طوبى للأنقياء القلب
السبب المعطى للطوبى السادسة هو أصعب الكل وأبعدها عن التصديق. قال: "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله". أليس هذا مستحيلاً في هذه الدنيا؟ أليس هو العلي الذي يرى ولا يُرى؟ ألم يقل المسيح سابقاً: "اَللّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ؟" (يوحنا 1:18) مع كل ذلك نعلم أن اشتهاء الإنسان معاينة الله أمر فطري، وأشرف ما هو فطري في الإنسان.
حسب تصوُّرات الذين خاطبهم المسيح إن الذين يعاينون الله في هذه الدنيا، أو في الآخرة هم الأغنياء في العلم، ولا سيما المتعمَّقين في الدروس اللاهوتية، لأن لهم البصيرة الكافية ليروا من الأمور الإلهية ما لا يراه غيرهم. لكن المسيح يرى أن أنقياء القلب هم الذين يعاينون الله. لا أنقياء العين بل أنقياء القلب. العين التي تستطيع رؤية الله إذاً ليست عين العقل الذكي بل القلب النقي. قال داود النبي: "لِأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.. مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ اَلطَّاهِرُ الْيَدَيْنِ، وَالنَّقِيُّ الْقَلْبِ" (مزمور 11:7 و24:3، 4).