ليس المسيح شهيداً
لم يجبر أحدٌ أن يقبل ما فعله به أعداؤه. فليس موت المسيح موت شهيد، فالشهداء يُقتَلون على رغم إرادتهم، ولو استسلموا للموت دون إكراهٍ لكان ذلك افتخاراً. وهذا حرام. لكنهم كانوا يريدون أن يعيشوا. نعم كانوا يريدون أكثر أن يُرضُوا اللّه، فلما اضطرهم مضطهدوهم للاختيار بين ترك الحياة وترك رضى اللّه، فضَّلوا الاستشهاد على مخالفة ما يطلبه اللّه منهم، ولكن لم تكن لهم قدرةٌ للتخلُّص من أعدائهم.
أما موقف المسيح فيختلف عن هذا كلياً.. لقد أوضح كثيراً سلطانه أنه قادر أن يخلِّص نفسه من أيدي أعدائه. وبما أن خلاص البشر يتوقف على استسلامه للصلب، يكون تخليصُه أعظم ضرر على الجنس الخاطئ. فالعقل أيضاً يؤيد الوحي في هذا الأمر. لذلك لا يكفي مطلقاً أن ننظر إلى صَلْب المسيح كحادث تاريخي مؤثر فقط، بل كحادث تتوقف عليه حياتنا الروحية وسعادتنا الأبدية. ولهذا قال الرسول بولس: "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لَا أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2:20) "عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لَا نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضاً لِلْخَطِيَّةِ" (رومية 6:6).