رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي إرادة الله، وكيف لنا أن نعرفها؟ فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ. 2وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ. إن الهدف من رومية 12: 1-2 هو أن تصبح كل أشكال الحياة "عبادة عقلية [روحية]." الآية 1: "أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ، عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ." إن الهدف من كل حياة الإنسان في عيني الله هو جعل المسيح ظاهرا بذات القيمة التي هو عليها. العبادة تعني استخدام عقولنا وقلوبنا واجسادنا للتعبير عن قيمة الله وكل ما هو لنا في المسيح. هناك وسيلة للعيش، وسيلة للمحبة، لفعل ذلك. هناك طريقة للقيام بذلك تعبر عن القيمة الحقيقية لله. إن لم تتمكن من العثور عليه، قد يعني ذلك أنه يجب تغيير أدوارك. أو قد يعني أن الآية 2 لا تتحقق بالدرجة المطلوبة. الآية 2 هي إجابة بولس عن كيفيّة إمكانيّتنا لتحويل كل من الحياة إلى عبادة. يجب أن نتغير. نحن يجب أن نتغير. ليس فقط سلوكنا الخارجي، ولكن الطريقة التي نشعر ونفكر بها، أذهاننا. الآية 2: "تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ.” أصبح ما أنت عليه:أولئك الذين يؤمنون بيسوع المسيح قد تمّ بالفعل شرائهم بالدم كخليقة جديدة في المسيح. "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2 كورنثوس 5: 17). ولكن الآن يجب أن نصبح ما نحن عليه. "إِذًا نَقُّوا مِنْكُمُ الْخَمِيرَةَ الْعَتِيقَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا عَجِينًا جَدِيدًا كَمَا أَنْتُمْ فَطِيرٌ." (1 كورنثوس 5: 7). "وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ" (كولوسي 3: 10). قد صرتم مجددين في المسيح، والآن يتم تجديدكم يوما بعد يوم. وهذا ما ركزنا عليه الأسبوع الماضي. الآن نحن نركز على الجزء الأخير من الآية 2، أي الهدف من تجديد الذهن: "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، [الآن يأتي الهدف] لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ." لذا تركيزنا اليوم هو على معنى مصطلح "إِرَادَةُ اللهِ"، وكيف يمكننا أن نميّزها. الإرادتان اللتان لله:هناك معنيان واضحان ومختلفان تماما لمصطلح "إرادة الله" في الكتاب المقدس. نحن بحاجة أن نعرفهما ونقرّر أيّاً منهما مستخدم هنا في رومية 12: 2. في الواقع، إنّ معرفة الفرق بين هذين المعنيين لـ "إرادة الله" هو أمر بالغ الأهمية لفهم أحد الأشياء الأكبر والأكثر حيرة في كل الكتاب المقدس، وهي أنّ الله ذو سيادة على كل شيء ومع ذلك لا يوافق على أشياء كثيرة. الأمر الذي يعني أنّ الله لا يوافق على بعض ما قد عيّنه أن يحدث. وهذا يعني، أنه يحرّم بعض الأشياء التي يجلبها. ويأمر ببعض الأشياء التي يمنعها. أو لوضعها بـأكثر مفارقة: يشاء الله ببعض الأحداث بمعنى واحد حيث لا يشاءها بمعنى آخر. 1. إرادة الله المحتومة، أو الإرادة السّيادية:دعونا ننظر إلى نصوص من الكتاب المقدس تجعلنا نفكر بهذه الطريقة. انظر أولا إلى النصوص التي تصف "إرادة الله" باعتبارها سيطرته السّيادية على كل ما يحدث. واحدة من أوضح النصوص هي الطريقة التي تحّدث بها المسيح عن إرادة الله في جَثْسَيْمَانِي عندما كان يصلي. قال، في متى 26: 39 "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ." إلى ماذا تشير إرادة الله في هذه الآية؟ إنها تشير إلى خطة الله السّياديّة التي ستحدث في الساعات المقبلة. تذكرون كيف قال أعمال 4: 27 - 28 هذا: "لأَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ اجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ الْقُدُّوسِ يَسُوعَ، الَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلاَطُسُ الْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ، لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ." لذلك فإن "إرادة الله" كانت أن يموت المسيح. كانت هذه خطته، مشورته. ولا يوجد تغيير في ذلك، وانحنى المسيح وقال: "ها هو طلبي، ولكن افعل ما هو أفضل للقيام به." هذه هي الإرادة السّيادية لله. ولا تغيب عنك النقطة الحاسمة جدا هنا أنها تتضمن خطايا الإنسان. هيرودس، وبيلاطس، والجنود، وقادة اليهود، جميعهم أخطأوا في تحقيق إرادة الله أن يُصلب ابنه (إشعياء 53: 10). لذا كن متأكداً جدا من هذا الأمر: يريد الله لبعض الأشياء أن تتحقق في حين أنه يكرهها. إليك مثال على ذلك من 1 بطرس. في 1 بطرس 3: 17 يكتب بطرس "لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرًّا." وبعبارة أخرى، قد تكون إرادة الله أن يتألم المسيحيّون لصنع الخير. كان يقصد الاضطهاد. لكن اضطهاد المسيحيين الذين لا يستحقون ذلك، هو خطية. لذلك مرة أخرى، أحيانا يريد الله أن تأتي أحداثٌ تشمل على الخطية. "لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا.” يقدم بولس بيانا موجزا واسعا من هذه الحقيقة في أفسس 1: 11 "الَّذِي فِيهِ [المسيح] أَيْضًا نِلْنَا نَصِيبًا، مُعَيَّنِينَ سَابِقًا حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ." إنّ ارادة الله هي حكمه الله السّياديّة لكل ما يحدث. وهناك نصوص أخرى كثيرة في الكتاب المقدس تعلِّم أنّ العناية الإلهية على الكون تمتد إلى ادق التفاصيل للطبيعة وقرارات الإنسان. لا يسقط عصفور واحد على الأرض بدون علم أبينا الذي في السّموات (متى 10: 29). "الْقُرْعَةُ تُلْقَى فِي الْحِضْنِ، وَمِنَ الرَّبِّ كُلُّ حُكْمِهَا." (أمثال 16: 33). "لِلإِنْسَانِ تَدَابِيرُ الْقَلْبِ، وَمِنَ الرَّبِّ جَوَابُ اللِّسَانِ." (أمثال 16: 1). "قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ." (أمثال 21: 1). هذا هو المعنى الأول لإرادة الله: إنها تحكم الله السّيادي لكل الأشياء. ندعو هذا "إرادته السّيادية" أو "إرادته المحتومة." فلا يمكن كسرها. فهي دائما تتحقق. "هُوَ يَفْعَلُ كَمَا يَشَاءُ فِي جُنْدِ السَّمَاءِ وَسُكَّانِ الأَرْضِ، وَلاَ يُوجَدُ مَنْ يَمْنَعُ يَدَهُ أَوْ يَقُولُ لَهُ: «مَاذَا تَفْعَلُ؟»" (دانيال 4: 35). 2. إرادة الله الآمرة:المعنى الآخر لـ "إرادة الله" في الكتاب المقدس هو ما يمكن أن نطلق عليه "إرادته الآمرة". فإرادته هي ما يأمرنا به. هذه هي ارادة الله التي يمكن لنا أن نعصيها ونفشل في القيام بها. نحن نفعل الإرادة المحتومة سواء كنا نؤمن بها أم لا. أما الإرادة الآمرة فيمكننا أن نفشل في القيام بها. على سبيل المثال، قال المسيح: "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ." (متى 7: 21). ليس الكل يفعل إرادة أبيه. فهو يقول كذلك. ليس كل واحد يدخل ملكوت السموات. لماذا؟ لأنه ليس الكل يفعل إرادة الله. يقول بولس في 1 تسالونيكي 4: 3 "لأَنَّ هذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا." لدينا هنا حالة محددة جدا لما يأمرنا به الله: القداسة، والتقديس، والطهارة الجنسية. هذه هي إرادته الآمرة. لكن، للأسف، عدد كبير لا يطيع. ثم يقول بولس في 1 تسالونيكي 5: 18 "اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ." هناك مرة أخرى جانبا محددا من إرادته الآمرة: اشكروا في كل شيء. ولكن الكثيرين لا يفعلون إرادة الله هذه. مثال آخر: "وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ." (1 يوحنا 2: 17). ليس الكل يثبت إلى الأبد. البعض يثبت. البعض الآخر لا يثبت. الفرق؟ البعض يفعل إرادة الله. البعض الآخر لا يفعلها. فإرادة الله، في هذا المعنى، لا تتمّم دائما. لذلك أنا استنتج من هذه النصوص والعديد غيرها من الكتاب المقدس أنّ هناك طريقتان للحديث عن إرادة الله. وكلاهما صحيح، وكلاهما مهم أن نفهمه ونؤمن به. الأولى يمكن أن نطلق عليها إرادة الله المحتومة (أو إرادته السّيادية) والأخرى يمكن أن نطلق عليه إرادة الله الآمرة. إرادة الله المحتومة تتحقق دائماً سواء كنا نؤمن بها أم لا. أما إرادته الآمرة فيمكن أن نكسرها، وهذا يحصل كل يوم. روعة هذه الحقائق:قبل أن اربط هذا برومية 12: 2 اسمحوا لي بأن أعلق على كم هي ثمينة هاتين الحقيقتين. فكلتاهما تنسجمان مع احتياج عميق لدينا جميعا عندما نُجرح بشدة أو نُعاني خسائر كبيرة. فمن ناحية، نحتاج التأكيد أنّ الله هو المتحكم وبالتالي فهو قادر أن يعمل من خلال كل ألمي وخسارتي معا لخيري ولخير كلّ من يحبونه. ومن ناحية أخرى، نحتاج أن نعرف أنّ الله يتعاطف معنا ولا يسر بالخطية أو الألم في حد ذاته. هاتين الحاجتين تتوافقان مع إرادة الله المحتومة، وإرادته الآمرة. مثلاً، إن كنت قد تعرضت لسوء المعاملة عندما كنت طفلا، وسألك شخص ما "هل تعتقد أن هذه كانت إرادة الله؟" لديك الآن وسيلة لفهم كتابي لهذا الأمر، وتعطي جوابا لا يتعارض مع الكتاب المقدس. يمكنك أن تقول: "لا لم تكن إرادة الله؛ لأنه يأمر البشر ألا يسيئوا معاملة بعضهم، بل أن يحبّوا بعضهم البعض. فالمعتدي قد كسر وصيّته وبالتالي جعل قلبه يغضب ويحزن (مرقس 3: 5). ولكن، بمعنى آخر، نعم، كان ذلك إرادة الله (إرادته ذات السيادة)، لأنه كان يُمكن أن يمنعها بمئة طريقة. ولكن لأسباب لا افهمها تماما بعد، لم يفعل ذلك.” وما يتطابق مع هاتين الإرادتين هما شيئان تحتاج إليهما في هذه الحالة: أولا إله قوي وذات سيادة بما يكفي لتحويله للخير، والآخر إله قادر على التعاطف معك. فمن ناحية، المسيح هو الملك صاحب السيادة العليا، ولا شيء يحدث بدون إرادته (متى 28: 18). ومن ناحية أخرى، المسيح هو رئيس الكهنة الرّحوم الذي يتعاطف مع ضعفنا وألمنا (عبرانيين 4: 15). يتغلب الروح القدس علينا وعلى خطايانا عندما يشاء (يوحنا 1: 13؛ رومية 9: 15-16)، ويسمح لنفسه أن يُطفأ ويحزن عندما يشاء (أفسس 4: 30؛ 1 تسالونيكي 5: 19). إرادته ذات السيادية لا تُقهر، وإرادته الآمرة يمكن كسرها على نحو محزن. إننا نحتاج هاتين الحقيقتين - هذين المفهومين عن إرادة الله- ليس فقط لفهم الكتاب المقدس- ولكن للتمسك بالله في الألم. أيه إرادة مشار إليها في رومية 12: 2؟والآن، أيّ من هذه الحقائق مقصود في رومية 12: 2 "وَلاَ تُشَاكِلُوا هذَا الدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ." الإجابة بالتأكيد هي أن بولس يشير إلى إرادة الله الآمرة. أقول هذا لسببين على الأقل. أولا لأن الله لا ينوي لنا أن نعرف الكثير من إرادته السّيادية مقدما. "السَّرَائِرُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، وَالْمُعْلَنَاتُ لَنَا وَلِبَنِينَا إِلَى الأَبَدِ، لِنَعْمَلَ بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هذِهِ الشَّرِيعَةِ." (تثنية 29: 29). إن كنت تريد أن تعرف تفاصيل المستقبل لإرادة الله المحتومة، فأنت لا تريد الذهن المجدد، بل ترغب في كرة بلورية. هذا لا يُسمى التغيير والطاعة، بل يُسمى العرافة والكهانة. والسبب الآخر أني أقول إنّ إرادة الله في رومية 12: 2 هي إرادة الله الآمرة وليست إرادته المحتومة هو أن كلمة "لِتَخْتَبِرُوا" تعني أنه يجب علينا أن نقرّ بإرادة الله ثم نفعلها بطاعة. ولكن في الواقع لا ينبغي لنا أن نوافق على الخطية أو نفعلها، حتى وإن كانت جزءاً من إرادة الله السّيادية. فالمعنى الذي قصده بولس في رومية 12: 2 تم إعادة صياغته تقريبا بالضبط في عبرانيين 5: 14، التي تقول: "وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ." (أنظر إلى إعادة صياغة أخرى في فيلبي 1: 9-11). هذا هو الهدف من هذه الآية: ليس التحري عن إرادة الله السّرية الذي يعتزم القيام بها، لكن تمييز إرادة الله المعلنة والتي يجب علينا أن نفعلها. ثلاث مراحل لمعرفة وعمل إرادة الله المعلنة:هناك ثلاث مراحل لمعرفة وفعل إرادة الله المعلنة، أي، إرادته الآمرة، وكلها تتطلب الذهن المجدد بالتمييز المعطى بالروح القدس الذي تحدثنا عنه في المرة السابقة. المرحلة الأولى: أولا، إرادة الله الآمرة معلنة بسلطان نهائي وحاسم فقط في الكتاب المقدس. ونحن بحاجة للذهن المجدد لفهم وقبول ما يأمر به الله في الكتاب المقدس. فبدون الذهن المجدد، سنشوه الكتاب المقدس لتجنب وصاياه الجذرية لانكار الذات، والمحبة، والطهارة، والشبع الأسمى في المسيح وحده. إرادة الله الآمرة ذات السلطة موجودة فقط في الكتاب المقدس. يقول بولس أن الكتاب المقدس موحى به ويجعل المسيحي "كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" (2 تيموثاوس 3: 17). ليس فقط لبعض الأعمال الصالحة. "لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ." أوه، يا لها من طاقة ووقت وتكريس ينبغى أن يقضيه المسيحيّون متأملين في كلمة الله المكتوبة. المرحلة الثانية: المرحلة الثانية من إرادة الله الآمرة هي تطبيقنا للحق الكتابي في مواقف جديدة قد تكون أو لا تكون موجودة بشكل واضح في الكتاب المقدس. الكتاب المقدس لا يقول لك أي شخص تتزوج، أو أية سيارة تقود، أو ما إذا كنت تمتلك منزلا، أو أين تقضي عطلتك، أو أية شبكة هاتف خلوي تشتريها، أو أي نوع من عصير البرتقال تشربه. أو غيرها من آلاف الخيارات التي يجب أن تتخذها أنت. ما هو ضروري هو أن لدينا ذهن مجدد، وهذا يعني أنه مشكل تماما ومحكم تماما بإرادة الله المعلنة في الكتاب المقدس، أي أن نرى ونقيم كل العوامل ذات الصلة بفكر المسيح، ونميز ما يدعونا الله للقيام به. هذا يختلف كثيرا عن السعى باستمرار لسماع صوت الله يقول افعل هذا وافعل ذلك. الناس الذين يحاولون أن يعيشوا حياتهم من خلال سماع أصوات ليسوا على وفاق مع رومية 12: 2. هناك فرق شاسع بين الصلاة والعمل من أجل تجديد الذهن الذي يميز كيف يطبق كلمة الله، من جهة، وعادة سؤال الله أن يعطيك إعلاناً جديداً عما يجب القيام به، من جهة أخرى. العرافة لا تتطلب التغيير. هدف الله هو ذهن جديد، طريقة جديدة للتفكير والتحكيم، وليس مجرد معلومات جديدة. هدفه هو أن نتغير، ونتقدس، ونتحرر بالحق في كلمته المعلنة (يوحنا 8: 32؛ 17: 17). وبالتالي فإن المرحلة الثانية من إرادة الله الآمرة هي التطبيق المميّز للكتاب المقدس في مواقف جديدة في الحياة عن طريق الذهن المجدد. المرحلة الثالثة: أخيرا، المرحلة الثالثة من إرادة الله الآمرة هي الغالبية العظمى من العيش بحيث لا يوجد أي تفكير واع قبل أن نتصرف. أجرأ على القول بأن ما يقرب من 95٪ من سلوكك أنت لا تفكر فيه مقدما. أي أنّ، أغلب أفكارك، ومواقفك، وتصرفاتك هي عفوية. هي مجرد امتداد لما هو في الداخل. قال المسيح: "فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ" (متى 12: 34-36). لماذا ادعو هذا جزءً من إرادة الله الآمرة؟ لسبب واحد. لأن الله يأمر بالأشياء مثل: لا تغضب. لا تكن فخورا. لا تشتهي. لا تقلق. لا تكن غيورا. لا تحسد. وليس لأي من هذه الأفعال تفكيرا مقدما. الغضب والفخر، والاشتهاء، والقلق، والغيرة، والحسد، كلهم يخرجون من القلب بلا تفكير واع أو قصد. ونحن مذنبون بسببهم. فهم يكسرون وصية الله. أليس من الواضح إذاً أنّ هناك مهمة واحدة كبيرة للحياة المسيحية: تغيروا بتجديد أذهانكم. نحن بحاجة إلى قلوب جديدة وأذهان جديدة. اجعل الشجرة جيدة والثمار ستكون جيدة (متى 12: 33). هذا هو التحدي الكبير. هذا ما يدعوك إليه الله. لا يمكنك أن تفعل ذلك بنفسك. فأنت تحتاج المسيح، الذي مات من أجل خطاياك. وتحتاج إلى الروح القدس ليقودك إلى الحق الممجد للمسيح وليجعلك متواضعا لقبول الحق. قدم نفسك لهذا. اغمر نفسك في كلمة الله المكتوبة، اشبع ذهنك بها. وصلي أن يجعلك روح المسيح جديدا جدا بحيث ما يخرج منك يكون صالحا، ومقبولا، وكاملا، لإرادة الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|