جراحة سماوية

[walaa farouk]

هاييجي وقت عليك كدة ربنا هايمنع عنك المُسكّنات اللي عشت عليها سنين بدون مقدّمات .. فا يعلى صوت وجعك وألمك اللي بتداريه لأول مرة من وقت طويل، وأول ما تصرخله عشان يريحك ييجي بسرعة فعلاً .. بس المرة دي بييجي بـ"مشرط" مش بمُسكّن زي ما أنت مُتخيل .. ويبتدي يعمل في روحك أول "جراحة سماوية". جراحة كلّها صراخ وألم.. وده لأنه قرر المرة دي يشفيك بجد مش بس يسكّن وجعك مؤقّتاً.
ويبتدي بعد ما يفتح الجرح يغوّط في جروح وقروح قديمة كنت شايفها اتشفت (او كنت عايز تشوفها كدة) .. وتستمر عملية استكشاف "القرف" اللي جواك فترة مش قليلة .. فترة فضح لروحك والمستخبي جواها .. علاقات .. ادمان .. نجاسة .. انانية .. لامبالاة .. كذب.. كل العك ده ربنا هايطلّعه للنور .. وهايخلّيك تشوفه بصورته الحقيقية "المقرفة" مش زي ما كنت بتهوّنه وتجمّل فيه..
ويفضل شغّال يجيب كل الضلمة اللي معششة في روحك سنين لحد ما يوصل "للقعر" زي ما بيقولوا كدة.. لحد ما تجيب اخرك وتبقى قدّامه "يا مولاي كما خلقتني" .. فاضي من كل حاجة .. فاضي حتى من نفسك .. وأول ما يشوفك فضيت.. يبتدي يجهّزك للشفاء والراحة.. فا يقرر يوقف الجرح ، ويبتدي "يعصب"، يبتدي يفقّل الجرح ويخيطه.. بعد طبعاً ما يملاك بيه .. بعد ما يملاك بصورته وصوته .. في الوقت ده هايرجع يطبطب عليك تاني بعد وقت طويل كان ساكت فيه مش بيتحرّك .. مش بس كدة، ده هايبكي وينوح معاك على الحال الصعب اللي وصلتله..
والخبر الحلو.. أنه بعد وقت من خياطة الجرح القديم ده هاتتفاجئ بنفسك عايش من غير مُسكّنات .. قادر تواجه الواقع والألم "بوعي كامل" من غير هروب ومُخدرات بكل انواعها .. وهاتتفاجئ بردود افعالك قدام الصدمات .. بهدوئك قدام التجارب .. بإبتسامتك قدام الايام الصعبة .. كل ده لأن الڤيروس اللي كان جواك اتشال .. بقيت مشفي ومليان نور .. والأهم من كل ده انك هاتشوف الله في مكانه الحقيقي، انه معاك مش عليك.
عملية صعبة؟ آه ..
مؤلمة؟ لحد الموت ..
بس لو ماعدّتش فيها .. هاتفضل عايش في موتك مش دايق طعم الحياة ..
صعبة بس تستاهل ..
بيجرح .. بس عشان "يعصب" بعدها ..
وأنت نفسك اللي كنت شايفُه جاي يموّتك .. هاتكتشف بعد كل ده أنه جه يموّت "الموت اللي فيك" عشان يخلّيك تعرف تعيش..