رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس يوحنا الذهبي الفم عاش القديس يوحنا الذهبي الفم وخدم وكرز في مراحل مصيرية من تاريخ الكنيسة المسيحية. وُلد القديس يوحنا حوالي سنة 350م. في إنطاكية بسوريا، بعد فترة وجيزة من إرساء المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية على يد قسطنطين، في مدينة تتلاقى فيها الحضارة اليونانية مع الثقافات المختلفة للشرق. وقد تأسست كنيسة إنطاكية على يد القديس بولس وزارها القديس بطرس، وتألقت بأسقفية القديس أغناطيوس لها (حامل الإله God-bearer) - استشهد عام 107م - وكانت إنطاكية تعتبر المدينة الثالثة للإمبراطورية الرومانية. وذلك حتى بزوغ مدينة القسطنطينية. وتعداد سكانها حوالي ثلاثمائة ألف نسمة معظمهم يونانيون، وأيضًا سوريون وفينيقيون ورومان ويهود وغيرهم. وكان على المسيحية آنذاك أن تتنافس مع عدد من الديانات الأخرى، وأيضًا مع ما للعالم الدنيوي من جذب المسارح والملاهي وسباقات الخيل. وشكلت الزلازل وغزوات الفرس خطر دائم على المدينة. وقد كانت مدينة إنطاكية مدينة مزدهرة بحكم موقعها بين الطرق التجارية، ويوجد بها عائلات غنية جدًا وعائلات فقيرة جدًا، ولكن الأغلبية كانت في وضع مالي جيد[2]. وكانا والدا القديس يوحنا مسيحيون ومن المواطنين البارزين (الأشراف). ولكن والده توفي وهو بعد طفل صغير؛ فكرست والدته أنثوسا نفسها لتنشئة ابنها وتزويده بكل التعاليم الدينية والأخلاقية الأساسية وقد تلقى القديس يوحنا تعليمه من الحضارة القديمة. وكانت قراءاته تتضمن الكلاسيكيات العظيمة للوثنية اليونانية. ولم يتعلم أي لغة أخرى غير اللاتينية لغة المعاملات الرسمية للإمبراطورية، والسورية التي يتكلمها الأهالي المحليون. وكان معلمه ليبانيوس أشهر خطباء عصره. وكانت خطبه تجتذب أعدادًا كبيرة من حشود المستمعين، وقد أصبحت لعظات يوحنا فيما بعد نفس الاستقبال الجماهيري، وكان تعليمه الكلاسيكي يظهر أحيانًا كذكره للشعراء القدامى، مثل هوميوس، وكتلميحات عن الفلاسفة أمثال صولون وسقراط وديوجيه. أما في تعليمه الأخلاقي فإنه يمزج بين روحانية العهد الجديد وبين تعاليم ونواميس الذين نادوا بأن الفضيلة هي وحدها الخير الحقيقي والصلاح الوحيد، وأن الحكمة هي المصدر الوحيد للحرية الحقيقية والغنى الحقيقي. ولم يكن العماد في القرن الرابع الميلادي معمولاً به بالضرورة في فترة الطفولة [بالرغم من الشواهد الكتابية على ضرورته في الطفولة المبكرة]، ففي هذا الوقت كان الآباء المسيحيون يتركون أطفالهم بين الموعوظين (طالبي العماد) حتى إذا ما بلغوا مرحلة البلوغ فإنهم يختارون هم بأنفسهم نوال المعمودية، فتُدرج أسمائهم بين المرشحين للمعمودية في الفصح المسيحي التالي، وتحت رعاية رئيس كنيسة إنطاكية المحبوب القديس مليتيوس. نال يوحنا المعمودية وهو في حوالي العشرين من عمره، وبعد سنوات قليلة سيم قارئًا، وفي مدرسة إنطاكية التي كان يرأسها ديؤدور (أسقف طرسوس فيما بعد)، وجه القديس يوحنا كل اهتماماته للدراسات الدينية معطيًا الأولوية للإنجيل. ومن بين زملائه في مدرسة إنطاكية ثيؤدور (أسقف موبسويست فيما بعد). هؤلاء الرجال أخذوا على عاتقهم تفسير الكتاب المقدس بالمنهج الأنطاكي مؤكدين على المعاني الحرفية والتاريخية للآيات، وفي حدود استخدموا المذهب الرمزي الذي أنشأه أوريجينوس ومفسري الإسكندرية. تلميذ آخر من مدرسة إنطاكية هو نسطور الذي أُدين كهرطوقي في مجمع أفسس سنة 431م. وقد أَلقت إدانته الشكوك، وربما عدم الاستحقاق على أرثوذكسية ديؤدور وثيؤدور. ولم يكن القديس يوحنا يهتم بتفاصيل المجادلات اللآهوتية، ولكنه كا يستخدم المذهب الأنطاكي (الحرفي - التاريخي) في التفسير ليرتقي بالسلوك المسيحي في الحياة. ألحت أنثوسا والدة يوحنا عليه ألا يتركها، ويتجه للرهبنة طالما هي باقية على قيد الحياة. اندفع يوحنا بعد وفاة والدته إلى حياة النسك مع إحدى الجماعات الرهبانية الناسكة بين التلال بجوار مدينة إنطاكية. وتحت إرشاد راهب سوري شيخ، قضى القديس يوحنا أربع سنوات في التدريب على حياة النسك. عندئذ اعتزل ليتوحَّد في مغارة منعزلة. ولكن بعد عامين ألزمته صرامته الشديدة في النسك بالعودة إلى إنطاكية - ربما هذا الوقت الذي قضاه في التأملات الروحية قد ساعده أن يكتشف موهبته الحقيقية كراعي ومعلم. ففي العشرين سنة التالية خدم كنيسة إنطاكية كقارئ وشماس (دياكون) وكاهن. ففي السنوات التي قضاها كقارئ وشماس (دياكون) تعرف على أهالي المدينة، وكان يقوم بعمله بالمشاركة في خدمة الأسرار الإلهية، وفي جمع وتوزيع الصدقات، ومساعدة وإرشاد الموعوظين (طالبي العماد). وقد تعرف من خلال خبرته على مدى معاناة الفقراء والمرضى، وكان يهاجم غطرسة الأغنياء. وسنة 386م رسم فلافيان (الذي خلف مليتيوس كأسقف لأنطاكية) القديس يوحنا للكهنوت وعهد إليه القيام بالوعظ. واعتاد الكاهن يوحنا أن يعظ يوم الأحد في القداس الإلهي، وفي بعض الأحيان في عشيات يوم السبت، وفي القداسات التي تقام في الأعياد المقدسة. كما اعتاد أن يعظ في الصوم الكبير كل يوم في العشية. وقد كان جليًا وواضحًا حب الشعب له، وكانت لعظاته من الشهرة ما يفوق شهرة المسارح والملاهي والسباق، وغالبًا ما كانت جموع المستمعين تقاطعه أثناء العظة بالتصفيق. ولم يكفوا عن ذلك بالرغم من نصحه لهم بعدم ممارسة ذلك. وقد وجه اللوم للناس الذين يحضرون بداية القداس فقط ويغادرون بعد انتهاء العظة مع الموعوظين، فإنه لم يرد للمؤمنين أن يستعيضوا بسماع عظاته عن المشاركة في صلوات القداس الإلهي والأسرار المقدسة. وكان الشعب يتوقع منه عظات طويلة وبليغة، فكان يؤدي هذا إلى إطالة وقت القداس ككل حتى ولو بحسب مقياس الطقس الأرثوذكسي. وبجانب الوعظ وخدمة الأسرار المقدسة كان يوحنا يولي كل فرد في الشعب وبصفة شخصية اهتمامًا وإرشادًا روحيًا. يذكرهم ويحثهم على قراءة الإنجيل بانتظام. وقد عرفنا من خلال بعض الأزمات العامة التي مرت كيف قاد مع الأسقف الشعب، وأيضًا في كثير من الأزمات الخاصة لمسوا مدى اهتمامه الرعوي. انتهت خدمة يوحنا الكهنوتية في إنطاكية نهاية مفاجئة عندما توفى القديس نكتاريوس بطريرك القسطنطينية سنة 397م. فمن هنا كلفت بداية اقتحام يوحنا على غير إرادته في السياسة والأمور الإكليريكية والدنيوية في عاصمة الإمبراطورية، وأيضًا بداية متاعبه. فقد اختطف من إنطاكية، خوفًا من أن تمنع جماهير الناس رحيله. وسيم أسقفًا على القسطنيطينة سنة 398م. ولا نعرف بالتحديد مدى معارضته لهذا الأمر، ولكن يبدو أنه لم تُترك له فرصة الاختيار، وتقبلته جموع الشعب في القسطنطينية كما كان في إنطاكية. وكان عليه أن يواجه طموح بعض الأساقفة والحاشية والبلاط والإمبراطورة أفدوكسيا والبابا ثيؤفيلس الذي عأرض اختيار يوحنا لكرسي القسطنطينية، وأضمر له الضغينة. وإذ كانت أفدوكسيا متربصة بيوحنا، فلما هاجمها (بأن) شاجب حياة البذخ والفجور التي تسلكها، كان هذا كافيًا لإرسال القديس يوحنا إلى النفي. ولكنه استمر في تشجيع المؤمنين برسائله عندما لم يصبح ممكنًا مخاطبتهم شخصيًا. توفي القديس يوحنا في 14 سبتمبر سنة 407م. يمجد الله كل حين. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ما هي قصة أذن القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |
القديس يوحنا الذهبي الفم |