وهو لا يحاول التقاط صورة أي ثقب أسود، بل هو ثقب مميز للغاية بالنسبة لنا: ثقب القوس أ Sagittarius، ذلك الوحش الذي يقبع في مركز مجرتنا درب التبانة! حيث سيقضي مرصد EHT ما يقارب 10 أيام كاملة لتجميع البيانات الواردة إليه، لكن الصورة الحقيقية للثقب الأسود لن تكون جاهزة لمشاهدتها إلا بعد تحليل ومعالجة تلك البيانات بالكامل، الأمر الذي سيستغرق من أعتى أجهزة الحاسب وأسرعها حاليًا في العالم حتى عام 2018 لتحقيق هذا! لا داعي للإحباط على الإطلاق هنا، فالأمر ليس بالببساطة التي قد يبدو عليها الأمر للوهلة الأولى كما سنرى في السطور المقبلة!
كيف يعمل مرصد أفق الحدث (Event Horizon Telescope (EHT؟
مرصد EHT لا يتكون من تليسكوب واحد في الواحد، بل هو أقرب لما يمكن أن نصفه بـ “تجميعة” أو “تعاون” عدد من التليسكوبات الراديوية حول العالم واتصالها معًا لتعمل كمرصد واحد أقوي بكثير. فلرصد شيء مراوغ وبالغ البعد كثقب أسود، يتوجب علينا إما بناء تليسكوب راديو هائل بحجم قارة، وهو أمر مستحيل بالطبع، أو الربط بين ما لدينا من تليسكوبات متباعدة لتعمل معًا ككيان واحد! وهو ما كان بالفعل مع مرصد EHT، حيث يضم أسماءً لامعة في عالم الفلك والرصد مثل مصفوف مرصد أتاكاما المليمتري الكبير Atacama Large Millimeter Array ALMA وتليسكوب القطب الجنوبي South Pole Telescope SPT ومرصد very-long-baseline-interferometry VLBI. هكذا، يصير لدينا مرصد عملاق بحجم كوكبنا نفسه!
هذه القوة المخيفة التي حازها مرصد EHT ضرورية للغاية ومبررة كذلك عندما نتعامل مع الثقب الأسود القوس أ Sagittarius A؛ فعلى الرغم من أن كتلته تبلغ 4 مليون ضعف كتلة شمسنا، فهو بقطر يبلغ 20 مليون كم فقط. لذا، على بعد يبلغ 26 ألف سنة ضوئية من الأرض، يبدو هذا الثقب الأسود ضئيلًا يصعب رصده على ضخامته المهولة في الواقع!
ولكي يعمل مرصد EHT بالدقة المطلوبة، يتم معايرة كل تليسكوب مشارك من خلال ساعة ذرية تضبط الوقت به بدقة تبلغ جزء من تريليون جزاء من الثانية كل ثانية!
وكما لكم أن تتوقعوا، سيستقبل مرصد EHT كميات خيالية من البيانات في كل لحظة؛ لهذا تم تزويده بجيش من أقراص التخزين الصلبة، والتي سيتم نقلها جوًا إلى مرصد Haystack بمعهد معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT لمعالجة البيانات التي تحويها، وهو ما يتطلب بالتبعية الاستعانة بحاسب شبكي grid computer أشبه بحاسب خارق يتكون من 800 وحدة معالجة مركزية تعمل في آن واحد!
مبهر كما ترون، لكن ما الذي سنراه بعد انتهائه من تحليل البيانات؟ هذا يعتمد بشكل كلي على ثلاثة من أشهر الأسماء في عالم الفيزياء في عصرنا الحديث…
آينشتاين، شوارزشيلد، وهوكينج!
ما سنراه في نهاية المطاف عندما نحصل أخيرًا على تلك الصورة السحرية قائم في الواقع على ما خلّفة لنا آينشتاين وشوارزشيلد وما أتبعهما هوكينج مؤخرًا بشأن الثقوب السوداء.