كيف تتجنب مصير ضحايا «أوليكس وإخوته»؟
- اختر الأماكن العامة لتسلم المنتج وتجنب الانبهار بالأسعار الرخيصة
- إذ وجدت بائعًا يُلح لمعرفة معلومات شخصية عنك فلا تستجب
- مطالب بفرض ضرائب على مواقع التسويق الإلكترونى وحصر هويات المعلنين
«خوف ترقّب غضب وحذر شديد» مشاعر متقاربة من بعضها إلى حدٍ كبير، سيطرت على عملاء مواقع التسويق الإلكترونى، بعدما تحولت هذه المواقع إلى ما يمكن اعتباره «معابر للموت»، بمقتل وإصابة «عملاء» أثناء تنفيذ «صفقات» سبق أن أبرموها على الوسيط الإلكترونى.
وتُعرف مواقع التسويق الإلكترونى بأنها وسائط لتسويق سلعة أو خدمة معينة على شبكة الإنترنت، وذلك بعرضها المنتج، ثم إتمام عملية البيع والشراء، عبرها، وأصبح أى شخص من خلال هذه المواقع قادرا على طرح هاتفه المستعمل أو جهاز الكمبيوتر الخاص به مثلًا، ليشاهده شخص آخر، ثم يطلبه عبر الموقع ذاته.
ويعد موقع «أوليكس» أحد أشهر مواقع التسويق الإلكترونى فى مصر، إلى جانب «جوميا» الذى لا يقتصر على تقديم وبيع نوع محدد من المنتجات، و«سوق كوم»، الذى يُعد من أضخم مواقع التسويق العربية، ويمتلك عدة وجهات فى مصر والسعودية والإمارات والكويت، فضلا عن «موضة نسا» للملابس النسائية.
«لاب توب» قتل طالب الهندسة إسلام: استدرجونى لسرقتى وأحمد: خدعونى واستولوا على الكاميرا
بعدما ادخر مبلغا من المال يسمح له بشراء جهاز كمبيوتر محمول «لاب توب»، يساعده فى إنجاز مهامه الدراسية والعملية، قرر الشاب «محمد أحمد عبدالعزيز»، الطالب بالفرقة الثانية فى كلية الهندسة، فتح مواقع التسويق الإلكترونى، للوصول إلى الأشخاص الذين يعرضون أجهزتهم المستعملة للبيع.
وأثناء تصفحه موقع «أوليكس» للتسويق الإلكترونى، وجد الطالب أحد الأشخاص يعرض جهاز «لاب توب» من ماركة «أبل»، بسعر مغرٍ، ما دفعه للتحدث معه، والتفاوض بشأن شرائه، واتفق معه على لقائه فى منطقة مساكن شيراتون لإتمام الصفقة.
فور وصول الطالب إلى المنطقة المتفق عليها، اكتشف أن الرجل لم يكن يريد بيع أى أجهزة، وإنما يهدف لسرقة أمواله، وأثناء مقاومته طعنه بالسكين، وتركه غارقًا فى دمائه حتى فارق الحياة.
وتسببت الواقعة فى ثورة على مواقع التواصل الاجتماعى، نظرا للمخاوف التى أثارتها، حول مواقع التسويق، وكيفية الحفاظ على الأمان، والتعامل مع الغرباء.
ولم تمض ساعات قليلة على الحادث الأول، حتى تسببت واقعة أخرى فى إثارة الفزع من جديد، بعدما نشر شخص يدعى «إسلام» قصته مع موقع التسويق الإلكترونى «أوليكس»، ومحاولته شراء عدسة خاصة لكاميرا التصوير، بعد جمع المبلغ اللازم.
وبعد تصفح الموقع، قرر «إسلام» التواصل مع صاحب أحد الإعلانات، الذى طلب منه لقاءه فى موقف العاشر من رمضان، فى تمام الثامنة والنصف مساءً، أمام أحد المحال الشهيرة، وعند لقائهما، اكتشف أن الرجل الذى يدعى «عبدالمقصود»، لا يحمل معه العدسة المطلوبة، وعندما سأله عنها، رد بقوله: «أنا جاى من الشغل، والعدسة فى البيت، وهانروح نجيبها سوا».
وأضاف «إسلام»: «ركبنا معًا سيارة أجرة، ولما نزلنا لقينا اتنين واقفين على جنب، وبيبصوا علينا، ولما خدوا بالهم إنى شايفهم بصوا بعيد، ثم ضربنى أحدهم على رأسى بشومة، وأحاط بى ٣ أشخاص آخرين، وانهالوا علىّ بالضرب».
ورغم ما تعرض له «إسلام»، رفض أن يترك للصوص حقيبته التى يحمل بها الكاميرا والنقود، حتى استطاعوا تخليصها من بين يديه، بعدما أوسعوه ضربا.
وقائع النصب عبر مواقع التسويق الإلكترونى ليست جديدة، ففى ١٥ نوفمبر ٢٠١٧، قضت محكمة جنح مستأنف الدخيلة بالإسكندرية، بمعاقبة عاطل بالسجن مع الشغل لمدة عامين، بعد اتهامه بالنصب، وسرقة معدات مصور فوتوغرافيا عن طريق موقع «أوليكس».
وتلقى قسم شرطة الدخيلة بلاغا من المجنى عليه أحمد شريف، الذى يبلغ من العمر ١٩ عاما، ويعمل مصورا مبتدئا، يفيد بقيام المتهم «أحمد. ف»، ٣٤ سنة، بالنصب عليه وسرقة معدات التصوير الخاصة به.
وتوصلت التحقيقات إلى قيام المتهم بالإعلان على موقع «أوليكس»، لطلب مصورين فوتوغرافيا لتصوير زفاف، واتفق مع المجنى عليه على جميع التفاصيل المادية، وطلب منه لقاءه قبل موعد حفل الزفاف المقرر بيوم واحد، لحجز شقة باسمه فى منطقة الهانوفيل بالإسكندرية، ووضع معدات التصوير داخلها.
وبعدها اصطحب النصاب ضحيته لأحد المطاعم لتناول العشاء، ثم اختفى بذريعة تلقيه مكالمة هاتفية مفاجئة، وحين عاد الضحية للشقة، اكتشف أن النصاب استأجرها لليلة واحدة فقط، واستولى على معدات التصوير الخاصة به.
مدير «أوليكس» يقدم روشتة لـ«شراء وبيع آمن» وخبير معلومات ينصح باستخدام «الفيزا»
فى ردٍ على ما حدث، أصدرت الشركة بيانًا نعت فيه الضحايا الذين وقعوا نتيجة عمليات النصب عليهم عبر موقع «أوليكس»، مؤكدة أنها على استعداد تام للتعاون مع الشرطة ومنحها المعلومات الكافية لخدمة التحقيقات، وتوفير معلومات كافية على الطرف الآخر فى الحادث.
وأضافت شركة «أوليكس»، فى البيان، أن فريق عملها يعمل على مراقبة جميع النشاطات وحجب أى محتوى يحتمل أن يكون مشبوهًا أو يهدد سلامة المستخدمين، مطالبة عملاءها بالإبلاغ الفورى عن أى شىء يشتبهون به.
وقدم المدير التنفيذى لموقع «أوليكس» فى مصر، ممتاز موسى، عدة نصائح لإجراء عمليات شراء وبيع آمنة، سواء على موقعه أو المواقع الأخرى.
بداية، وفيما يخص المشترى، أكد «موسى» ضرورة لقاء البائع فى مناطق آمنة، مثل محطة المترو أو مراكز التسويق أو أى مكان عام، وتفقّد السلعة قبل إتمام الصفقة، لتجنب أى عمليات احتيال.
وأضاف، فى نصيحة أخرى: «إذا وجدت أحدًا يُلح عليك لمعرفة معلومات شخصية عن عمرك وحسابك المصرفى، فلا تستجب»، محذرًا من إرسال دفعة جزئية أو كاملة من سعر السلعة مسبقًا.
كما حذّر من العروض غير الواقعية، خصوصا المغرية منها، مع عدم الانبهار بالأسعار الأدنى للمتعارف عليها فى السوق.
وفيما يخص عمليات البيع، شدد «موسى» على ضرورة إخبار المشترى بأى عيوب فى السلعة، والاتفاق معه على استخدام وسائل الدفع المألوفة والسهلة، خاصة الدفع النقدى، مع التحذير من مشاركته أى معلومات أو بيانات شخصية، خاصة المتعلّقة بالحساب المصرفى.
ومن الإجراءات الاحترازية الأخرى، حسب «موسى»، أنه «فى حال تغيير المشترى مكان اللقاء أو رقم الهاتف أكثر من مرة، تجنّب التعامل معه»، بخلاف نصيحة أخرى وهى أنه «إذا بقى المشترى جالسًا فى سيارته، يُفضّل أن تطلب منه أن يترجل لتفقد السلعة فى مكان اللقاء».
من جانبه، لفت الدكتور أحمد حمد، عميد كلية الحاسبات والمعلومات بالجامعة البريطانية، إلى أهمية سن قوانين للتسويق الإلكترونى، لتجنب مخاطرها.
وأوضح: «هناك منظومة مؤمّنة مثل الفيزا، لها بروتوكول خاص يضمن عدم وقوع الشخص تحت طائلة النصب، لأنها تنظم العلاقة بين البائع والمشترى والوسيط».
وعن الإجراءات المطلوبة بعد واقعتى وفاة شاب والاعتداء على آخر، طالب «حمد» الحكومة بغلق هذه التطبيقات والتوعية بفكرة «الفيزا» كبديل.
وطالب الدكتور حسين عمران، أستاذ علوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات، بسن تشريع خاص لعمليات التجارة الإلكترونية، وصياغة ضمانات لكل من يتعامل مع مواقع التسويق الإلكترونى.
وقال: «هذه المواقع ليست مثل السوق العادية، بائع ومشتر، وعندما تحدث مشادات يأتى الأمن لحلها، ومن جهتى قدمت عدة مقترحات حول تأمين التسويق الإلكترونى بدلا من التعرض للخطر، ولكن لم تنفذ».
وأضاف: «التشريع يجب أن يتضمن إنشاء جهة مسئولة عن الترخيص لهذه المواقع، لحصر هوية الأشخاص المعلنين عن البضائع، على أن يتحمل مسئوليتهم مدير الموقع».
وحسب «عمران»، فإن هناك العديد من القوانين التى تحكم المتاجرة الإلكترونية، ليس فقط فى أوروبا ولكن أيضا فى الدول العربية مثل تونس، شارحا: «هذه التشريعات تنظم المتاجرة الإلكترونية وتحديد هوية الجهة المنظمة للمواقع، كما تتحكم فى وسيلة النشر، لدرجة أنها قد تحظر على شخص التسويق خارج نطاق جغرافى محدد».
ويتفق «عمران» على ضرورة غلق مواقع التسويق الإلكترونى بعد واقعتى مقتل وإصابة شابين، وكذلك محاسبة المسئول عن موقع «أوليكس»، معقبا: «لكن وجوده خارج مصر يعنى أزمة حقيقية».
وكبديل عن حجب هذه المواقع، اقترح أستاذ علوم الحاسب تحميلها ضرائب، مستشهدا بأن «جميع دول العالم تفرض ضرائب حتى على الفيسبوك فى حالة نشر إعلانات، لذا يجب تنظيم هذا التسويق».
تقرير ينتقد إهمال مصر تقنين التجارة عبر الإنترنت وبرلمانى: لا علاقة لـ«مكافحة الجريمة الإلكترونية» بـ«مواقع التسويق»
نظرا لعمليات النصب التى تحدث بسبب تطبيقات التجارة الإلكترونية، سلط تقرير لمركز «هردو» لدعم التعبير الرقمى، الضوء على غفلة القانون المصرى عن وضع قوانين مباشرة لتقنين التعاملات التجارية عبر الإنترنت، وحماية حقوق المواطنين من النصب أو الاحتيال.
وذكر التقرير العديد من تعريفات التسويق الإلكترونى التى منها: «الاستراتيجية التى تستخدم فى تنظيم طرق تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، وذلك عن طريق تحويل السوق الافتراضية إلى واقع ملموس».
وأضاف: «التسويق الإلكترونى جزء مهم من الاستراتيجية التسويقية الشاملة الحديثة، وهو نوع مهم من أساليب التسويق الذى يسعى إلى تحقيق أهدافه عبر الإنترنت».
وانتقد التقرير إهمال مصر فى وضع قوانين تحكم عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت، وقال: «على الرغم من الطفرة الهائلة التى شهدها العالم فى التكنولوجيا، وتزايد عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت أو ما يسمى التسويق الإلكترونى، ووصل الأمر إلى التجارة الإلكترونية فى كل شىء، فإن مصر إلى الآن لم تقر قانونا مباشرا لتنظيم عمليات التسويق عبر الإنترنت».
وتابع: «أقرب القوانين التى تحكم عمليات التجارة عبر الإنترنت متعلقة بقوانين حماية المستهلك، التى من المفروض أنها مقررة لعمليات البيع والشراء العادية عبر المحال التجارية أو الأسواق الميدانية».
وأضاف: «وكذا فعلت العديد من الهيئات العلمية والاستشارية حين وضعت مجموعة من التشريعات النموذجية التى تساعد حكومات الدول على التشريع للتجارة الإلكترونية والتى تدور معظمها حول التوقيع الإلكترونى والتصديق الإلكترونى».
وتابع: «بعض الدول أصدرت قوانين كاملة تنظم التجارة الإلكترونية مثل الأرجنتين وألمانيا وماليزيا وسنغافورة وروسيا، بجانب ٣٦ دولة أصدرت تشريعات قريبة الشبه منه، وحوالى ٢٦ دولة تعد مشروعاتها القانونية حاليا للتصديق عليها، ومن الملاحظ أن معظم تلك التشريعات غير متفقة وغير متوافقة كما بين ذلك تقرير اللجنة الاستشارية الأمريكية حول تشريعات التوقيع الإلكترونى ILPF».
وأشار إلى أن معظم الخلافات سببها الدرجة العالية من الثقة التى يفترضها المشرع فى تأمين التوقيع الإلكترونى من الناحية التكنولوجية، خاصة فى تكنولوجيا التشفير باستخدام المفتاح العام Public Key، وأيضا سببها اختلاف وجهات النظر فى دواعى الأمن القومى من ناحية استخدام نظم التشفير، فضلا عن التطور التكنولوجى فى المقاييس الحيوية Biometrics وطرق استخدامها فى التوقيع الإلكترونى ومدى دقتها فى هذا المجال، علاوة على تخوف المشرع من اعتماد إحدى الطرق المستخدمة وأثرها على إجهاض البحوث الخاصة بتطوير باقى الطرق.
من جانبه، قال المهندس جون طلعت، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذى تعكف اللجنة على وضعه الآن ليست له علاقة بمواقع التسويق الإلكترونى.