مع أن عمري صغير، إلا أنني أفكر في الإنتحار! وأنا أقاسي من عقدة الذنب، ولا أرى خلاصاً مما أنا فيه!
الإجابة:
عجيب أن تفكر في الانتحار في هذه السن المبكرة! لا يا إبني، لا تفكر في أن تُميت نفسك. إترك الموت يأتيك في الوقت المناسب (بعد عمر طويل إن شاء الله). لا تسعَ أنت إليه، إنما اتركه هو يسعى إليك. وأرجو أن تكون وقتذاك في حالة إستعداد روحي لإستقبال الأبدية.
قل لنفسك: أنا لا أنتحر، لأني لو إنتحرت أكون قاتِل نفس، وأستقبل الموت وأنا قاتل، ويكون نصيبي في الأبدية هو نصيب القتلة في الجحيم.
ولا تظن أن الإنتحار يخلصك من الحياة وما فيها من ألم. بل أنه سيكون بداية لحياة أخرى كلها ألوان من ألم لا يُطاق، وبغير حدود لها في الزمن. أنت الآن تعاني بعض المعاناة هنا، ولكن يوجد إحتمال للخلاص منها في يوم من الأيام. أما إذا أنهيت حياتك على الأرض، ستذهب للعقاب الأبدي كقاتل، حيث لا يوجد أي إحتمال في إصلاح ما فعلته، ولا يوجد أي احتمال للخلاص مما ستكون فيه. وهذا ما نقوله في صلاة الأجبية: "توبي يا نفسي ما دمت في الأرض ساكنة.." تأمل معي ما قاله الحكيم يشوع بن سيراخ: "مَنْ خَطِئَ إلى نفسه، فمن يزكيه؟! ومَنْ يكرم الذي يهين حياته؟!" (سي32:10). ثم يعود يقول: "مَن أساء إلى نفسه فإلى من يحسن؟!" (سي5:14). الكنيسة كذلك لا تصلي على الذي يموت في خطيته، فإن مات الإنسان وهو غير مؤمن أو هو هرطوقي أو مبتدع، فلا تصلى عليه. ومن مات منتحراً وهو عاقل لا يُصلّى عليه، أو من مات وهو في حالة سرقة أو وهو يتعدى على آخرين ظلماً أو ما أشبه..
إذا انتحرت، فخطيتك هذه ستعتبر "خطية للموت"، أي لا تستطيع أن تفعل الكنيسة شيئاً بإزائها.. ولا تطلب المغفرة لك، ولا الله سيغفرها لك. وهي ما قال لها الرسول: "توجد خطية للموت، ليس لأجل هذه أقول أن يُطلَب" (رسالة يوحنا الأولى 16:5).
لا تفقد الرجاء.. الأمل هو أهم شيء في الحياة.. أنت تحيا على أمل الحياة الأفضل في السماء.. وتذكر حكمة سليمان القائلة: "لكل الأحياء يوجد رجاء، فان الكلب الحي خير من الأسد الميت" (سفر الجامعة 4:9)، أي أنه مهما كانت مشاكلك تسبب لك صغر نفس، فمادمت حياً يوجد أمل في التغيير.. لا تقلق..
والإنتحار أيضاً يدل على العجز واليأس، وهو بهذا ضد الرجاء والإيمان، وهما من الفضائل الكبرى (كورنثوس الأولي 13:13).
أما عقدة الذنب عندك فحلها هو التوبة.. إن كنت قد أسأت معاملة أحد، يمكن أن تصالحه، وتصلح نتائج ذنبك.. أما موتك فلا يفيده ولا يفيدك..
تذكر خطية كل من بطرس ويهوذا.. الأول تاب وأصبح من أعظم المبشرين، والثاني يئس من حياته وإنتحر.. وبيده كتب وثيقة هلاكه الأبدي! من ينتحر يحكم على نفسه في نفس اللحظة! أما من يعيش يرى مراحم الله الجزيلة.. "ثم رجعوا وصرخوا إليك، وأنت من السماء سمعت وأنقذتهم حسب مراحمك الكثيرة، أحيانا كثيرة" (نحميا 28:9).
صلِّ إلى الله.. وذكِّره بوعوده.. لكن تكون أول من يفعل هذا.. لو لم يكن لك كلام، إستخدم كلام الكتاب المقدس، وهو أبرع كلام.. قل لله: "يا مخلّص المتكلين عليك بيمينك من المقاومين. إحفظني مثل حدقة العين، بظل جناحيك استرني.. إذكر مراحمك يا رب وإحساناتك لأنها منذ الأزل هي. لا تذكر خطايا صباي ولا معاصيّ. كرحمتك اذكرني أنت من أجل جودك يا رب.. استجب لي يا رب لان رحمتك صالحة. ككثرة مراحمك التفت اليّ" (مزامير 17:7؛ 7،6:25؛ 16:69).
كل يوم تفتح عيناك، قل: "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب؛ نبتهج ونفرح فيه" (مز24:118).
وردد مع إرميا النبي: "أردد هذا في قلبي: من اجل ذلك أرجو؛ إنه من إحسانات الرب أننا لم نفن. لأن مراحمه لا تزول، هي جديدة في كل صباح.. كثيرة أمانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي، من اجل ذلك أرجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه. جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب" (مراثي أرميا 21:3-26).
لا تحزن بسبب مشاكل هذه الحياة كالباقين الذين لا رجاء لهم (تسالونيكي الأولى 13:4)..
تذكر صلاة يعبيص.. ومعنى إسمه "يؤلم أو يحزن".. ذلك الرجل الذي لم يكن له ذكر في الكتاب المقدس كله سوى بصلاته الرائعة التي قال فيها: "ليتك تباركني وتوسع تخومي، وتكون يدك معي، وتحفظني من الشر حتى لا يتعبني" (سفر أخبار الأيام الأول 10:4).
إذا كنت وسط مشاكل بسبب آخرين.. إقرأ كلمات الكتاب المقدس: "تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم لان الرب إلهك سائر معك. لا يهملك ولا يتركك.. تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترتاعوا من ملك آشور ومن كل الجمهور الذي معه لأن معنا أكثر مما معه. معه ذراع بشر ومعنا الرب إلهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا" (التثنية 6:31؛ اخبار الايام الثاني 8،7:32)
إذا كنت تعاني من الفشل، فتذكر قول نحميا "إن إله السماء يعطينا النجاح، ونحن عبيده نقوم ونبني" (نح20:2). (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا)لم يقل أن الله سيعطينا النجاح فقط، بل يجب أن نقوم من سقطتنا، وأن نبني.. يدٌ تبني ويدٌ تحمل السلاح.. أو كما يقول المثل العامي "إسعى يا عبد وأنا أسعى معاك".
سفر المزامير من الأسفار المعزية جداً في الكتاب المقدس، وبه جميع الحالات والإنفعالات النفسية التي تحدث للجميع.. أدعوك لقراءته مرة أخرى بعين جديدة.. وقم بالتخطيط على الآيات التي تعطي أثراً في نفسك.. لتجدها بسرعة كلما تكون في حالة يأس..
يا صديقي كن حكيماً.. "حكمة الإنسان تُنير وجهه، وصلابة وجهه تتغير" (جا1:8).. "إذهب كُل خبزك بفرح.. لأن الله منذ زمان قد رضي عملك.." (جا7:9).. "انزع الغم من قلبك.. وابعد الشر عن لحمك.." (جا10:11).
أرجوك.. لا تيأس.. تعال معي في جولة من سفر إشعياء.. وسأكتب الإصحاحات التي بها هذه الآيات في النهاية:
"هوذا الله خلاصي فاطمئن ولا ارتعب لان ياه يهوه قوتي وترنيمتي وقد صار لي خلاصا.. فتستقون مياها بفرح من ينابيع الخلاص. ينتظر الرب ليتراءف عليكم، ولذلك يقوم ليرحمكم لأن الرب إله حق. طوبى لجميع منتظريه.. لا تبكي بكاء. يتراءف عليك عند صوت صراخك. حينما يسمع يستجيب لك. ويعطيكم السيد خبزا في الضيق وماء في الشدة وتقولون في ذلك اليوم احمدوا الرب ادعوا باسمه عرّفوا بين الشعوب بافعاله ذكّروا بان اسمه قد تعالى.. رنموا للرب لانه قد صنع مفتخرا. ليكن هذا معروفا في كل الارض. صوّتي واهتفي يا ساكنة صهيون لان قدوس اسرائيل عظيم في وسطك..
"ويكون في يوم يريحك الرب من تعبك ومن انزعاجك ومن العبودية القاسية التي استعبدت بها.. يا رب انت الهي اعظمك. أحمد اسمك لانك صنعت عجبا. مقاصدك منذ القديم امانة وصدق. لانك كنت حصنا للمسكين حصنا للبائس في ضيقه ملجأ من السيل ظلا من الحرّ..
"في ذلك اليوم غنوا للكرمة المشتهات. انا الرب حارسها. اسقيها كل لحظة، لئلا يوقع بها احرسها ليلا ونهارا. ليس لي غيظ. يا رب تراءف علينا. اياك انتظرنا. كن عضدهم في الغدوات. خلاصا ايضا في وقت الشدة. فيكون امان اوقاتك وفرة خلاص وحكمة ومعرفة. مخافة الرب هي كنزه.. فان الرب قاضينا. الرب شارعنا. الرب ملكنا هو يخلّصنا.
"هكذا يقول الرب اله داود ابيك: قد سمعت صلاتك، قد رأيت دموعك.. أما عرفت ام لم تسمع؟! إله الدهر الرب خالق اطراف الارض لا يكل ولا يعيا ليس عن فهمه فحص. يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة. الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثرا. وأما منتظروا الرب فيجددون قوة. يرفعون اجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون..
"لا تخف لاني معك، لا تتلفت لاني الهك، قد أيدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري. لاني انا الرب الهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف انا اعينك.. والآن هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا اسرائيل . لا تخف لاني فديتك. دعوتك باسمك. انت لي. اذا اجتزت في المياه فانا معك وفي الانهار فلا تغمرك. اذا مشيت في النار فلا تلدع واللهيب لا يحرقك. لاني انا الرب الهك قدوس اسرائيل مخلّصك. اذ صرت عزيزا في عينيّ مكرما وانا قد احببتك.. لا تخف فاني معك.
"هكذا يقول الرب الجاعل في البحر طريقا وفي المياه القوية مسلكا: أنا انا هو الماحي ذنوبك لاجل نفسي وخطاياك لا اذكرها. انا الاول وانا الآخر ولا اله غيري. لا ترتعبوا ولا ترتاعوا. أما اعلمتك منذ القديم واخبرتك؟ فأنتم شهودي هل يوجد اله غيري؟ لا تُنسى مني..
"قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك. ارجع اليّ لاني فديتك. هكذا يقول الرب لمسيحه.. الذي امسكت بيمينه لادوس امامه امما واحقاء ملوك احل لافتح امامه المصراعين والابواب لا تغلق. انا اسير قدامك والهضاب امهد. اكسر مصراعي النحاس ومغاليق الحديد اقصف. واعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ لكي تعرف اني انا الرب الذي يدعوك باسمك. لاجل عبدي يعقوب واسرائيل مختاري دعوتك باسمك. لقبتك وانت لست تعرفني.. انا الرب وليس آخر. لا اله سواي. نطّقتك وانت لم تعرفني.
"لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها ان ليس غيري. انا الرب وليس آخر. التفتوا اليّ واخلصوا يا جميع اقاصي الارض لاني انا الله وليس آخر.. إنما بالرب البر والقوة.."
هذه مقتطفات من الإصحاحات التالية: 12، 14، 25، 27، 30، 33، 40، 41، 43، 44، 45. وأترك لك العشرون إصحاحاً الباقية من السفر لتخرج منها بنفسك جدداً وعتقاء..
لا أستطيع أن أضيف كلاماً أكبر من هذا ليساعدك على أن تتخلص من تلك الفكرة.. سوى أن أقول لك.. فكر مرة أخرى.. أنت مهم جداً عند الله..