رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نازفة الدم، فهي لم تنزف دماً فقط، إنما استنزفت طاقتها الجسدية والنفسية، مواردها المادية، علاقاتها الاجتماعية والتزاماتها الدينية. إنسانة ضعيفة، محطمة ومرفوضة، لأنها نجسة بحسب الشريعة، والأسوأ من هذا كله أنها أنفقت كل معيشتها على الأطباء، وفي زيارتها لكل واحدٍ منهم، كان هنالك بصيصاً من الأمل في شفائها على يده، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، فهذا المرض خطير ٌجداً، هو مرض عُضال جسدي خبيث، ونزفُ دمٍ بشكلٍ مستمر، هذا المرض يقود الى الاكتئاب النفسي، وشدة اليأس. وليس ذلك فقط، بل يؤدي الى المرض الروحي: إذ تُصبح محرومة دينياً وطقسياً، ومحرومة اجتماعيا من الزيارات والالتقاء بالناس. حقاً كانت يائسة بكل معنى الكلمة! لكن لم تستمر حالتها هكذا، فذات يوم انقلبت رأساً على عقب، إذ كان يسوع مجتازاً في بلدتها، ذاهباً في مهمة، وهي إقامة ابنة يايرس، محاطاً بحشدٍ من الجموع، لكن لم يوقفها ويهبط عزيمتها أي عائق، ففي أعماق نفسها كانت تدرك نجاستها، لكن أدركت أيضاً أن هذا الشخص العجيب لا يتنجس من لمسة، بل لمسته تُقدّس وتحرر. لربما سمعت عن يسوع ومعجزاتهمن قبل، لذلك عرفته، وأدركت قوته وسلطانه، فقالت:" لو مسست هدب توبه شفيت". وهذه المرأة لم يكن لها قوة على المشي، بل كانت تزحف بين الجموع، وربما كانوا يدوسونها ويتعثرون بها، لكنها بقيت مستمرة بالزحف، وكانت تردد كل الوقت في نفسها: " لو مسستُ هدبَ ثوبه فقط شفيت"! رددتها أكثر من مرة، حتى تغلغلت في أعماقها وولدت إيماناً عظيماً. لقد أضحى كل شيء يائساً أمامها ولا تملك إلا هذه العبارة لأنها ها أصبحت أملها الوحيد. دخلت وهي ضعيفة ومُخاطرة في حياتها، لأنه إذا لاحظ الناس، وبالأخص الفريسيين، وجودها فستقع في ورطةٍ كبيرة وستحاكم. وكما ذكرتُ في البداية، فإنَّ يسوع كان ذاهباً ليشفي ابنة يايرس، وكان الجمعُ محتشداً حوله من كل جانب، وفجأة تقاطعه هذه المرأة وتتجرأ وتلمسه، فنراه يلتفت ويسأل :"من لمسني"؟ قد نستغرب للوهلة الأولى من هذا السؤال، فيسوع يعرف كل شيء، لكنه قصد من ذلك أن يرفع ان يرفع هذه المرأة ويعلن شفاءها أمام الجميع. لكن جواب بطرس كان : "الجميع لمسك"! تابعونا على الفيسبوك: في الحقيقة توجد لمسة تختلف عن الأخرى، نعم فالناس قد تقترب من يسوع وتلمسه، من باب المعرفة والفضول، وآخرين يلمسونه تأثراً وانبهاراً بعظمته، لكن لمسة هذه المرأة اختلفت عنهم كلهم، إذ هي لمسة الإيمان واليقين، أنه وحده هو الشافي والمعين. والشيء المميز أن يسوع وقف وسألها، ليس فقط ليشفيها بل ليرفعها أيضاً، كذلك أن يهنئها ويشجعها لتنال الخلاص الروحي بالإضافة الى شفاءها الجسدي. وليؤكد لها وللآخرين أن شفاءها لم يكن اغتصاباً بل اختيارا، وأيضا ليظهر للتلاميذ وللجمع بأن قوة خرجت منه، فلم تجعل أي لمسة من لمسات الناس المحتشدة القوة تخرج من يسوع، إلا لمسة هذه المرأة، لأنها لمسة حقيقية، تُعَبّر عن الايمان. أتت هذه المرأة وهي مرتعدة ،ساجدة ،عابدة، وخرَّت له. فقال لها: " ثقي يا ابنة". لقد منحها بركة البنوة، وحررها من الخوف. لقد شفاها جسدياً، عقلياً، نفسياً وروحياً أيضاً. وهذا برهانٌ على سلطانه وتوقيته أيضا. كان يسير بعزم وثبات، ذاهباً ليشفي ابنة يايرس، فهو لم يتحرك مُقيّداً بالظروف المحيطة به، ولم يستعجل، لأنه يتدخل في التوقيت المناسب دائماً، وهكذا يرجع له كل المجد، وتكون المعجزة أشد تأثيراً. وفجأة يأتي أناس من بيت يايرس ويخبروه بأن لا يتعب المعلم. حقاً قد نقول نحن أيضاً هذه العباره، أو قد نسمعها من الآخرين عندما نصل الى طريق مسدود، أو وضعٍ يائس والرجاء والأمل منه مفقود. لكن يسوع ذهب معه وأقام ابنته، فانتعشت روح هذا الأب الحزين والكئيب على موت ابنته الغاليه، وتحولت الجنازة إلى موكب فرح! عزيزتي القارئة، لربما تحتاجين إلى لمسة قوية من يسوع، لمسة للشفاء، للتحرير، للإقامة من وضع بائس ومائت، لربما تعبتِ من المحاولات، وصرت مثل نازفة الدم، إلى حال أردأ، واستنزفت كل قوتك، بهجتك، معنوياتك. أشجعك اليوم أن تقتربي من يسوع، وتختبري لمسته القوية، العظيمة، الشافية والمحرّرة، حتى لو أتيت زاحفة، خائفة، أو وصل بك الحال الى طريق مسدود، ثقي به فهو دائماً موجود، موجود دائماً لأجلك، لن يرفضك ويرذلك، بل سيلمسك ويشفيكِ، ويرد كرامتك، فترجعي ورأسك مرفوع، وتعطي المجد وتشهدي عن عظمة إلهك يسوع! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
لمسته فشفاها |
لمستهُ فشفاها |
ركعت ليندا أمام تمثاله تبكي فشفاها القديس شربل |
حِينَ يقولْ القدَرْ گلمَتهُ الأخيرَة ، |