رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إذ انطلق لسان أليصابات يطوب الـعـذراءلأنها آمنت بالمواعيد وحملت كلمة الله فى أحشائها، إنطلق أيضا لسان العذراء بالتسبيح لله، وهكذا تحول اللقاء إلى ممارسة لحياة تعبدية على مستوى تسبيحى ملائكى، يمجد الله ويعلن أسراره الفائقة بفرح.
" فقالت مريم : تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى " ( لو 1 : 46 – 47 ). هنا النفس والروح يشتركان فى التعظيم، لقد أساءت حواء إلى خالقها حين شوهت روحها بالعصيان وأفسدت خليقة الله الصالحة، فلم تعد حياتها تمجد الخالق ولا أعماقها تعلن عن بهائه، وقد جاءت القديسة مريم تحمل كلمة الله فى أحشائها يرد لنفسها جمالها الأول وتصير روحها مبتهجة بكونها صورة الله ومثاله. " تعظم نفسى الرب.... " عندما يزداد بر الأنسان بداخله يزداد بهاء الرب ولمعانه بداخله، أما عندما نخطىء تصغر الصورة وتبهت!! " تبتهج روحى بالله مخلصى.... ".. هذا القول يحمل مفهوما لاهوتيا هاما أن القديسة مريم مع سموها العظيم تحتاج إلى " الخلاص " كسائر البشر. " نظر إلى اتضاع أمته.... " لم تقل أن الله نظر إلى صلواتها وأصوامها أو سهرها، لقد عرفت الطريق الذى به تنطلق إلى مراحم الله وتغتصب عطاياه وهو " الأتضاع "، فإن كان عدو الخير فقد مركزه خلال الكبرياء، فبلأتضاع تعود النفس إلى الله. " فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى.... " إننا نطوبها عبر العصور لا كعذراء عاشت ثم ماتت وإنما كعذراء تجلى فى حياتها عمل الله الخلاصى الفائق، لقد تمتعت العذراء بأمومة للسيد المسيح إذ حملته متجسدا فى أحشائها، وقبل هذا حملته بالأيمان فى قلبها. " صنع قوة بذراعه، شتت المستكبرين بفكر قلوبهم "... تشير " بالذراع " إلى الرب يسوع المسيح الذى ولدته، " وبالمستكبرين " إلى ابليس وجنوده. " أنزل الأعزاء عن الكراسى، ورفع المتضعين "... غرق إبليس وحكماء الأغريق وكتبة اليهود وفريسوهم فى بحر العظمة الفارغة والخيلاء الكاذبة فأذلهم الله ورفع عليهم قوما إتضعت قلوبهم وخلصت ضمائرهم فقد أعطوا سلطانا ليدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا يصرهم شىء.. " أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين ".. جميع البشر ما عدا اليهود أعوزهم مجد الله وذاقوا مرارة الجوع، لم يكن هناك من بين الناس سوى اليهود الذين إستمتعوا بلذة الناموس وتثقفت عقولهم بتعاليم الرسل والأنبياء إذ " لهم التبنى والمجد والعهود والأشتراع والعبادة والمواعيد " رو 9 : 4، ولكن قادهم غرورهم إلى هاوية الشموخ. لم يقبل اليهود سلطان الحياة وصلبوا المخلص وهجروا ينبوع الماء الحى ولم يقدروا قيمة الخبز الحى النازل من السماء، فلا غرابة بعد ذلك أن ذاقوا مرارة جوع لا يضارعه جوع آخر، أما الأمم الذين قبلوا المخلص فقد أشبعت نفوسهم من دسم الكلمة الإلهية وارتوت قلوبهم بالماء الحى الشافى لأنهم قبلوا الرب يسوع المسيح فحظوا بالمواعيد التى كانت لليهود قبلا. " عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة ".. لم يعضد شعب إسرائيل حسب الجسد وهو الذى امتاز بالكبر والخيلاء وشمخ بأنفه معتمدا على حسبه ونسبه بل عضد إسرائيل حسب الروح، وتشير الآية أيضا إلى جمهور اليهود الذين قبلوا الرب فاديا ومخلصا " إذا كان حضور العذراء مريم إلى أليصابات وسلامها جعلا يوحنا وهو جنين يرتكض مبتهجا وأليصابات تتنبأ بعد أن امتلأت بالروح القدس.. إن كان هذا كله قد تم خلال ساعة واحدة، فلنا أن نتصور مقدار النعمة التى حلت على أليصابات ويوحنا طوال فترة الثلاثة أشهر التى مكثتها العذراء فى منزل أليصابات لتخدمها - فى هذه الأشهر الثلاثة كان يوحنا يتقوى فى حلبة الأبطال ويعد وهو فى بطن أمه لميلاد عجيب وتثقيف أعجب ... هكذا كان النبى يوحنا يأخذ المسحة المقدسة ويتهيأ للمعركة الكبرى. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|