المسيح يطلب الغفران لصالبيه
"فَقَالَ يَسُوعُ: "يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ". وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا" (لوقا 23:34).
لما ابتدأ العسكر صلْبَ المسيح كانت قد مضت ثلاث ساعات من النهار في محاكمته أمام المجمع اليهودي، ثم الوالي الروماني، ثم الملك هيرودس الأدومي، ثم من السيْر إلى محلّ الصلْب. وكان الجنود معتادين على صراخ الغضب والشتائم والألفاظ الكفرية التي يصبُّها المصلوبون على رؤوسهم، والمرجَّح أن اللصين ماثلا غيرَهما في ذلك. أما المسيح فسمعوه يصلّي لأجلهم صلاة محبة في كلمته الأولى على الصليب: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون". لم يطلب لهم المعذرة أو التبرئة بحجَّة جهلهم ما يفعلون، لكنه طلب لهم الغفران بحجة أن خطيتهم أخفُ مما كانت لو عرفوا تماماً من هو الذي يصلبونه. نذكر قول بولس الرسول: "لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ" (1 كورنثوس 2:8).
في صلاة المسيح: "يا أبتاه اغفر لهم" لهجةٌ جديدة لم نسمعها منه سابقاً. كان عادة يلفظ بالغفران كمَنْ له الحقُّ أن يمنح ذلك، لكنه الآن يتكلم كمن يسامحهم بحقوقه عليهم، ويهتمّ بأن ينصرف عنهم الغضبُ الإلهي على ما فعلوه به.