رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حكاية عمر خورشيد مع جن مسلم عمره 1700 سنة كان عمر خورشيد عازفاً للجيتار، وممثلاً، ومؤلفاً موسيقياً، وزوجاً، وإنساناً دمث الخلق هذا ما كان يعرفه الجميع عنه حتى أختطفه الموت وهو فى أوج مجده فى حادث مروع هز كيان محبيه لكن هناك جانباً آخر فى حياته ظل مجهولاً على الجميع لأنه لم يبح بسره لأحد، ويقول الكاتب حسن الحفناوى فى مقالة بجريدة الكواكب عن هذا السر وهو إتصاله بعالم الجن، وشغفه الشديد بعوالم الأرواح والأشباح والقوى الخفية. فقد كنا نجلس معاً بالساعات نتحدث عن تلك العوالم الغامضة ونحاول أن نجد لها تفسيراً دونما جدوى. ويكمل الكاتب كان عمر يضع فى مكتبه سجادة للصلاة، ومسبحة، وعدداً من المصاحف يقرأ منها القرآن الكريم حينما يخلو إلى نفسه. كما كان يقتنى عدداً كبيراً من الكتب النادرة عن السحر، والجن والعفاريت، وتحضير الأرواح! وفى أيامه الأخيرة كان يواظب على الصلاة وقراءة القرآن دون إنقطاع، ولا أحد يعرف هل كان يشعر بقرب نهايته؟ أم أنه كان يفعل ذلك بسبب خوفه من ذلك الزائر الغامض الذى إقتحم حياته فجأة وبدون مقدمات! ففى ذات مساء كان عمر وحده فى المكتب يراجع عملاً فنياً جديدا، وفجأة إنقطع التيار الكهربائى، فأوقد بعض الشموع ووزعها فى أرجاء المكتب الضيق ليكمل عمله، لكن تياراً هوائياً غامض المصدر كان يطفئها فيعيد عمر إشعالها ولما تكرر الأمر أكثر من مرة ضحك عمر وقال محدثاً نفسه فى سخرية: هو فيه عفريت هنا ولا؟! وحينئذ سمع صوتا عريضا يقول له: لأ يا عمر أنا مجرد صديق! ومن هول المفاجأة، قفز عمر من فوق المكتب وأنطلق إلى الخارج وهو لا يصدق أنه سمع هذا الصوت، وحاول أن يؤكد لنفسه أنها مجرد تهيئات، ولكن الصراع بين حقيقة ما سمع وما يعتمل فى نفسه جعله يتوجس خيفة من ذلك الزائر الذى أتى إليه من أعماق المجهول دون سابق إنذار! وفى ساعة مبكرة من صباح اليوم التالى ذهب عمر إلى مكتبه ليجد شيئاً أصابه بالذهول والخوف، فقد وجد أن الشموع ما زالت مشتعلة دون أن تنصهر رغم تأجج النار فوقها، فحاول إطفاءها ولكنها لم تستجب لتيار الهواء المنبعث من فمه، فأحضر قطعة صغيرة من الخشب وراح يضغط بها على الشموع الواحدة تلو الأخرى، فأشتعلت قطعة الخشب فى يده بينما ظلت الشموع مشتعلة وكأنها تتحداه، ولم يجد عمر شيئاً يبعث الطمأنينة فى نفسه سوى القرآن، فأحضر مصحفاً وراح يقرأ منه سورة ”يس” وما هى إلا دقائق معدودة حتى إنطفأت الشموع دفعة واحدة. وهنا شعر بيدين قويتين تضغطان على كتفيه، فراح صوته يعلو شيئاً فشيئاً بآيات الله حتى إبتعد عنه ذلك القادم المجهول! ولم يشأ عمر يحكى لأحد ما حدث خشية أن يتهم بالجنون أو الإيمان بالسحر والشعوذة وإحتفظ بهذا السر لنفسه، بينما تطورت الحكاية إلى أبعد ما يتصوره العقل، فقد أصبح هناك إتصال مباشر بين عمر خورشيد وذلك الزائر المجهول الذى إتضح أنه ”جنى مسلم” يأتى إليه ليحادثه بالساعات، وتوطدت العلاقة بينهما حتى أصبح فى مقدور عمر إستدعاءه فى أى وقت يشاء بمجرد ذكر كلمات ليس لها معنى! وذهبت إلى عمر فى مكتبه لنتفق على عملين من تأليفى أحدهما أوبريت للأطفال، والثانى قصة سينمائية بعنوان ”سرقة الرأس الذهبية” وهو عن حادثة وهمية يتم فيها سرقة رأس الملك توت عنخ أمون، وكان عمر سيقوم ببطولته ليخرج به عن إطار الأفلام التى ظهر فيها دائماً كعازف جيتار، كما كان سيقوم بوضع موسيقاه التصويرية، ورغم أننا أتفقنا بالفعل على البدء فى كتابة سيناريو وحوار الفيلم إلا أننى فوجئت به بعد أيام يقول لى لا تكتب سيناريو هذا الفيلم الآن، وأريدك أن تكتب لى فيلم من نوع العرب على غرار فيلم ”انتقام الأرواح” ولتبدأ فوراً فى هذا إن لم تكن لديك فكرة جاهزة عليك بإحضار مقالات عن الأراوح والأشباح لتختار منها واحدة تصلح لأن تكون فكرة للفيلم فقلت له، ما الذى يجعلك تفكر فى هذا فجأة؟ فقال: أنه لون يجتذب الناس لما فيه من غموض وإثارة وفى نفس الوقت يحقق إيرادات ضخمة، ثم أننى أريد أن يتخصص مكتبى فى هذه النوعية من الأفلام. وبعد مرور أسبوعين من هذا اللقاء ذهبت إلى عمر ومعي فكرة الفيلم المطلوب، وما أن قرأها حتى أرتسمت علامات الفرح على وجهه وتحمس لإنتاجها فى فيلم مثير وراح يشرح لى تخيله لموسيقاه التأثيرية، وأقترحنا أبطاله، وكيفية إستغلال المؤثرات الصوتية والضوئية وتسلسل الأحداث ليظهر العمل متكاملاً. وقال عمر : هل تعرف لماذا طلبت منك كتابة هذه الفكرة بالذات؟ لا تعتقد أننى أريد إنتاج أفلام إثارة بغرض التشويق فقط، ولكن هناك شيئاً آخر دفعنى للتفكير فى تقديم هذا اللون ولأننى أثق فيك فسوف أقول لك الحقيقة ولكن عليك أولاً بعدم إفشاء السر طالما أنا حى على ظهر الأرض! ووعدت عمر بأنى سوف أحتفظ بالسر فحكى لى كل الأحداث التى مر بها، وكيف تعرف بالجنى الذى أصبح صديقاً له، يأتى إليه كثيراً ويحادثه، حتى أنه حضر إليه ذات مرة فى وجود سفير إحدى الدول العربية بمكتبه، وحين سمع صوته أصيب بإغماء من هول المفاجأة، وحاول عمر أن يفهمه أن ذلك لم يكن سوى شريط تسجيل، ولكن الرجل لم يقتنع بعد أن شاهد عمر وهو يحادث صوتاً لا جسد له! وقلت لعمر: وبماذا يفيديك هذا الجنى العفريت؟ فقال عمر: أنه يقول لى أشياء خطيرة لا أستطيع قولها! – فقلت إنى أخشى عليك أن يصيبك مكروه. – فقال عمر: وكيف أتخلص منه وقد أختارنى بنفسه؟ – فقلت له قل لى شيئاً مما قاله لك – فقال عمر: لقد قال لى أن عمره 1700 سنة! فقلت له: هذه معلومة ليست جديدة، فالجن معروف عنه أنه قد يعيش عشرة آلاف سنة! فقال عمر بتردد: سأقول لك شيئاً سمعته منه ولم أفهم معناه لقد قال لى ذات مرة: وجهك معكوس على شظايا الزجاج! قلت: ألم تسأله تفسيراً لهذه الكلمات. قال: سألته فقال: إنه بركان أحمر يتلألأ فوق جبال قاتمة السواد! والغريب أن أحدنا لم يفهم معنى ذلك وقتها ، ولكن الذى حدث أن عمر مات فى حادث سيارة ورشقت شظايا الزجاج فى رقبته فأنفجر بركان الدم الأحمر فى أرض الموت السوداء وسبحان الله الذى لا يعلم الغيب أحداً غيره!! فى تلك الليلة جاء الكاتب المعروف عبد الله أحمد عبد الله الشهير بـ(ميكى ماوس) فقد كان هناك إتفاق على تحويل بعض كلماته إلى أغان يقوم بتلحينها وتوزيعها عمر خورشيد، ولما لاحظ شرود عمر قال له: سأمر عليك الأسبوع القادم. – فقال عمر: لأ يا أستاذ عبد الله أنا عايزك فى موضوع مهم. ولكن ميكى ماوس كان على موعد فى التلفزيون لتسجيل أحد برامجه فأصر على الإنصراف على أمل اللقاء لإنهاء إتفاقهما. وبعد ما قال لى عمر: كنت سأحكى له عن موضوع الجنى لأنه حكى لى من قبل حكايات غريبة عن العفاريت والأشباح! قلت: وما علاقة هذا بذاك؟ فقال: قد يعرف أحد! يساعدنى فى هذا الموضوع عموماً ربنا يقدم اللى فيه الخير. وإمتدت الجلسة بيننا حتى منتصف الليل، تحدثنا فى أشياء كثيرة حدثنى عن والدته عواطف هاشم، وعن خاله حسن، وعن شقيقاته جيهان، وشريهان التى كان يعتبرها ”كتكوتة” العائلة ولا أعرف لماذا حدثنى عن هؤلاء الذين يحبهم فى تلك الليلة بالذات؟ وإنتقل الحديث الشيق إلى تلك العوالم الغامضة التى تضع أمامك المئات من علامات الإستفهام، وفجأة إنقطع التيار الكهرباء، فقال عمر وهو يضحك: صاحبنا وصل! فقلت: من؟ فقال: الجنى طبعاً هو فيه حد غيره يقدر يقطع النور! ولم أفتح فمى، وأشعل عمر شمعة واحدة وضعها أمامه على المكتب، وشعرت بأن هناك جسماً إلى جوارى، يلتصق بى ولا أراه، أنفاسه قريبه منى وسرت فى جسدى قشعريرة غريبة، وسرحت بخيالى بعيداً عن المكان والزمان لأتنبه بعدها على صوت عمر وهو يقول: على إيه؟ فقال وهو يضحك: لا يا حسن مش أنت! وعرفت طبعاً أن الحديث لم يكن لى، وأن ثمة حواراً دار بينه وبين الجن وأنا سارح فى تساؤلاتى وبعد قليل عاد التيار الكهربائى مرة أخرى، فودعت عمر وأنا أهم بالإنصراف لأنه كان سيسافر فى اليوم التالى إلى أستراليا وعلى باب المكتب طلب منى ضرورة تحديد موعد مع الكاتب الكبير أنيس منصور صاحب المؤلفات الشهيرة عن تلك العوالم التى تسحر العقول! وسافر عمر خورشيد إلى أستراليا، وعاد إلى مصر بعد رحلة فنية موفقة، وبعد عودته أتصلت به وأتفقنا على اللقاء، ولكنه رحل فجأة فى حادث مروع هز كيان محبيه، وروى جسده التراب، ودفن معه هذا السر الغامض المثير إلى الأبد!! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|