رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو الصوم؟ الصوم بحسب وحي الله في الكتاب المقدس هو الإمتناع عن الطعام من أجل أهداف روحية محددة. أي أنّ الصوم ليس إضراباً عن الطعام، وليس طريقة لنقص الوزن، وليس وسيلة للضغط على الله لكي يباركنا أو يساعدنا أو يحقق لنا أحلامنا. يجب أن نصوم بحسب تعاليم كلمة الله ولأسباب مقدسة بالكامل، فالصوم هو موقف وعمل وطريقة حياة من أجل مساعدتنا في حياتنا الروحية. يشتمل الصوم في الأساس على الامتناع الكلي عن الطعام، ولا يعني الإمتناع عن الماء. نقرأ في إلإنجيل المقدّس بحسب البشير لوقا 2:4 عن صيام الرب يسوع لمدة 40 يوماً، حيث يقول الكتاب: "وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً". ونقرأ في متى 2:4 "جَاعَ أَخِيراً". أي أنه لا يوجد ذكر لعدم ذكر شرب الماء، ولا يقول الإنجيل بأن الرّب يسوع عطش للماء. ويوجد شكلاً آخر للصوم، كما في حالة النّبي دانيال، الذي صام جزئياً كما نقرأ في سفر نبوّة دانيال 3:10 "لَمْ آكُلْ طَعَاماً شَهِيّاً وَلَمْ يَدْخُلْ فِي فَمِي لَحْمٌ وَلاَ خَمْرٌ". وفي سفر أستير نقرأ عن امتناع كامل عن الطعام وعن الماء كما جاء في سفر أستير 16:4 "وَصُومُوا مِنْ جِهَتِي وَلاَ تَأْكُلُوا وَلاَ تَشْرَبُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَيْلاً وَنَهَاراً. وَأَنَا أَيْضاً وَجَوَارِيَّ نَصُومُ كَذَلِكَ". يجب التنويه هنا أنّ صوم دانيال وصوم أستير يعتبر حالة خاصة وقراراً فرديّاً، أي أنه لا يوجد تشريع سماوي ينصّ على هذا النّوع من الصوم، ولكن النمط السائد في الكتاب المقدس هو أنّ الصّوم هو الإمتناع عن الطعام الصلب لمدة محددة من الوقت من أجل هدف روحي معروف ومقدّس. الصوم يعني أيضاً ضبط الشهوات الجسديّة الطبيعية، مثل شهوة الطعام والشراب والعشرة الزّوجيّة. نقرأ في رسالة كورنثوس الأولى 27:9 قول بولس الرّسول بوحيٍ من الله: "أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ". ونقرأ قول النّبي داود في مزمور 13:35 "أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي". الصوم في حياة الإنسان المؤمن والكنيسة هو وقت للصلاة (دانيال 3:9، إرمياء 12:14) والتّواضع والإنكسار أمام الله (تثنية 18:9، نحميا 1:9) وقراءة الكتاب المقدس (إرمياء 6:36). لذلك فإنّ كل مؤمن بالرّب يسوع يصوم من وقت إلى آخر، وذلك بحسب قيادة وتوجيه الروح القدس في طريقة الصوم. وتجدر الإشارة هنا أن إلى أنّ عدداً جيّداً من المؤمنين في العالم اليوم قد جعلوا من الصوم المتكرر من وقت لآخر أسلوب حياة روحيّة، ويختبرون نتيجة لذلك حضور الله بقوّةٍ في حياتهم اليوميّة. ليس كل صوم يرضي الرب: يسأل الرب كل الشعب والكهنة في سفر زكريا 5:7-6 إذا كانوا يصومون من أجل الرب، أم أنّ صومهم كان من أجل غاية أخرى في أنفسهم؟ في العودة الى صوم الشّعب القديم المشار اليه في أشعياء 1:58-5، نجد أنّ هذا الصّوم لم يرض الرب قطعيّاً. كان كثيرين من الناس الأغنياء يستغلون عُمّالهم. والشّعب كانوا يتخاصمون ويضربون أحدهم الآخر. وكانوا مرائين يحاولون ابتزاز الله بالتذمر ونسيان وصاياه. ولمثل هؤلاء قال الله: "هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ، وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ". (إشعياء 4:58). قال إشعياء بوحي من الله في 6:58 "أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ". وبالتالي فإن الله يوصي بهذا النوع من الصوم. هذا الصوم لا يعطي أهمية تذكر للأكل والشرب والإنقطاع عنهما، ولكن يعطي أهمية كبيرة جداً لإنكار الإنسان لنفسه، وأن يعيش بكليته لله. فالتكريس الكامل لله لا يكون ليوم واحد، بل في كل الأيام وعلى الدوام، أي طالما نحن أحياء. يطلب الله منا بشكل عام، وخصوصاً وقت الصّوم، أن ننكر أنفسنا، وأن نكسر قيود الظلم، وشد أواصر اللحمة مع غيرنا من النّاس. وتسديد احتياجات المقهورين. وكسر كل نير عبودية. وتأمين مساكن للمشردين والفقراء لحمايتهم. ويطلب منّا الله أيضاً كسوة العريان وإشباع الجوعان وإرواء العطشان. ومساعدة أقربائنا الذين هم من دمنا ولحمنا. ومقاومة كل نير وظلم واستبداد. والإمتناع عن كيل التّهم على الآخرين، أو التّكلم عنهم بالسوء. هذا النوع من الصوم يغير العالم، ويحدث في حياة الصّائم نتائج روحية وجسدية ونفسية هائلة. هدف الصوم: لماذا يجب علينا أن نصوم؟ وهل نحن بحاجة حقاً لكي نصوم؟ في متى 16:6-18، يفترض الرّب يسوع المسيح من كلّ من يتبعه أن يصوم من وقت لآخر. فالرب يسوع يقول "فمتى صمت" وليس "أذا أحببت أن تصوم". فالصوم هو طريقة حياة يعيشها الإنسان المؤمن كأحد جوانب أو مظاهر حياة التقوى، ويجب أن يتعلمها الإنسان منذ حداثته في الإيمان. من المهم جداً عند الصوم، أن يفحص الناس دوافعهم ونواياهم الخفية. فهل الصوم لكي نحقق مكاسب من الله؟ أو لنحقق مكاسب اجتماعية أمام الناس بأننا متدينين وأتقياء. هل القيام بطقوس دينية يعني رضا الله علينا؟ إن ذلك يعتبر إساءة لشخص الله القدوس لا إرضاءً له. الصوم هو واحد من طرق التعبير عن محبتنا وطاعتنا لله، وإن لم يكن كذلك، فلا داعي له. أذا أراد الإنسان أن يتغير حقاً، فيجب أن يبدأ صومه أولاً بقلبٍ تائب، أي بطلب غفران خطاياه من الله. فلا يمكن للإنسان أن يبدأ بالصوم وهو يحمل في قلبه خطية أو جملة من الخطايا مثل الكراهية والرّفض والحقد أو اشتهاء أمور رديّة. 1. نصوم إذا كان لدينا رغبة قلبية صادقة في علاقة أعمق وأقوى مع الله. نقرأ في سفر النّبي زكريا 5:7-6 "اِسْأَلْ جَمِيعِ شَعْبِ الأَرْضِ وَالْكَهَنَةِ: لَمَّا صُمْتُمْ وَنُحْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالشَّهْرِ السَّابِعِ وَذَلِكَ هَذِهِ السَّبْعِينَ سَنَةً فَهَلْ صُمْتُمْ صَوْماً لِي أَنَا؟ وَلَمَّا أَكَلْتُمْ وَلَمَّا شَرِبْتُمْ أَفَمَا كُنْتُمْ أَنْتُمُ الآكِلِينَ وَأَنْتُمُ الشَّارِبِينَ؟". الصوم هو لله وللتركيز في شخص الله. أي أنّ شخص الله القدوس يجب أن يكون مركز الصوم. 2. نصوم لأننا نريد أن نبتعد عن مشاغل وملذات العالم لفترة من الوقت، حتى نركز أكثر على الله. وكأن لسان حالنا يقول لله: يا رب لا يهمّني الطعام هذا اليوم أو هذا الأسبوع، ما يهمّني هو أن أسير معك، وأعرفك أكثر، وأحفظ كلماتك بقراءة كتابك وبالصّلاة لك. 3. نصوم لأننا نريد أن نكون أقرب إلى الله، ولأننا نريد أن نرى وجهه، وأن نختبر حضوره بقوة في حياتنا. 4. نصوم لأن الله يفرح بنا، فالصوم هو طاعة لله، وتشبّهاً بالرّب يسوع المسيح، وخضوع لمشيئة الله، ومقاومة لشهوات الجسد. فالصوم يدرب حواسنا ويساعدنا على ضبطها، فيصبح الإنسان بذلك سيد نفسه لا عبداً لشهوات الجسد. 5. الصوم يساعدنا لنتذكر بأن الله هو الّذي يحافظ على حياتنا، وليس الطعام الجسدي. نقرأ في كولوسي 17:1 "فيه يقوم الكل". 6. نصوم أيضاً من أجل التخلي عن روتين الحياة اليومية وتكريس وقت للرب. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|