رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصلاة والفرح «أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ» (يع5: 13) إنها لَحقيقة روحية لا يمكن إنكارها، وهي أن الصلاة مصدر للفرح القلبي الذي يُنشِئ فينا التسبيح. وهذا ما لمسناه في أحداث كثيرة وردت في الكتاب المقدس؛ وأيضًا مع شخصيات مختلفة من خلال الوحي. وبدون شك، إن كنا رجال صلاة، نكون قد اختبرنا هذا في حياتنا. فالصلاة تتضمن اعترافًا بضعفنا، وعدم قدرتنا على مواجهة مشاكل الحياة بمفردنا، بما فيها من مصاعب، فنُلقي بهمومنا على الرب فترتاح قلوبنا (1بط5: 7). ألم يتكرر هذا في حياتنا مع الرب؟ أولم نرَ هذا في حياة القديسين في كلمة الله؟ هذا ما رأيناه في حادثة بولس وسيلا، وهما في سجن فيلبي؛ إذ كانا يُصليان نتيجة ظروفهما الصعبة التي كانا يمران بها في السجن، وقد ألقيا – بالصلاة - حملهما على الرب. ورغم عدم خروجهما من السجن، نراهما يُسبِّحان الله. وهذا نتاج الفرح، الذي ملأ قلبيهما نتيجة الصلاة (أع16: 25). من هذا نفهم أن الفرح ينبع من داخل الإنسان، إذا ألقينا همومنا على الرب بالصلاة، وليس من تحسن الظروف المحيطة بنا. أولاً: فرح نتيجة تغيُّر الظروف الصعبة التي تحيط بنا إننا نتذكر حزقيا ملك يهوذا، عندما حاصر جيش سنحاريب ملك أشور، بقيادة ربشاقي، مدن يهوذا (2مل18، 19)، فماذا فعل؟ تذلل أمام الرب، ثم صعد إلى بيت الرب، ونشر أمامه الرسائل التي أرسلها له سنحاريب، وصلى. وبذلك واجه حزقيا سنحاريب بالرب. فأرسل الرب إشعياء النبي إلى حزقيا بكلام يطمئنه بأن الله استجاب الصلاة، وأنه سيأتي بالخلاص الأكيد، وبالقضاء على سنحاريب وجيشه، وقد حدث. وبدون شك، صار فرح عظيم لحزقيا، ولكل يهوذا بهذا الخلاص العظيم. وعندما وضع الملك هيرودس بطرس في السجن (أع 12)، صلَّت الكنيسة من أجله «وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ» (ع 5). وقد استجاب الرب لتلك الصلوات، وجاء ملاك الرب إلى بطرس، وأخرجه من السجن «ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ» (ع 12). وفرحوا جميعًا بنتيجة استجابة الصلاة، وهي خلاص بطرس. ثانيًا: فرح رغم عدم تغير الظروف المحيطة إن كان زوال الخطر نتيجة الصلاة يجلب الفرح، كما رأينا، فإن الصلاة تُجلب الفرح حتى لو لم تتغير الظروف التي نجتاز فيها. وهذا ما اختبره داود، عندما كان في برية يهوذا هاربًا من وجه أبشالوم ابنه (مز63). إذ بدأ بالصلاة قائلاً: «يَا اللهُ، إِلَهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي، يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ» (ع1). لكن نرى أن النغمة تحولت فجأة من الصلاة إلى التسبيح، وهذا دليل الفرح؛ إذ قال: «كَمَا مِنْ شَحْمٍ وَدَسَمٍ تَشْبَعُ نَفْسِي، وَبِشَفَتَيْ الاِبْتِهَاجِ يُسَبِّحُكَ فَمِي» (ع5). وهذا الفرح لم يكن نتيجة زوال الخطر المحيط به، ولا أن الرب قد زوَّده بقوة تفوق قوة الأعداء، بل كان هذا نتيجة الصلاة، لأنه سلَّم القضية للرب، فاستراح قلبه وشعر بالفرح. وهناك قضية من نوع آخر، إذ نرى حنة امرأة ألقانة (1صم1)، وكانت تبكي حزينة ومُرة النفس لأن «الرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ رَحِمَهَا» ولم يكن لها أولاد. وما زاد من مرارة نفسها أن ضرتها (فننة) كانت تغيظها إذ كان لها أولاد. ورغم محبة ألقانة لحنة، لكن هذا لم يعالج المشكلة. ورأت حنة أن الحل هو أن تذهب إلى هيكل الرب «وَهِيَ مُرَّةُ النَّفْسِ. فَصَلَّتْ إِلَى الرَّبِّ، وَبَكَتْ بُكَاءً»، ونذرت بأن تعطي الابن الذي سيولد للرب «ثُمَّ مَضَتِ الْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُهَا بَعْدُ مُغَيَّرًا»، أي أن مظهر الحزن والكآبة قد زال عن وجهها! والسبب، ليس لأنها خرجت حاملة الولد، بل لأنها وضعت مشكلتها بين يدي الرب، وأخذت وعدًا من الرب، من فم عالي الكاهن، إذ قال لها: «اذْهَبِي بِسَلاَمٍ، وَإِلَهُ إِسْرَائِيلَ يُعْطِيكِ سُؤْلَكِ الَّذِي سَأَلْتِهِ مِنْ لَدُنْهُ». وقد تحقَّق هذا الوعد فصلَّت بعد هذا مُعَبِّرة عما في قلبها، وبدأت بالقول: «فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ ... لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ» (1صم2: 1). وهكذا جلبت الصلاة الأفراح. عزيزي القارئ: هل أنت في ظروف صعبة تُحنيك؟ أم تواجهك مشاكل تُكدِّر حياتك، ولا تقدر على مواجهتها؟ عليك بالصلاة، وسكب قلبك أمام الرب، فتنقلب الأحزان إلى أفراح. ولنتذكر كلمات ربنا المعبود: «إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئاً بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً» (يو16: 24). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|