لقد كانت قوّة خفيّة تُرافق كلماته فتستأثّر القلوب، وتُزيل الصدأ من معادن النفوس، لأنَّه كان ينسج أمثاله وقصصه من خيوط الفصول! وإليك أساليبه: " خرج الزارع ليزرع "، أو " كان لرجل غني كرم " أو " راعٍ عدَّ خرافه "، فكلمات مثل هذه لابد أن تؤثِّر في سامعيه، لأنَّ كلّنا عند التحقيق زارع وجميعنا نُحِب الكرمة، وفي مراعي ذكرياتنا راعٍ وقطيع وخروف ضال، وهناك أيضاً محراث ومعصرة وبيدر..
وهكذاعرف يسوع نوع الخيوط الَّذي صنع الخالق منها ثوب حياتنا، فاخترق بتعاليمه الإلهيّة أعماق قلوبنا، ولأنَّه رأى الحياة بنور الله الَّذي هو أنقى من نور عيوننا، خاطب مشاعر البشر لا عقولهم وأفكارهم فقط.
أمَّا كلامه فقد حمل قوّة لم تصل إليها حكمة الفلاسفة، وكثيراً ما كان في كلماته يمتزج صوت البحر والريح وصوت الأشجار والنسيم والورود.. فإذا تكلّم كأنَّ الحياة تتكلّم مع الموت!