المؤمن والعالم

[Mary Naeem]

المؤمن والعالم

المؤمن والعالم
إن كان من الطبيعي أن تسير السفينة فوق المياه، لكنه من الخطر الشديد جدًا أن تتسرب المياه إلى داخل السفينة!!
هكذا هو الحال مع أولاد الله الذين يسيرون وسط هذا العالم، فإنهم يمارسون حياتهم بصورة طبيعية، لكن من الخطر الكبير عندما يتسرب العالم بأفكاره ومبادئه إلى حياتهم. لذلك نصح الرسول يوحنا، الشيخ الوقور، أولاده ألاّ يحبوا العالم.. ويشاركه يعقوب أيضًا التحذير!
نعم إنها واحدة من مبادئ الله:
أن محبة العالم التي هي عداوة لله.
فما أروع أن نحترم مشاعر الله أبونا ومبادئه، وهذه هي عين الفضيلة.
*
ما هو العالم؟
هناك عدّة معاني للعالم في كلمة الله، لكننا نقصد منها واحدة فقط في حديثنا هذا. هذه المعاني هي:
-1-
الكون الذي حولنا:
يقول البشير يوحنا عن المسيح :
«كَانَ فِي الْعَالَمِ، وَكُوِّنَ الْعَالَمُ بِهِ»
(يوحنا1: 10)
ويسمى باليونانية “كوزموس”، لكنه ليس المقصود في حديثنا.
-2-
الناس:
«لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ...»
(يوحنا3: 16).
ولا هو هذا أيضًا المقصود، لأن الله أحب العالم أي البشر الخطاة.
-3-
الأسلوب والنظام المعادي لله:
فيقول أيضًا البشير يوحنا :
«وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعَالَمُ»
(يوحنا1: 10)
وهذا العالم، أو هذا النظام، موضوع في الشرير، ويقال أيضًا عنه :
«الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ»
(غلاطية1: 4).
وأركان هذا العالم هي :
«كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ»
(1يوحنا2: 16).
فالعالم يمجِّد كل ما هو شهواني وعدواني، أفكاره ومبادئه تدور حول كل ما هو مضاد لله ومبادئه. لقد رفع هذا النظام شعاره صارخًا في وجه الله لا نريد أن هذا يملك علينا، وترجم العالم هذا الشعار في قتل ربنا يسوع المسيح.
*
ما هو فكر الله ووصاياه من جهة العالم؟
-1-
عندما جاء المسيح إلى أرضنا، أظهر لنا ما هو العالم وأظهر رداءَته. فقال الرب يسوع :
«لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ، وَلكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا، لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ».
( يوحنا7:7 )
فهذا النظام الشرير يعادي الله وابن الله.
-2-
أعلن المسيح أيضًا مبدأً آخر، أن من يؤمن به ليس من هذا العالم :
«لَيْسُوا مِنَ الْعَالَمِ كَمَا أَنِّي أَنَا لَسْتُ مِنَ الْعَالَمِ»
(يوحنا17: 16)،
ولذلك يبغضنا العالم.
-3-
هذا العالم غارق في أحضان الشيطان:
«نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّير»
(1يوحنا5: 19)،
بل سمي العالم بأنه :
«الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ».
-4-
والله أرسل ابنه ليموت على الصليب لكي ينقذنا من هذا العالم وفساده :
«الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِ خَطَايَانَا، لِيُنْقِذَنَا مِنَ الْعَالَمِ الْحَاضِرِ الشِّرِّيرِ حَسَبَ إِرَادَةِ اللهِ وَأَبِينَا»
(غلاطية1: 4).
-5-
العالم في عداوة ضد الله:
أفكاره، رغباته، شخصياته، ومبادئه ضد الله على خط مستقيم؛ لذلك يقول يعقوب :
«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟
فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ»
(يعقوب4:4).
والخلاصة أحبائي؛
أن مبدأ الله واضح، هو أننا لا نحب هذا المعادي لله!!
لقد عرفنا أن هذا العدو ليس هو الناس، بل مبادئ وأفكار الناس البعيدة عن الله والمعادية لله.. فهل نحترم الله ومبادئه، أم نحتضن هذه الأفكار ونعادي الله؟!
ليحفظنا الرب!
*
ما هي خطورة العالم على أولاد الله؟
العالم – كما أشرنا - النظام والأفكار المضادة لله، هو واحد من ثلاثة أعداء لأولاد الله؛ الجسد والشيطان والعالم. وفي كلمة الله نجد ثلاثة صور أيضًا للعالم، ومخاطره على أولاد الله، ممثَّلة روحيًا وأدبيًا في ثلاثة بلدان وهم؛
مصر وسدوم وبابل.
-1-
إبراهيم ونزوله إلى مصر:
في تكوين12 حدث جوع فقرَّر إبراهيم أن ينزل إلى مصر حيث الرفاهية والغنى في ذلك الوقت. لكن مصر، التي هي روحيًا صورة للعالم الذي يسلب المؤمن أعز ما لديه. في مصر أخذوا ساراي الأميرة لبيت فرعون في مقابل ماذا يا ترى؟!
في مقابل بعض الحمير والغنم!!
هذا هو العالم يأخذ منك الروحيات والبركات الأبدية في مقابل بعض التفاهات الوقتية. فهل نحب هذا العالم الرديء؟!
-2-
لوط واختياره لسدوم:
إختار لوط لنفسه السكنى في سدوم، حيث كانت في عينيه :
«كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ»
(تكوين13: 10).
وهل تمتع بهذه الجنة المزعومة؟!
في الواقع، من الناحية النفسية والروحية :
«كان يُعَذِّبُ يَوْمًا فَيَوْمًا نَفْسَهُ الْبَارَّةَ بِالأَفْعَالِ الأَثِيمَةِ»
(2بطرس2: 8).
ومن الناحية المادية والممتلكات الأرضية، خسر كل شيء وخرج منها صفر اليدين، فلقد أحرق الرب سدوم وعمورة بنار وكبريت. أحبائي العالم سيمضي وشهوته، أنه لا يشبع القلب ولن يدوم :
«لأَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ تَزُولُ»
(1كورنثوس7: 31).
-3-
الفتية الثلاثة في بابل:
كشَّر العالم الوثني والمعادي لله – بابل - عن أنيابه ضد الفتية الثلاثة، فسباهم مُجبرين من أورشليم إلى بابل. وهناك غيّر أسمائهم وفرض عليهم القوانين التعسفية وأراداهم أن يذعنوا لعبادته الوثنية. إن بابل هي صوره للعالم بتدينه وإرهابه!!
لكنهم غلبوا هذا العالم بثقتهم في إلههم متممّين كلام الكتاب :
«وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا»
(1يوحنا5: 4).
فلقد وثقوا في الله الحي الحقيقي، واحترموا مبادئه ووصاياه، والنتيجة أن الرب أكرمهم جدًا حسب قوله :
«فَإِنِّي أُكْرِمُ الَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي، وَالَّذِينَ يَحْتَقِرُونَنِي يَصْغُرُون»
(1صموئيل2: 30).
*
أخوتي الأحباء..
أصلي للرب أن يعطني وإياكم إحترامًا وتقديرًا لمبادئ الله، فلا نُحزن قلب الله أبينا، عندما نصادق هذا العالم وندوس على وصيته لنا!
لقد منحنا الله الآب كل الإمكانيات لنغلب بها هذا هذا العالم :
«كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى... هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَة»
(2بطرس1: 3-4)،
وبذلك يمكننا أن نكرمه متمّمين كلماته لنا :
«لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ».
وما أعظم وعود الرب لهؤلاء الغالبين، واحد منها :
«عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ»
(رؤيا3: 4).
فهل أنا وأنت واحد من هؤلاء؟
* * *
أشكرك أحبك كثيراً...
الرب يسوع يحبك ...
بركة الرب لكل قارئ .. آمين .
وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين

يسوع يحبك ...