« حينئذ كلم متقو الرب كل واحد قريبه والرب أصغى وسمع وكُتب أمامه سفر تذكرة للذين اتقوا الرب وللمفكرين في اسمه » (ملا16:3)
أيام ملاخي أُعطيت الرسالة الأخيرة للشعب قبل مجيء الرب لكي تتيقظ ضمائرهم إزاء حالتهم. وفى يومنا هذا قبيل مجيء الرب، فإننا نؤمن أن رسالة الله الأخيرة لشعبه هي نداء لإيقاظ الضمير تجاه حالتنا الأدبية والروحية، لكي يوجد على الأرض أولئك الذين يتوافقون مع مجيئه والذين بعواطفهم الصادقة يقولون « آمين تعال أيها الرب يسوع » .
وما يميز هذه البقية القليلة هو الحالة الأدبية. إنه ليس مركزهم الخارجي مهما كان صحيحاً أو خدماتهم الخارجية مهما اتصفت بالغيرة - هي التي منحتهم المصادقة من الرب، بل حالتهم الأدبية التي استحسنها الرب وجعلت لهم في نظره غلاوة ثمينة. وبكل تأكيد فإن الرب لا يستخف بالمركز الصحيح أو بالخدمة له. ولكن في آخر مرحلة من تاريخ شعبه عندما تفسد الشهادة الخارجية، فإن الرب يتطلع فوق كل شيء إلى الحالة الأدبية التي تتوافق مع نفسه.
إن الملاحظة الأولى المميزة لتلك البقية أنهم « اتقوا الرب ». وهذا نتبينه من المفارقة الهائلة مع جماهير الشعب المتدين الذين يحيطون بهم، والذين باعترافهم الديني مع هبوط مستوى تدريبهم الروحي، كشفوا عن مدى بعدهم عن مخافة الرب. لقد اعترفوا أن يهوه أبوهم وسيدهم، ولكن ما أبعدهم عملياً عن إكرامهم له كأبيهم، أو مهابتهم له كسيدهم (ملا6:1) . ولكن الرب يتطلع إلى البقية التقية وبسرور يعترف بهم أنهم « متقو الرب ». والرجل الذي يخشى الرب، إنما هو محكوم بالرب وليس بالناس. وهو يشير في كل شيء إلى الرب، والرب أمامه في كل طرقه. إنه لا يسمح لإنسان مهما كان مركزه ومهما كانت موهبته أن يقف بينه وبين الرب. وبالاختصار فإنه يعطى الرب حقه ومكانه المتفوق، وهذا شيء ثمين أمام الرب.
والملاحظة الثانية أنهم تكلموا « كل واحد (مع) قريبه » وهذه هي الشركة - إنها ليست شركة المركز الصحيح، بل بالحري شركة الحالة الأدبية الصحيحة. إنها شركة أولئك الذين « اتقوا الرب ». إن تدريبات النفس الروحية ومخافة وتقوى الرب بين أولئك البقية، تقودهم معاً في شركة مقدسة سعيدة.
والملاحظة الثالثة أنهم « المفكرين في اسمه ». إنهم لا يسعون لتعظيم أسمائهم، بل يجتهدون في إكرام اسمه. بينما الذين يحيطونهم، يحتقرون اسم الرب. فإن النفوس التقية غيورة جداً لأجل اسمه.