اللاهوت جسدياً. فأهل كفرناحوم لم يُدركوا ألوهية المسيح بسهولة، لأنّ يسوع تجوّل بينهم بِهيئة إنسان، متواضع فقير وبلا مُلك. ولم يروا إلا إنساناً لا إلهاً! فعاثوا فساداً ضد دعوته وقوله، أنّه هو إبن الله الوحيد. فغضبوا وسمّوه مجدّفاً، ملبوساً. أمّا أتباعه فادركوا في معجزاته وكلماته، ومحبته وحقّه، مصدره الإلهي، وأيقنوا أنّ يسوع ليس إنساناً عادياً، بل هو إله في هيئة إنسان. البسطاء والمشتاقون إلى المحبة والقداسة، هم الذين شعروا وأدركوا وآمنوا واعترفوا بأنّ يسوع هو بالحقيقة إبن الله الحي. أكَّد يسوع لهم أنْ لا أحدَ إلا أبوه يعرفه في أعماق قلبه. عنده البصيرة إلى ملئه وقدرته وجلاله. إنّ الآب ظهر وتجلّى في إبنه. فلا أحد يدرك الله إلا الله. بدون روح الله لا يستطيع أحد، أن يسمّي المسيح رباً. فلا بالعقل ولا بالنقل بل بالوحي الإلهي يحلّ الإيمان الصحيح بالقلوب. وأحبّ الآب إبنه الوحيد، ووثق به حتّى استودع الكل بين يديه. أعلن يسوع في نفس الوقت بأن لا أحد يعرف الآب، إلا المسيح إبنه. لم يدرك أحد صفات الله جميعاً ولا يملكها "إلا يسوع". ويعني هذا الإعلان المثير، أنّ جميع مؤسسي الأديان والفلاسفة المشهورين، لا يعرفون بالضبط مَن هو الله. يعترفون بوجود خالق، وبعمل مقدِّر، وضرورة ديّان، ويرجون رحمته في الدينونة، ولكن لا يعرفون مَن هو القدير بالحقيقة، إلا إبنه فهو يعرفه! أوضح يسوع لأتباعه كيف يعرف أباه. هو رآه بعينيه، وسمع كلماته بأذنيه، فلا يكرز بكلماته الخاصّة، وأرائه البرّاقة، بل أعلن ما قاله الآب. فعل الإبن ما أراه أبوه. لذلك اعترف يسوع بأنّ الله الآب هو الكامل، الرحيم، الحق، الحياة، الروح البارّ، وجَمع كل هذه الصفات في كلمة واحدة "الآب"! فالآب هو يكون الهيئة للمحبة الشرعية، ويدلّ على مَن يحلّ المسؤولية لعائلته. نقرأ مئتي مرة في أقوال يسوع في العهد الجديد كلمة "الآب"، أربع وأربعون مرّة في الإنجيل حسب متّى، وأربع مرات في الإنجيل حسب مرقس، وسبع وعشرون مرّة في كلمات يسوع عند لوقا، ومئة وسبع عشرون مرّة في سجلات يوحنا. يسمّيه يسوع الآب أو أبي أو أبانا أو أبوكم أو أبوك، وأمّا في صلواته فسمّاه "يا أبتاه" في صيغة الأطفال. اسم الآب هو محور وخلاصة عقيدة الإيمان بيسوع المسيح. يعرف يسوع أباه ويريد أن يقرّبنا إليه ويعلن لنا هذا السِرّ العظيم فمن يدرس كلمات المئتين عن الآب في الكتاب المقدّس، ويحفظها في قلبه، يشعر قليلاً مِن عمق اللاهوت، ويلاحظ أن الآب يحبّ الإبن، والإبن يحب الآب، ولم يتكلم ولم يعمل المولود وحيداً مِن الآب شيئاً مِن ذاته مِن دون إرادة أبيه. يعمّ الوئام والسلام بين الآب والإبن. فليس هناك تكبّر أو أبّهة أو مقاصد الإستقلال ولا عناد، بل محبة مجرّدة، وحق عميق، وتواضع مخلص، وطاعة طوعية، ووداعة حرّة. إن الروح في المسيح هو الروح القدس، ومَن يفتح نفسه لبشارة الإنجيل، لذلك يُعلن الأبن وحدته مع أبيه، في قوة وإرشاد الروح القدس. إن في الله الواحد في الثالوث القدوس، تتدفق ينبوع الحياة، والشفاء لعالمنا المضّطرب الملحد. دعوة إبن الله للجميع يعرف يسوع قلوب الناس، وما فيها، ويُبصر الهموم والآثام، والإرتباطات والضيقات والإنزعاج في كل نواحي الحياة، فلا يعمّ سَلام في قلوب الناس. لذلك يدعو يسوع الجياع إلى البِرّ، واليائسين مِن صوت ضميرهم، وكلّ الذين يخافون مِن دينونة الله:"تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين، والثقيلي بخطاياكم الخبيثة، والمتألمين مِن مشاكل حياتهم المميتة. تعالوا إليَّ يا كلّ الذين ينكسرون أمام قداسة الله، أنا يسوع ابن الله الحيّ أستطيع، وأريد أن أعينكم. أقدر أن أمنح لنفوسكم راحة دائماً. إني أنا رئيس السلام. أموت عِوضاً عنكم في قصاص الدينونة، وأنجّيكم مِن الموت الحتمي، وأحفظكم مِن مَكر الشيطان، وأطفىء غضب الله بذبيحة نفسي كفّارة عنكم. أنا فاديكم. لا تبقوا منفردين، لأني المخلّص، المرسل مِن الله إليكم. وياللعجب، لا يدعو يسوع كل الناس إليه، بل المتعبين والمَحزونين والمعذّبين، بينما الأخرون لا يأتون، ويكتفون بأنفسهم. فقط مَن يشتاق إلى الله وسلامه يجد عند إبنه تعزية شافية، والحياة الأبدية. أمّا الشباع والأقوياء والأذكياء والأتقياء المدّعين، والجميلات يظنون أنهم لا حاجة لهم إلى يسوع، ولا ينكسرون إلى بِرّهم الذاتي، وريائهم الخدّاع. ولا يسجدون أمام القدوس، ولا يؤمنون بكلماته. اقترح يسوع على الذين يأتون إليه:"احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي". تعني هذه الجملة الغريبة، أنّ يسوع لا يأخذ مِن المتعبين والمعذبين شيئاً مِن أثقالهم، بل يزيد عليهم نيره الخاصّ. النير يشبه الصليب المحمول مِن شخصين. لم يحمل يسوع صليبه منفرداً، بل مع أبيه دائماً. عاش مع القدير في شركة نيره. كان متحداً مع أبيه في وحدة العمل الشاق، فكلاهما يفلحان الأرض ويزرعانها ويحصدان البشر. يدعو يسوع كلّ واحد يحاول أنْ يفدي نفسه بنفسه ويقول له:"تعال إليّ، واحمل معي نيري، عِشْ معي في شركة العمل والمحبة، امشِ معي تحت النير إلى حيث أسير أنا، قِف معي أينما أقف، ترتّل أوتصمت، تصلي وتسمع، تخدم وترتاح معي، كما أعيش معك. أنا مستعدّ أنْ أحمل نيرك، مع مشاكلك، وأحملك أنت بذاتك. اثبت في الشركة الوثيقة مع أبي وأنا. سلّم لي استقلالك المزعوم، واكشف لي خطاياك. ارتبط بإبن الله، الذي ربط نفسه بك، ومهر العهد الجديد معك بدمه الثمين. لا تخجل به، ولا تهمل حظّ حياتك. يعلّمك يسوع أنّ السير والحياة تحت نيره يحتاج إلى تواضع ووداعة وإلا يكون عندك وجع في عنقك. إن كان الثور أوالجمل أوالحمار تحت النير يمشي بسرعة وباتجاه آخر مِن شريكه تحت النير فإمّا أنْ ينكسر النير أو العنقين! فالتواضع يعني الشجاعة في الخدمة.لا تفكّر أنك عظيم، ومهمّ، ولا أحد يقدر أن يحلّ مكانك. كلّنا باطلون بالنسبة لربنا يسوع. هو يحملنا مع نيرنا. في شركته يذوب كبرياؤنا. مَن يتكبر وينفجر في إحساسه، لا يعرف خطاياه بعد، ومَن يعرف الله وقداسته ومحبته يصغر، ويبقى صغيراً حسب الحقائق السماوية. وأما الوداعة التي يعلّمها يسوع لنا، فتعني أن لا ينفّذ الإنسان إرادته الخاصة بالعنف والمواظبة والحيلة، بل يخضع لخطّة أبيه السماوي. فخطّط لسفرياتك، وتطوّر في مهنتك، وزواجك، وكلّ نواحي حياتك ليس حسب فكرك الخاصّ، بل إسأل يسوع:"ماذا تريد أنت لأجلي؟" إمنح له أن يحكم مقاصدك، ويبارك نواياك، ويحفظ خطواتك. سلّم له مقود حياتك كاملاً وأبداً بين يديه، فتصل حتماً إلى هدف حياتك. عندئذ تختبر أنّ غفران يسوع يطهّر قلبك، وأنّ سلامه يملأ ضميرك، فتعيش في راحة روحية، بدون كسل بل سلام. وتُدرك مندهشاً أنّ الله العظيم هو أبوك الشخصي، إنّه قبلك بالتبني، ويجددك بروحه القدّوس، ويشهد لك بذهنك أنّك ابن أو ابنة الله. لم يصدر هذا التطور مِن تلقاء نفسك، بل ينتج مِن نعمة يسوع المسيح، ومحبة الآب، وشركة الروح القدس، في الذين يُلبّون دعوة يسوع، ويأتون إليه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|