رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فنان مات ولم يكن معه سوى 7 جنيهات بملابس داخلية ناصعة البياض، وقف ممسكًا بقطعة مبللة من القماش، يُنظف سيارة صغيرة احتفظت بلوحة أرقام بدت واضحة نسبيًا «20685»، كان منهمكًا وكأنهُ في موعد غرامي، لم يعبأ بعدسة الكاميرا، أو بمظهره، رغم أنه يقف في شارع عريض. المشهد السابق يصِف صورة الفنان الأرستقراطي، استيفان روستي، عندما وقف ينظف سيارته، الصورة التى اعتبرها الكثيرون «كوميدية»، لكنها كانت تعبر عن حب «استيفان» الصادق لسيارته التي احتفظ بها لسنوات، وكانت عزيزة على قلبه بشهادة المقربين منهُ، حيث رفض استبدالها بأخرى، وحزن عليها كما حزنه على فقد أولاده. تقول سيرة «استيفان» التقليديّة، إنه وُلد لأب نمساوى يعمل سفيرًا للنمسا فى القاهرة، وأم إيطالية عاشت فى مصر، وعندما ترك والده العمل السياسي ورغب فى العودة إلى بلاده، رفضت الأم الرحيل معه، وقررت البقاء مع ابنها فى مصر. أصبح «استيفان»، سليل الأسرة الأرستقراطية، ممثلًا نجيبًا فيما بعد، لدرجة أن الكثيرين احتاروا في كونه ممثل خواجة أم مصريًا، وبعيدًا عن سيرته التقليدية، سجّلت الصورة المذكورة سابقًا، جانبًا إنسانيًا من سيرته، رفقة سيارته العزيزة. في أحد اللقاءات التليفزيونية المُسجلة، روى الفنان الكوميدي، عبدالفتاح القصري، موقفًا كوميديًا تعرض له أثناء ركوبه سيارة «استيفان»، قائلًا: «بدانتي جعلتني أعاني من أمرين، وإن كانت لها حسنة واحدة فقط هي أنها غطت على قِصَر قامتي بعض الشيء». وأضاف: «أما متاعبها فهى اتهام الناس لى بأننى (دباغ) وقد حدث أن كان زميلى الأستاذ استيفان روستى عنده سيارة صغيرة الحجم جداً ، وأراد يومًا أن يوصلنى إلى دارى، ودخلت السيارة بصعوبة شديدة، وسارت بنا فى الطريق وكانت السيارة تُحدث أصواتًا أشبه بالاستغاثة، حتى إن أحد عساكر المرور صاح فينا (يا أخوانا حرام عليكم راح تدغدغوا العربية)، وهنا قال استيفان (يا عبدالفتاح انزل خد تاكسى أحسن العربية صعبانة عليا قوى)». قدم «استيفان» طوال مشواره الفني، الذي امتد نحو 40 عامًا، حوالي 380 فيلمًا سينمائيًا ما بين تمثيل وإخراج وتأليف، استطاع من خلالها تقديم أداء تمثيلي متميز، حيث برز في أدوار الشر الجميل الممزوج بالكوميديا وشخصيات «النذل، والانتهازي، والمنافق»، وهي البصمة الخاصة التي ظل يتفرد بها على شاشة السينما. في أحد الأيام، سنة 1964، كان يجلس «استيفان» داخل مقهى «سفنكس» بوسط القاهرة، يمارس لعب الطاولة مع أصدقائه، وفقًا لجريدة «النهار»، فيما كانت تنتظره سيارته بالخارج، تزامنًا مع عرض فيلمه الذي لم يظهر اسمه على الأفيش، «آخر شقاوة»، بطولة أحمد رمزي وحسن يوسف، ولكنهُ أثناء الجلسة، شعر بآلام مفاجئة، نُقل على إثرها إلى المستشفى، حيث اكتشف الأطباء انسداد شرايين القلب، ونصحوا الأصدقاء بنقله إلى المنزل. لم تمُر ساعة واحدة على «استيفان» في منزله حتى توفي، كان المُحزن في الأمر أنه في ليلة وفاته سُرقت سيارته «العزيزة» على قلبه من أمام المقهى الذي كان يجلس عليه، ورغم تاريخه الفني الطويل لم يكُن في منزله ما يكمل 10 جنيهات، ويُقال إنه 7 جنيهات تحديدًا، وشيك بمبلغ 150 جنيهًا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|