بالكيل الذي تكيلون يكال لكم

[walaa farouk]

عُرف السيّد أنطون الغنيّ جدّاً ببخله الشديد، وإذ اشترى، ذات يوم، قطعة حلوى وانطلق بها فرحاً إلى بيته. لكنّه تعثّر بحجر لم يلاحظه، فسقطت القطعة منه وامتلأت تراباً. حزن على الحلوى، لكنّه إذ شاهد شحّاذاً يطلب منه صدقة، قدّم له قطعة الحلوى وهو متذمّر للغاية.

وفي المساء رأى في حلم أنّه جائع جدّاً، وإذ شاهد فندقاً ضخماً اتّجه نحوه، فرأى أعداداً ضخمة من الناس تدخله، كما لاحظ ازدحام الجالسين في المطعم وكثرة عدد العاملين، فنادى أحدهم وطلب منه طعاماً. وإذ طال انتظاره طلب من عامل ثانٍ ثمّ ثالث، فرابع. وأخيراً جاءه أحد العمّال يحمل قطعة حلوى مملوءة تراباً.

وفي غضب شديد قال له أنطون:

- أما تعرف من أنا؟ كيف تتجاسر وتقدّم لي قطعة حلوى مملوءة تراباً؟ أتظنّ أنّني أستجدي منك؟ إنّي رجل غنيّ، وأستطيع أن أدفع ثمن طعام كثير.

- لعلّك أخطأت في اختيارك المكان يا سيّدي؟

- ماذا تعني؟ ألعلّه لا يوجد لديكم سوى حلوى مملوءة تراباً؟

- لا، يا سيّدي، لدينا الكثير من أنواع الأطعمة، وها أنت ترى حولك كيف نقدّم الأطعمة الفاخرة وبكمّيّات ضخمة.

- أحضر لي، أنا أيضاً، طعاماً وسأدفع لك ما تريد، فإنّي جائع.

- إنّنا لا نقدّم مقابل ثمن يدفعه أحد، إنّما نقدّم ما سبق أن أرسله كلّ واحد إلينا في أيّام غربته على الأرض. هنا مطعم الأبديّة، يا سيّدي، ونحن نخدم البشريّة القادمة إلينا من الأرض، ونردّ لها ما سبق أن قدّمته من إحسان.

كانت هذه الكلمات أبلغ رسالة استلمها السيّد أنطون، فخرج وهو يهزّ رأسه، قائلاً: "صدق الربّ حين قال: "بالكيل الذي تكيلون يكال لكم" (متّى 7: 2).

تيقنوا تماماً أنَّ مِكْيَالُكَ يُكَالُ لَكَ بِهْ ...