رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو الصليب بالطبع عند تعريف شيء يختص بحياة الشركة مع الله، فأننا لا نشرح وفق هوانا الخاص ولا حسب تأملاتنا واعتقاداتنا الشخصية، بل علينا أن نُدقق في كلام الرب نفسه لأن وحده الجدير بأن يوضح لنا الأمور حسب قصده لنسير باستقامة، بعيون مستنيرة، لأن كلام الرب كله نور، يُنير الظلمات ويكشف الطريق، لأن طبيعة النور كشف الظلمات ورفع الغموض: فَحَتَّى الظُّلْمَةُ لاَ تُخْفِي عَنْكَ شَيْئاً، وَاللَّيْلُ كَالنَّهَارِ يُضِيءُ، فَسِيَّانَ عِنْدَكَ الظَّلاَمُ وَالضَّوْءُ؛ أَرْسِلْ نُورَكَ وَحَقَّكَ هُمَا يَهْدِيَانِنِي وَيَأْتِيَانِ بِي إِلَى جَبَلِ قُدْسِكَ وَإِلَى مَسَاكِنِكَ؛ سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي. (مزمور 139: 12؛ 43: 3؛ 119: 105) لذلك علينا أن نعود لكلمات الرب لنفهم منه شخصياً قصده بكلمة حمل الصليب، لأن من يدقق في الإنجيل ويتتبع كلمات الرب بكل دقة بروح الصلاة وقرع بابه الرفيع العالي، فأنه يفتح ويعطيه، لأنه يشرق بنوره على الذهن فيستنير، وبالروح يكشف له خفايا الأمور، فيتأصل في الحق ويعرف الطريق وكيف يسير بتدقيق ولا يعثر أبداً، ولننتبه لكلام الرب لنفهم معنى الصليب الآن:
هنا موجود السرّ كله في معرفة الصليب معرفة حقيقية حسب مشيئة الله، فعلينا أن نُدقق في الكلمات، لأنه في البداية تحدث عن أنه ينبغي أن يتألم كثيراً ويُرفض ويُقتل، وقال القول علانية، مما جعل بطرس يشعر بحرج كبير سنفسره لأنه يحتاج فهماً دقيقاً، ثم كان رد الرب عليه أنك لا تهتم بما لله بل بما للناس، بمعنى أن بطرس يحتاج أن ينكر نفسه، لأن إنكار النفس يجعله يتقبل قول الرب، فلن يهتم بالناس بل بما لله، لذلك الرب كمل حديثه ليشرح لبطرس والجميع معنى حمل الصليب عملياً، وهو بالسير وراءه بشرط أن ينكر الإنسان نفسه ويحمل صليبه ليستطيع أن يتبعه، وكيف يتبعه؟: بأن يهلك نفسه من أجله ومن أجل الإنجيل ليُخلِّص نفسه، لأن الإنجيل فيه معلن برّ الله الذي تم بالصليب، صليب العار والتشهير، لأن الرب تكلم علانية وبطرس أخذه بعيداً عن التلاميذ ينتهره لقوله، لذلك في ختام كلامه قال: مَنِ اسْتَحَى بِي وَبِكَلاَمِي فِي هَذَا الْجِيلِ الْفَاسِقِ الْخَاطِئِ فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَسْتَحِي بِهِ مَتَى جَاءَ بِمَجْدِ أَبِيهِ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ. لنتعمق فليلاً في قول الرب، ففي البداية مكتوب أنه بدأ يُعلمهم، فالكلام هنا كلام تعليم وليس مجرد حديث خبر عادي، لأن كثيرون يقرأون هذا الكلام ويظنوا أن المسيح الرب يُخبِّر التلاميذ عن واقعية موته وما سوف يتممه قريباً حسب مسرة مشيئة الآب، لكن الإنجيل يؤكد أنه كان يُعلمهم ولا يُخبرهم، فهناك فرق بين التعليم والخبر عن شيء سيحدث، فهذا هو التعليم الذي كمله بقوله عمن يُريد أن يسير وراءه ويتبعه: ينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني، ولا يستحي به ولا بكلامه الذي يتكلم به الآن، لأنه يتكلم عن الصليب؛ وهنا علينا أن نشرح معاني الكلمات لنفهم قول الرب وسنشرح الاتي بالترتيب حسب الآية:
هناك فرق كبير بين التعليم والخبر، لأن الخبر عبارة عن إخبار السامع عن شيء ما، فهو مجرد خبر للعلم به ولكنه لن يتسبب في تغيير السامع داخلياً، أو خبر يكشف عن شيء ما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد، أما التعليم هو عبارة عن العملية المنظّمة التي يُمارسها المُعلّم بهدف نقل ما في ذهنه من معارف ومعلومات إلى الطلاب المتعلّمين والذين يكونون بحاجة إلى هذه المعارف، ونجد في التعليم أن المُعلّم تكون في ذهنه مجموعة من المعلومات والمعارف يحاول إيصالها للطلاب، كونه يرى أنّهم بحاجة إليها، فيوصلها لهم بشكلٍ مباشر منه شخصياً ضمن عمليّة منظمّة تنتج عن تلك الممارسة وهي التعليم، بغرض أن هذا التعليم يعيد تشكيل فكر وذهن الطلاب لكي يتحول لحياة عملية لإفادتهم بالممارسة الفعلية على مستوى الواقع العملي المُعاش.
وبعد أن عرفنا بشكل عام المعنى، يلزمنا أن نفهم طبيعة التعليم في الكتاب المقدس على نحو خاص، لأن التعليم حسب قصد الله، هو إعادة تشكيل بالحفر، مثل من يحفر على الصخر ليعيد تشكيله على صورة ما، فالمسيح الرب حينما يُعلِّم فأنه يُعيد تشكيل الشخص السامع للتعليم، لأنه يُقدم خبرة حياة جديدة لكي يتشكل عليها الإنسان، فيعيد تجديد خلقته، أي أن التعليم عند المسيح الرب هو إعادة تشكيل بالحفر والرسم، لذلك فهو هنا حينما بدأ يُعلِّم التلاميذ، فهو يُعيد تشكيل ذهنهم على رسمه الخاص، لأنه هنا يكشف لهم سرّ الطريق الذي سيسيرون فيه حسب التدبير، وهو طريقه الخاص، فهو لا يخبرهم مجرد خبر ليعلموا ماذا سيصنع، بل يقدم لهم الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه، لذلك فأنه يُعلمهم الطريق ويرشدهم إليه، وهذا ما نجده على كل صفحات الكتاب المقدس من جهة التعليم، لأن الله علَّم شعبه وارشدهم ووجههم لطريق الحق حسب مسرة مشيئته.
وعلينا هنا أن نركز في بعض الكلمات المرتبطة بالتعليم: [اسمع= أصغي جيداً؛ أُعلمكم (الغرض) لتعملوها؛ أعلمك وأُرشدك الطريق (التي ينبغي أن) تَسْلُكُهَا]
+ ادْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ، مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ؛ فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ عَاقِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ يَسْقُطْ لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ. وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ جَاهِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. فَنَزَلَ الْمَطَرُ وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ وَصَدَمَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً. فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. (متى 7: 13، 14؛ 24 – 29)
+ اسْمَعُوا التَّعْلِيمَ وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلاَ تَرْفُضُوهُ؛ حَافِظُ التَّعْلِيمِ هُوَ فِي طَرِيقِ الْحَيَاةِ وَرَافِضُ التَّأْدِيبِ ضَالٌّ؛ وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ.. مُقَدِّماً نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، وَمُقَدِّماً فِي التَّعْلِيمِ نَقَاوَةً، وَوَقَاراً، وَإِخْلاَصاً؛ لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ. (أمثال 8: 33؛ 10: 17؛ تيطس 2: 1، 7؛ 2تيموثاوس 4: 3)
أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ؛ مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. (مزمور 22: 6؛ أشعياء 53: 3) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|