تعرف أنك في علاقة مسيئة؟

[walaa farouk]

رأيت صورا لمجموعة من الأشخاص الذين تظهر على وجوههم وأيديهم ما يشبه آثار الكدمات، وقد كتبت عليها كلمات مثل "غبي، مذنب، بلا فائدة". وعلمت أنها كانت حملة " ضحايا الاعتداء اللفظي" للمصور البريطاني ريتشارد جونسون، لتجسيد الآثار غير المرئية التي تتركها الاعتداءات اللفظية (من سب وسخرية ونقد...الخ) في نفس متلقيها، مستخدما مكياجاً خاصاً بحرفية عالية.
والإيذاء اللفظي هو أحد أشكال الإيذاء النفسي الذي يشوه صورة الإنسان أمام نفسه، ويعطل طاقاته، ويدمر حياته، ويتركه شاعرًا بالعجز والإحباط. وقد يحدث الإيذاء النفسي بين الآباء والأبناء، بين الأزواج، بين الأقارب، بين الأصدقاء أو في أماكن العمل.
ورغم انتشار الإيذاء النفسي، ورغم أضراره الشديدة، إلا أنه لا يترك آثارًا مرئية كالإيذاء البدني، لذلك قد يمارسه الواحد منا أو يتعرض له دون أن يدري. ولهذا يجدر بنا أن نتعرف على ممارسات الشخص المؤذي نفسيا.
ما هي علامات الشخص الذي يمارس الإيذاء النفسي ضد الآخرين؟
إن الشخص المؤذي نفسيا تعرض في طفولته وحياته لإساءات لم يقم بمسئوليته في التعافي منها. ولذلك لا يعرف كيف يسدد احتياجاته بطريقة سوية أو يدخل في علاقات صحية. والنتيجة أنه يقوم بعدة ممارسات يتلاعب من خلالها بمشاعر ضحاياه لإجبارهم على تلبية احتياجاته ورغباته. فماذا يفعل؟
1. ينتقص من قدرك:
حيث يستخف بآرائك وأفكارك ومشاعرك، ويسخر منك ويجعلك أضحوكة أمام الآخرين، ويذكرك دائمًا بنقاط ضعفك، ويقلل من إنجازاتك وأحلامك وخططك ومنك شخصيًا، وينتقد تصرفاتك وطريقة كلامك وتفكيرك، وحتى مشاعرك يخبرك أنها خاطئة. وربما يعتدي بالسب أو الضرب. وعندما تشتكي يتهمك بالحساسية، ويخبرك أنه كان يمزح معك/ ينصحك.
2. يسعى إلى التحكم فيك:
تشعر أنه يعاملك كالطفل أو على أنك أدنى منه منزلة، فيراجع تصرفاتك ويعاقبك على سلوكياتك التي يراها غير ملائمة، ويهاتفك أو يراسلك وهو بعيد عنك بشكل لا ينقطع ليراقب تحركاتك وقراراتك، ويتحكم في طريقة إنفاقك للمال، فيجعلك غير قادر على اتخاذ قرار، أو شراء شئ أو الذهاب إلى مكان إلا بإذنه. وقد يتحكم فيك أيضًا عن طريق التهديد بإيذائك أو بالانتحار إذا ابتعدت عنه.
3. يجعلك تشعر بالذنب:
إن الشخص المؤذي نفسيًا لا يتقبل النقد ويجد صعوبة في الاعتذار أو الاعتراف بخطئه، ولذلك يبرر أخطاءه ويلقي باللوم على الآخرين أو الظروف، ويلومك على مشاكله أو تعاسته، بل وعلى الإيذاء الذي يمارسه ضدك حيث ينجح في إقناع الضحية أنها السبب فيما تتعرض له، أو أنه يفعل ما يفعله لمصلحتها.
4. يهملك ويهجرك عاطفيًا:
فلا يلاحظ أو يهتم بما تشعر به، ولا يظهر التعاطف أو الاهتمام بما تقوله. وقد يعاقبك على عدم تلبية رغباته بالعبوس في وجهك وحجب مودته، فينعزل ويعاملك معاملة صامتة. وقد يصل به الأمر إلى معاقبتك بالتوقف عن القيام بدوره وتلبية الاحتياجات الأساسية، فيتوقف عن الإنفاق، أو تمتنع عن إعداد الطعام أو العلاقة الحميمة..الخ.

5. ينتهك حدودك وخصوصيتك:
يعاملك لا كشخص منفصل، بل كامتداد له. فلا يحترم آراءك ويفعل ما يراه –من وجهة نظره- في مصلحتك، ويشارك أسرارك مع الآخرين. كما أنه شخص متطلب حيث يعتمد عليك بالكامل في تسديد احتياجاته، ويسعى إلى عزلك عن عائلتك وأصدقائك واهتماماتك حيث يشعر بالتهديد لمكانته عندك.

٦. يحبك بشروطه:
"أحبك ولكن…" جملة كريهة يستعمل فيها المعتدي كلمة الحب بشكل مخادع، حيث تحمل تهديدًا "أنا بحبك دلوقت، لكن لو عملت/ معملتش كذا هبطل أحبك"فهي تنزع شعورك بالثقة بالنفس والأمان. وهذا عكس الحب الحقيقي الذي يعني قبول الآخر كما هو، مما يساهم في إشعاره بالأمان والتصالح مع نفسه.
7. يلقي إليك بعَظْمة من وقت إلى آخر :
فيقول كلمات معسولة أو يقدم الهدايا والاعتذارات وكأنه بذلك يمحو كل الإساءات السابقة، ولكن عليك فهم أن هذا جزء من ديناميكية الإيذاء. فمن النادر ألا تحتوي هذه العلاقات المسيئة على لحظات تشعر فيها أن المعتدي صادق في اعتذاره وأنه أصبح شخصًا صالحًا. إن الضحية تتعلق بالأمل في هذه اللحظات والمعتدي يعرف ذلك.
8. متقلب المزاج:
الشخص العنيف مشاعره متقلبة بشكل متطرف، ولأسباب بسيطة لا تستحق أو غير معقولة أو غير واضحة. الأكثر من ذلك أنه يلومك على سوء حالته المزاجية.
9. علنه غير سره:
بعض المعتدين يتصرفون أمام الآخرين بشكل مبهر بحيث لا يصدق عليهم أحد سوءًا، ولكن المعاملة تنقلب عندما يكونون مع ضحاياهم الذين يشعرون بسبب ذلك بالارتباك وقلة الحيلة والغضب.
رغم كل ما سبق، قد لا تزال تحب ذلك الشخص الذي يؤذيك نفسيًا، ولكنه للأسف لا يحبك. وللأسف أيضًا، فإن الأمل ضعيف أمام تحسن العلاقة، إذ يتطلب الأمر أن يصبح لدى المعتدي تبصر ودافع للتغيير، وهو أمر نادر الحدوث. إنها علاقة مرهقة للغاية، تشعر فيها وكأنك تسير على قشر بيض وتحسب فيها ألف حساب لكل كلمة أو فعل يصدران عنك. لذلك، ربما يتعين عليك التفكير في إنهاء العلاقة بعد حساب عواقب ذلك على كل من سيتأثر بهذا القرار. وسيفيد جدًا اللجوء إلى طلب المشورة النفسية المتخصصة التي تدعمك في تنفيذ هذه الخطوة وتساعدك على التعافي من الجروح التي خلفتها تلك العلاقة المسيئة.