وصف القديس ديمتري الذي من روستوف St. Dimitri of Rostov الخير الأعظم بعبارات الاتحاد بالله فقال:
[أوَّل كل شيء ينبغي أن يُفهم أن من واجب جميع المسيحيين، خاصة أولئك الذين دَعوَتهُم هي التكريس للحياة الروحية أن يجاهدوا دائمًا وبكل وسيلة ليكونوا متَّحدين مع الله: خالقهم ومحبهم، وصانع الصلاح لهم، وخيرهم الفائق، والذي به وله قد خُلقوا. وهذا لأن المركز والغاية النهائية للروح التي خلقها الله ينبغي أن تكون الله نفسه وليس سواه، الله الذي منه قد استمدَّت الروح حياتها وطبيعتها، والذي لأجله يجب أن تحيا إلى الأبد. لأن جميع الأشياء التي تُرى على الأرض، المحبوبة والمرغوب فيها، من الغِنى والمجد والزوجة والأولاد، وفي كلمة واحدة، كل شيء في هذا العالم إن كان جميلاً أو حلوًا أو جذَّابًا، إنما لا ينتمي إلى الروح ولكن إلى الجسد فقط، وهو مؤقَّت وسوف يعبر سريعًا كالظل. أمَّا الروح التي لها الخلود، فيمكنها أن تبلغ راحتها الأبدية في الإله الأبدي فقط الذي هو خيرها الأعظم، والأعظم كمالاً من كل جمال وحلاوة ولطف، وهو بيتها الطبيعي الذي منه أتت وإليه يلزم أن تذهب، لأنه كما أن الجسد الذي يأتي من التراب يذهب إلى التراب، هكذا الروح التي تأتي من الله تعود إلى الله وتسكن معه، لأن الروح قد خلقها الله لتقيم معه إلى الأبد، لذلك فإنه في هذه الحياة المؤقَّته، يلزم أن نبحث باجتهاد عن الاتحاد بالله، لنُحسب مستحقين أن نكون معه وفيه إلى الأبد في الحياة الآتية, ولكي يُشعل الإنسان في قلبه مثل هذا الحب المقدَّس ويتَّحد مع الله في حبٍّ لا ينفصل، فإنه يجب عليه أن يُصلِّي باستمرار وأن يرفع عقله إلى الله, وكما أن اللهب يزداد اشتعاله كلَّما أُمِدَّ بالوقود باستمرار، هكذا الصلاة التي تُمارَس كل حين، ومعها الفكر وهو متعمِّق أكثر في الله، يوقظ ويستحث الحب الإلهي في القلب. والقلب وهو مشتعل بالنار سوف يُدفئ الإنسان الداخلي، وسوف يُضيء له ويُعلِّمه ويكشف له كل الحكمة المخفية وغير المعروفة، ويجعله مثل صاروف ملتهب، ويجعله واقفًا دائمًا أمام الله بروحه من الداخل، ويجعله دائمًا يتطلَّع إليه بفكره، ويجتذب من هذه الرؤيا حلاوة الفرح الروحي].
