رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قُمْ وكُلْ، لأنّ المسافة كثيرة عليك "الصّوم هو الّذي جعل إيليا النّبي يشاهد رؤى إلهيّة. إذ صام مدّة أربعين يومًا وتنقّت نفسه واستحقّ أن يرى الرّب على جبل حوريب (1 مل 19: 8-23)، الأمر الّذي هو صعب الحدوث لأي إنسان." ( القدّيس باسيليوس الكبير). الصّوم عين الإيمان، وهو كالهدوء في عين العاصفة؛ من خلاله يمكننا معاينة وجه الرّبّ. إلّا أنّ مسيرة الصّوم تقتضي جهاداً خاصّاً، وقوّة تمكّننا من السّير قدماً في هذه الرّحلة حتّى نبلغ الغاية المرجوة، رؤية وجه الحبيب الإلهي. ولا نمضي في هذه الرّحلة بمفردنا، ومن غير الممكن أن نقوى بمفردنا على ضبط أجسادنا وحاجاتها الملحّة، بل نحتاج إلى قوّة الرّبّ المساندة لنا. فرحلة الصّوم سماويّة وبالتّالي ينبغي أن نطلب مرافقة السّماء. قد يقول قائل إنّ الأصوام تتشابه في كلّ المعتقدات والثّقافات، وأهدافها واحدة. إلّا أنّ الخصوصيّة المسيحيّة تتفرّد بغاية الصّوم على المستوى الإنسانيّ والإلهي معاً. قد يصوم البعض بهدف المغفرة، أو التّطهير، أو إرضاء الله...، ويستمرّ بدافع عادة النّمط الغذائي. وهنا ينتفي المعنى العميق للصّوم، أو بمعنى أصحّ تغلغله في الأعماق الإنسانيّة، إذ إنه سيتحوّل إلى نظام غذائي وحسب. إلّا أنّ المسيحيّ يصوم ليلتقي بالرّبّ، ولكي يبلغ غايته يحتاج للطّعام الّذي بقوّته سيسير أربعين يوماً، ويبدّل إنسانه بكلّيّته. "ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسَّهُ وقال: قُمْ وكُلْ، لأن المسافة كثيرة عليك. فقام وأكل وشرب، وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة إلى جبل الله حوريب." ( 1 مل 8،7:19). بقوّة الرّبّ ومساندته سار إيليا أربعين نهاراً وأربعين ليلة، وليس بقوّته الذّاتيّة. ما يؤكّد على اللّقاء الإلهيّ الإنسانيّ في زمن الصّوم. يقول السّيّد في ( متى 4:4): " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله". وبالتّالي فالطّعام الأساسيّ للإنسان سيّما في الصّوم المبارك هو كلمة الله. وكي لا يتحوّل الصّوم إلى نظام غذائيّ، ويتجرد من مفهومه العميق، ويحافظ على جهاده الأصيل، وجب أن نلتهم الكلام الإلهيّ كيما نمضي إلى الجبل حيث مجد الرّبّ. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تمنيّتُ اللّقاء |
نُصلّي في ميلادِ المسيح، أنْ نتعلَّمَ قيمةَ هذا السَّرِ الإلهيّ الإنسانيّ |
حيوان اللّقام |
كمال الظهور الإلهيّ والكمال الإنسانيّ “ملء قامة المسيح” |
كمال الظهور الإلهيّ والكمال الإنسانيّ |