رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رسالة لكل نفس تريد أن تحيا مع الله بالصدق والحق
[ ولكن إن كنتم بلا تأديب قد صار الجميع شركاء فيه فانتم نغول (أولاد غير شرعيين) لا بنون ] (عبرانيين 12: 8) والعصا الإلهية لا تأتي إلا لأولاد الله الأخصاء جداً والمحبوبون عنده، وكما هو مكتوب متى تألم الجسد كف عن الخطية، وكما قال القديس بولس الرسول: أعطيت شوكة في الجسد وتضرعت لله ثلاثة مرات كي ما تفارقني ولكن الله قال له تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل، وكما هو أيضاً مكتوب أنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل الملكوت، وما أكرب الطريق الذي يؤدي للحياة الأبدية ... والنفس التي تُسحق، لا تصل للانسحاق في يوم أو ساعة واحدة أو تدرسه في كتاب أو كلام وعظ وتحت أفكار فلسفية أو منطقية أو حتى تأملات شخصية وأحاسيس انفعالية، بل تتذوقه كحياة عميقة بينها وبين الله، وهذا هو الطريق العملي لتذوق خبرة الصليب: مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، حتى أقدر على أن أقول مع الرسول: [ فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ] (غلاطية 2: 20) والنفس المنسحقه تكون جقاً مملوءة سلاماً وهدوءً، فكلما نمت في النعمة والكمال زادت انسحاقاً وانسابت في التواضع بلا جهد، وأي انحراف منها نحو الكبرياء أو العظمة أو المجد الباطل تقشعر منه وتبغضه بشدة ولا تطيقه أبداً ... والانسحاق في مفهوم الإنجيل هو السَّحق έθραυσα، بمعنى: (( كسر الشيء بغرض تحطيم عُلوَّه ليصير منخفضاً وضعيفاً ))، وهو اصطلاح يفيد ما يخص الروح، بمعنى الاتضاع والوداعة وإنكار الذات وإماتة المشيئة، كل ذلك معاً. وطبعاً المعنى في الإنجيل لا يفيد إضرار النفس أو امتهان الروح الإنسانية المخلوقة على صورة الله على الإطلاق كما يظن البعض، ويرشدوا الآخرين خطأ، في أن يهينوا أنفسهم أو يزلوا أجسادهم، ولكن الكسر والتحطيم ينصب فقط من الله على أجزاء النفس المتعالية كذباً وادعاء، حتى تصل النفس إلى حدودها الأصلية الواقعية والبسيطة المتضعة المحبة جداً. وهنا الله بتأديب النفس وسحقها يُدخلها (هو وبشخصه) في حالة تجديد وإعادة بناءها، بناء واقعياً صحيحاً، بناء يُطابق خلقتها التي خلقت عليها ، وذلك بغاية الشركة مع الله وتجليه فيها وتذوق حضوره الحلو، فالآلام التي نتذوقها وندخل في دائرتها ونقبلها بغصب النفس أولاً ولا نتذمر أو نرفض، ثم نقدم شكر ونثق في يد الله المحب وعصا تأديبه، سنصل لحالة تهذيب وتنقية للقلب والنتيجة هي حتماً : [ وطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله ] يقول القديس مار إسحق السرياني: [+ يسمح الله بالتجارب والعوارض لتأتي على الناس حتى القديسين لكي يدوموا في التواضع. فإذا قسَّينا قلوبنا تجاه العوارض والتجارب يشدد الله التجارب ويُصعَّبها، أما إذا قابلنا التجارب باتضاع وقلب منسحق، فالله سوف يمزج التجربة بالرحمة. + بواسطة التجارب ندنو من الإتضاع، ومن يدوم بلا أحزان أو تجارب، باب العظمة والكبرياء مفتوح أمامه. + من الأحزان يتولد الإتضاع، وبالإتضاع تُعطَى المواهب. فالمواهب لا تُعطَى إذن للأعمال ولا للأحزان بل تُعطَى بسبب الإتضاع المتولد منها. + لا تعتمد على قوتك لئلا تُترك لضعف طبيعتك فتعرف ضعفك من سقطتك، وأعلم أن كل أمر يفتخر به الإنسان يسمح الله بتغييره ليتواضع ! + أن حقرت نفسك لكي يكرمك الناس، فالرب يفضحك ! وان ازدريت بذاتك واحتقرت نفسك وأعمالك في قلبك بالحق من أجل الحق، فالله يوحي إلى جميع خليقته لتكرمك. + حقاً يا رب، إنك لا تكف عن تذليلنا بشتى التجارب والأتعاب إلى أن تتضع نفوسنا ] ( مقتطفات للقديس مار اسحق السرياني من مخطوط منقول عن نسخة البابا كيرلس السادس )
كونوا معافين باسم الثالوث الواحد الوحيد المساوي الذي يليق به كل تمجيد وتسبيح وشكر كل حين آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|