رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يُحكَى أنَّ الرهبان، في أحد الأديرة، لاحظوا، ذات مرَّة، أنَّ الغربان، في موسم الفاكهة، كانوا يتهافتون على بستان الدير، فيقطف كل غراب ثمرة ويأخذها بعيداً. استغرب الرهبان عمل الغربان، وأرادوا أن يعرفوا إلى أين تذهب هذه الطيور بالثمار! فلاحظوها ولاحقوها. كانت الغربان تدخل إلى داخل غابة أشجارها كثيفة ويصعب السير فيها. لم يتراجع الرهبان عن المسير، بل تابعوا طريقهم بإصرار كأنَّ شيئاً ما، في داخلهم، كان يدفعهم إلى ذلك. وبعد تعب شديد وصعوبات عديدة، وصلوا إلى مغارة كانت الغربان تأتي إليها وتضع الثمار فيها ثم تنصرف. دخل الرهبان إلى داخل المغارة، وإذا بهم يكتشفون أنَّ فيها ثلاث راهبات ناسكات، فاستغربوا ومجَّدوا الله. ما الذي أتى بهُنَّ إلى هذا المكان؟! سبحان الله! وأخذت الناسكات تروين قصَّتهن. قالت الكبرى بينهن إنها كانت زوجة لأحد النبلاء في مدينة القسطنطينية، وفجأة مات زوجها. فجاء نبيل آخر وأرادها لنفسه زوجة بالقوة، فلم تَرضَ. لم تكن ترغب في الزواج بعد وفاة زوجها لأن الدنيا صغُرت في عينيها. لم تَعُد تعني لها مباهجُ الحياة الدنيا شيئاً. لقد أدركت أنَّ لا شيء يستحق أن تعيش من أجله وتموت من أجله غير المسيح. وإذ أرادت أن تتفرَّغ للحياة مع المسيح، قامت ووزَّعت كل ما تملك على الفقراء، وهربت، برفقة خادمتَين لها، وجاءت إلى هذه المغارة. في هذه المغارة، عاشت النسوة الثلاث راهبات ناسكات يُصلِّين ويَصُمْنَ، لا يدرين بأحد ولا يدري أحد بهن غير الله. وقد باركهن الربُّ الإله وفَرِحَ بعملهن، كما أرسل إليهن الغربان ليؤمِّنوا لهنَّ الطعام. وفيما كانت النسوة الثلاث يُخبرن قصَّتهن، لاحَظ الرهبان النور يطفح من وجوههن، فمجَّدوا الله. وطلبت الناسكات من رئيس الدير أن يأتيهن بالقُدْسات، أي بالمناولة المقدَّسة. وبعد أن تناولن بثلاثة أيام، أخذهن الربُّ الإله إليه بسلام، لأنهن أكملنَ عملهنَّ على الأرض، وأراد الله أن يُدخِلهن إلى فَرحِه. فقام الرهبان ودفنوهن، وعادوا إلى الدير يُخبرون الجميع بقصَّتهن. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|