يُعد الصَّوم إحدى العقائد الأساسية فى الأديان والعبادات التى عرَفها البشر، وهو إحدى الوسائل الروحية التى يقدمها الإنسان فى عباداته؛ فقد عُرف فى «اليهودية»، و«المَسيحية»، و«الإسلام»، كما عرفته العبادات الأخرى مثل: «البوذية»، و«الكُنفوشيوسية»، و«الهندوسية»، وغيرها. والصَّوم أحد الأعمال الروحية التى يتقدم بها الإنسان إلى الله، سائلًا مراحمه، طالبًا غفرانه، تائبًا عن كل ما اقترفه من آثام وذنوب، وبينما الإنسان يقدم صومه إلى الله، يُقرنه بممارسات روحية أخرى مثل الصلاة، وبأعمال الخير والصلاح كالودّ والتسامح وتقديم الصدقات التى تنبَع من محبة ذٰلك الإنسان العميقة لله؛ فتنعكس على معاملاته نحو الآخرين بمحبة ورحمة. إلا أن هناك معتقدات خاطئة عن الصوم وأهدافه عند بعض الناس: فيعتقدون أن الصوم هو نوع من إضعاف للجسد أو تعذيبه، لكن الأمر ليس هكذا، إنما الصوم هو ضبط إرادة الإنسان من جهة الطعام؛ وبوجه خاص الأطعمة التى يحبها بشدة، إذ هو يساعد الإنسان على تدريب إرادته على الاحتمال والسيطرة على رغباته من خلال امتناعه عن الطعام والشراب فترة زمنية، ثم تناوله أطعمة لا يشتهيها، ومن ثَم يحتمل مشاعر الجوع التى يشعر بها فى أثناء صومه؛ وبذلك يتمكن من الارتفاع فوق مطالب الجسد والماديات ليُعطى اهتمامًا أكبر للروح. وهذا يجعل الصوم إحدى الوسائل الروحية التى يستعد بها الإنسان ويتدرب للسُّمو بجسده إلى مستوى روحى أعمق تنمو فيه عَلاقته بالله، ومثل هذه التدريبات تشدد عزيمته وقدرته على الاحتمال وضبط النفس، وهكذا يتمكن من ضبط أفكاره ومشاعره، فتتقوى الروح فى عَلاقة قوية عميقة بالله، وقد يزداد ثباته ضد التجارِب والمشكلات، فلا يهتز أو يضطرب، إذ يلمس أعمال الله وعنايته فى حياته.