رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملكوت الله ملكوت الله – ماذا تعنيان هاتان الكلمتان؟ أنَّ ملكوت أو مملكة هو نظام سياسي؛ إنه بناء منظم ومرتب للعمل والعلاقات العامة لشعب ما. إنه مجتمع وطني متماسك بالعدالة والتضامن. هذا هو نوع العالم الذي كان في بال النبي إِشَعْيَاء عندما تنبأ عن ملكوت الله. (إِشَعْيَاءَ 9: 6-7) فلا توجد مملكة كهذه إلا حيث يعيش الناس في نظام دائم وملتزم من العدالة في كل علاقاتهم، فقد أنعم الله علينا بنظام جديد يتلاءم مع حالنا البشري. أنَّ الشيء الفريد الذي يميّز الطريق الذي بيّنه لنا يسوع هو أنّ السلطة فيه بيد الله وحده، ولا أحد غيره له الحق في أن يقول شيئاً. لذا فالكلام عن حكم الله المَلَكِيّ صحيح جداً. لأن الله وحده له مقاليد الحُكم. إنه وحده الملك. فهذا هو ملكوت الله. بالطبع نحن نعلم أنّ هذا الملكوت لم يأتِ بعد على هذه الأرض. على أنّ الله هو ليس وحده لديه قوة عظيمة؛ فللحكومات القومية قوة عظيمة أيضاً؛ وللكذب والنجاسة الجنسيّة قوة عظيمة كذلك. وجميع القوى التي تعارض الله كلياً تفرض نفسها بالإكراه. ولم يتحقق لحد الآن ملكوت الله في أيامنا هذه. لأنه لو كان قد تحقق، فلا نجد أي شيء يَعْلُوَ على شأنه. ولكي يأتي ملكوت الله، فأن المطلوب هو تدخل الله الشخصي من خلال يسوع المسيح الذي سيعمل على تجديد العالم، أي الولادة الجديدة لكوكب الأرض. ويقول الرسول بطرس أنّ النار ستذيب الأرض، وبعدها ستُجْدَدُ الأرض كلياً. (2 بطرس 3: 12-13) كما يقول يوحنا الإنجيلي أنه في العالم الجديد لمَلَكِيَّة الله ستتبدّل الأرض كليّاً بحيث لا تكون هناك حاجة بعدُ إلى الشمس، لأنه لن يكونَ فيها شيء سوى النور. (سفر الرؤيا 21: 23) أؤمن أنّ وهجاً قد خرج فعلاً من يسوع، بحيث قبله الناس ببالغ الامتنان على نعمة خلاصهم الشخصي وشفائهم؛ ولكنهم بعدئذ اِكتفوا وتوقفوا عند هذا الحد. وفَـتَـرَ اشتياقهم، وكانوا سعداء على أنهم في طريق الخلاص. في حين أنّ ذلك كان في الحقيقة مجرد بداية. ويقول يسوع أننا يجب أن نَلِد من جديد لنصبح مشمولين في ملكوت الله، ويبيّن لنا معنى ملكوت الله. فنرى هنا كيف يفتر الحماس. لأن أكثر ما يشغل الناس باستمرار هو سعيهم إلى تثبيت نعمة الخلاص في نفوسهم بالرغم من أنهم قد حصلوا عليها سلفاً. فبدلاً عن ذلك يجب أن يقولوا: "لقد وهبني الله هذه التجربة الشخصية ليساعدني على الحصول على وضوحاً عن المسيح بكامله وعن ملكوت الله بكامله، ذلك الوضوح الذي من شأنه أن يجعل من حياتي جزءاً من الحياة المكرّسة لملكوته." (أي ما معناه المضي قُدماً وتكملة الدرب بدلاً من المراوحة في البقعة نفسها). إذا كان ملكوت الله موجوداً في زماننا الحاضر بالإضافة إلى المستقبل، فمن المفروض على المؤمنين أن يعيشوا في توافق مع ملكوت الله المستقبلي هنا على الأرض وفي هذه الساعة بالذات. عندئذ ستكون حياتهم متوافقة أيضاً مع الحياة التاريخية ليسوع المسيح. فيسوع المسيح هو هو، بالأمس واليوم وإلى أبد الآبدين، ويجب أن نصير في وحدة تامة مع حياته ومستقبله الآتي وذلك بالعيش حاليّاً بتوافق مع ملكوت الله، ومع الطريق الذي سيتجلى في المستقبل. أن الذين يريدون فصل ملكوت الله وتحديد مكاناً له بعيداً عن تاريخ البشرية جمعاء - كما لو كان قد تمّ إعداد ملكوت الله لمجرد حفنة من المهتدين - فيعوزهم بالتأكيد الحصول على رؤية جديدة وأفق أوسع بالاستفادة من اللهجة القوية التي يتفوه بها الله في التاريخ في هذه الأيام. إنَّ استفحال فداحة الأزمنة يحتّم على جميع المؤمنين بالحق أن يبحثوا في الكتب المقدسة لمعرفة الشروط اللازمة لملكوت الله والتأثير البالغ الذي سيحدثه. ونحن بأمس الحاجة لأن نَتشرّب جيداً بالحقائق المذكورة في الكتاب المقدس عن ملكوت الله ونستوعبها، لكي يتسنى لنا مراقبة علامات الأزمنة ولكي يجدنا أيضاً يسوع المسيح أمناء عندما يأتي. (متى 16: 3) من الضروري إعطاء موضوع النظام الاقتصادي الإلهي - أي خطة الله لملكوته فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأموال والممتلكات - تعبيراً عملياً مُبَيَّناً تَبْيِيناً جيداً من خلال ممتلكات مجتمع الكنيسة. (أفسس 1: 10؛ 3: 9-11) عندئذ لابد حتى للعُمْيان أن يدركوا أنَّ هذا المكان يمكنهم فيه أيجاد شيئاً من الحب والفرح الذي سيجلبه ملكوت الله للبشرية جمعاء في نهاية الأزمنة. وللذين يسألوننا: "هل هذا الأسلوب هو الأسلوب الوحيد الذي يمكن للناس اِختياره لتنزيل ملكوت الله؟" نقول لهم أنه ليس أسلوباً نختاره نحن بأنفسنا. إنه الأسلوب الذي ينزل إلينا من الله. إذ أنَّ فكره الاقتصادي - أي خطته المالية للجنس البشري - هو الأسمى والأسلوب الوحيد الجدير بتطبيقه. أما نحن البشر فليس لدينا أية طريقة تؤدي إلى ملكوت البِرّ والصلاح. فما لم يهبنا الله ذاته، فليس لنا أي سبيل نمضي فيه. إنّ الله يوافينا بكنيسته المقدسة التي نَشَأَتْ بفضل فيضِ الروح القدس. فتحلّ علينا الكنيسة المقدسة، تلك العروس العذراء، التي هي أمنا، فيتبدل كل ما في الحياة بما في ذلك البنية الاقتصادية. (أعمال الرسل 2: 1- 4؛ 4: 32-37) يصير ملكوت الله منظوراً أينما كان يسوع. ولهذا السبب تبدأ رسالة يوحنا الأولى بهذه الشهادة: "الّذي كانَ مِنَ البَدءِ، الّذي سَمِعناهُ ورَأيناهُ بِعُيونِنا، الّذي تأَمَّلناهُ ولَمَسَتْهُ أيدينا مِنْ كلِمَةِ الحياةِ، والحياةُ تَجَلَّتْ فَرَأيْناها والآنَ نَشهَدُ لَها ونُبَشِّرُكُم بالحياةِ الأبَدِيَّةِ الّتي كانَت عِندَ الآبِ وتجَلَّت لَنا، الّذي رَأيناهُ وسَمِعناهُ نُبَشِّرُكُم بِه لتَكونوا أنتُم أيضًا شُركاءَنا، كما نَحنُ شُرَكاءُ الآبِ وابنِهِ يَسوعَ المَسيحِ..." فأينما يعلن الناس ملكوت الله - أي سيادة المسيح - تبدأ الأمور بالحدوث. ولهذا السبب حثّ يسوع المسيح يوحنا المعمدان أن يستنبط بنفسه جواب السؤال الذي طرحه، قائلاً له (بما معناه): لماذا تسأل؟ أنظر إلى ما يحدث، وأستمع إلى ما يقال، وأقبله. وهذا هو ما يحدث هنا: العُمْيُ يبصرون، والعرج يمشون، والبرص يَبْرَؤُون، والصمُّ يسمعون، والموتى يقومون. (متى 11: 5) وما يعنيه يسوع هو أنك لو تؤمن فقط بما يحدث فعلاً، سينكشف المسيح لك، وتحصل جواباً على جميع تساؤلاتك عن ملكوت الله. فهذا هو معنى الإيمان. وبسبب عدم قدرة يوحنا المعمدان على استيعاب هذا الإيمان استيعاباً كاملاً، قال يسوع لتلاميذه: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ." (متى 11: 11) إنّ الأصغر في ملكوت الله، والأكثر تواضعاً في الكنيسة، يفهم ما يحدث بالإيمان... لقد خرج الرسل إلى الناس ليقولوا لهم: بدأ كلام الأنبياء يتحقق الآن. وها هو يأتي الآن – وبمقدوركم رؤية حدوثه! وجزء من الذي كان يحدث في أورشليم هو أنّ مجتمع الكنيسة الأخوي أخذ يتأسس. وكان ملكوت الله يقترب– والشاهد على ذلك كان الشفاء الذي كان يهبه الله لكل من يؤمن. عندما تمّ تدوين قصة الرسل سُمّي هذا الكتاب بسِفْر أعمال الرسل لأنه وَصَفَ ما قام به الرسل وما الذي جرى بواسطتهم. إنها قصة تحكي عن قوى الإعجاز الخارقة وعن الأعمال والأحداث نفسها التي جرت أثناء حياة يسوع. فنرى هنا أيضاً أنّ الأمر الحاسم كان إعلان ملكوت الله؛ وبسبب اقتراب ملكوت الله، فقد جرت العديد من الآيات والأعاجيب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|