في الواقع العملي المُعاش على مستوى الحياة اليومية، فأن الإنسان المجروح داخلياً يُشبه المرأة نازفة الدم التي صرفت كل معيشتها على الأطباء ولم تقدر أن تُشفى من أحد، وهكذا كل نفس مجروحة داخلياً مريضة بالخطايا والذنوب وتسير على حافة الهاوية، فأن العالم بكل ما فيه من تقدم علمي وطبي لم يستطع أن يُساعد أحد يُريد أن يتخلص من حياته القديمة ليصير آخر، أي إنساناً جديداً كُلياً، لا على مستوى الخارج بل على مستوى الداخل وشفاء نفسيته المحطمة، لأن العالم عاجز على أنه يغير إنسان، لأن أقصى ما عنده هو تشريع قوانين تضبط المجتمع لكي يعزل المنحرفين فكرياً وأدبياً بالعقوبات القانونية، التي لا تقدر على تغيير الشخصية أو تقديم علاج صالح، علاج جذري لقطع الأهواء التي تحرك وتهيج الشهوات والرغبات المنحرفة.
والعالم بكل ما فيه من فكر وفلسفة وعلم اجتماع بل وكل أنواع الطب سواء العضوي أو النفسي، فهو يختلف كل الاختلاف عن شخصية المسيح الرب طبيب النفس الحقيقي، لذلك فأن لقاء المسيح الرب شيء مختلف كلياً عن لقاء العلماء وأطباء النفس، لأن العالم عجز تماماً وكُلياً عن شفاء الإنسان وتقديم يد العون لانتشاله من تورطه في الشرّ وإنقاذه من الفساد، بل جل ما صنعه أنه في النهاية رضخ للأفعال والأعمال المضادة للإنسانية وقنن الشر والخطية واعتبرها شيء طبيعي في الإنسان، وهذا يكشف مدى عجزة الكُلي أمام موت الإنسان الأدبي والأخلاقي المخالف لطبيعة خلقه والحس الضميري المزروع فيه طبيعياً، والذي مات بسبب كثرة الإثم والالتصاق بكل ما هو مخالف لوصية الله.
ولنا ان نعلم أنه حينما يتوقف العالم ويعجز يبدأ مسيح القيامة والحياة عمله الحقيقي ليغير النفوس وينقلها من الظلمة للنور ومن العبودية لحرية مجد أولاد الله بفعل عمل نعمته وبقوة الحق الذي فيه، فكل من تقدم للمسيح الرب طالباً قيامة وحياة ينال قوة تغلب موته، بل يقوم صحيحاً معافاً في قوة الصحة الروحية التي تجعله يقف في الحضرة الإلهية وينال قوة قداسة تشهد للعالم على عجزه بكونه لن يكون مثل المسيح الرب أبداً، ولن يستطيع أن يشفي النفوس ويُقيمها، بل قد ثبت الفساد لكي يداري عجزه، فشكراً لله لأنه لا يترك أحد في قبر الشهوة وموتها المفسد لحياة كل من يحيا بها.
لذلك يا إخوتي، أعلموا يقيناً أن المسيح الرب هو مسيح القيامة والحياة، من آمن به ولو مات فسيحيا، وكل من هو مريض ومجروحه كرامته بسبب أهواء قلبه الدنس الذي ورطه في خطايا وشرور وآثام سحقت نفسيته وحطمته، هو مدعو للتجديد ليكون خليقة جديدة في المسيح يسوع القادر وحده على الشفاء كلياً لأنه يخلق قلباً جديداً ويغرس طبيعة نفسه في الإنسان ليُقيمة حياً به مرتفعاً لعرش الرحمة ليُريح قلبه ويسقيه من ماء الحياة مجاناً ويشع نوره الخاص ويفرحه ولا يستطيع أحد ان ينزع فرحه منه.