رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دوافع النفس الخفية ما بين سقوطها ونموها السليم
دوافع النفس الخفية ما بين سقوطها ونموها السليم سلام في روح الاتضاع والمحبة المنسكبة من الله حقاً أن كل من لا يدرك وصية الرب ولا يعرف إرادته فأنه – طبيعياً دون أن يدري – يتبع هواه الخاص فيسير في طريق يظهر أمامه مستقيماً، كله راحة لنفسه ويتفق مع شعور قلبه وعاطفته ولكن عاقبته طريق الموت (أمثال 14: 12)، لذلك نرى كثيرين في البداية تحركهم غيرة وحماسة عظيمة تجعلهم يحسون بفرح غير حقيقي وسلام زائف متقلب، وبعد ذلك ينقلب إلى حزن وكآبة شديدة تضغطهم وتحل فيهم كل أوصال المحبة التي لم تكتمل في قلوبهم. أما من يجلس متأنياً في صلوات كثيرة عند نهر كلمة الحياة، إنجيل بشارة الملكوت، نطق الله الحي، واضعاً في قلبه وفكره أنه لن يتبع سوى إرادة الرب المعلنة في كلمته، فأنه يتحمل مشقة كثيرة في البداية ولكنه بعد ذلك يجد راحة وفرحاً وسلاماً ثابتاً لا يُنزع منه. ولهذا ينبغي علينا جميعاً ألا نتسرع في عمل شيء ما على هوانا ترتاح له نفوسنا، وتهتاج له عواطفنا، حتى لو كان شكله صالح وكل الناس تمتدحنا عليه، بل ونجده متوافق مع الاندفاعات الروحية، بل ينبغي أن ننتظر ونتأنى كثيراً جداً ونصغي للتعليم الإلهي متوسلين للروح القدس أن يرشدنا ويوجهنا ويفتح آذان قلبنا وينقينا من دوافعنا الخفية الباطلة. يا إخوتي انتبهوا لأنفسكم، لأن كثيرين بدأوا الطريق ونالوا لمسة إلهية غيرت مجرى حياتهم، ولكن بسبب عدم تأنيهم ومعرفة نفوسهم على حقيقتها وانتظروا تنقية قلوبهم، ضلوا الطريق لأنهم لم يستطيعوا أن يميزوا ما بين انفعالاتهم الطبيعية الصادرة من هوى نفوسهم، وبين وصية الله وإرادته الحقيقية التي ينبغي أن يتبعوها. لذلك أعملوا يقيناً: أن اتبعنا هوانا فلن نحظى بمعونة الله التي تُدَّعم كل طرق الإنسان وتُنجحها، لأنه إن فعل أحد شيئاً متصوراً إنه من قِبَلّ الرب بينما هو في حقيقته صدى لإرادته فإن الرب لن يُساعده، فتمتلئ نفسه مرارة ويكون قلبه ضعيفاً في كل عمل تمتد إليه أيديه وبحجة التقدم والنمو يُمكن أن يسير في طريق خاطئ يؤدي به لموت نفسي وروحي مُحقق، إلى أن يسخر في النهاية من الإيمان كله. صدقوني كم رأيت وسمعت من أُناس تجاديف واضحة واستهزاء بالكتاب المقدس بل والطريق الروحي كله، مع أنهم كانوا غيورين جداً ممتلئين بكل حماس، يعظون ويكرزون ويتكلمون عن عمل الله وينطقون بكلمة الحياة بدراسات عظيمة ويقدمون معرفة روحية ولاهوتية عميقة، لكن بعد حين دخلوا في حالات كآبة وحزن شديد، وفي هذا الضيق تزعزع سلامهم الوهمي وظنوا أن العيب ليس فيهم بل في الإنجيل وكلمة الله واعتبروها في النهاية وهم وضلال، بل ورفضوا وجود الله واعتبروا كل حديث عنه وهم وتخدير للنفس، فمنهم من ألحد، ومنهم من مضى في شهوته وعاد لخطاياه بشكل أوسع وأعظم، وهكذا سقط الكثيرين سقوطاً عظيماً بسبب تسرعهم وسيرهم المغلوط في اتجاه آخر مخالف لإرادة الله، لذلك نرى في أول صفحات الكتاب المقدس ما يجعلنا ننتبه لحياتنا لأن حواء لم تُخدع إلاَّ من الرغبة في التقدم، لأنها حين سمعت: تكونان كالله عارفين الخير والشرّ (تكوين 3: 5) لم تُميز صوت المتكلم، فخالفت وصية الرب، فلم تنل خيراً بسبب عدم تمييزها ووضع حد فاصل قاطع مانع ما بين إرادة الله وهوى نفسها، فاختلط عليها الأمر بالرغم من أن الوصية واضحة، فسارت في الطريق المُخالف وسقط آدم معها لأنه لم يكن ثابت الإرادة في التمسك بوصية الله خالقه. وبناء على ما ذكرناه علينا أن ندرك أن هناك دوافع خفية في النفس تُحركها بنشاط عظيم هذا أن مالت لأحدها وهي: دافع يقدمه العدو، ودافع عاطفي ينشأ في القلب، ودافع يغرسه الله في الإنسان. ومن بين هذه الدوافع لا يقبل الله إلاَّ الدافع الذي يغرسه بنفسه في القلب. لهذا علينا دائماً أن نختبر أنفسنا ونقيس دوافعنا على وصية الله، حتى نتبين أياً من هذه الدوافع تدفعنا لكي نتحرك ونعمل أي عمل روحي من جهة الخدمة أو تحديد المنهج الذي نحيا به. عموماً إذا لم ينكر الإنسان نفسه ورغباته ويُطيع صوت الله الحي وتبع دربه الذي خطه ورسمه هوَّ، واستمع لخبرة آبائه الروحيين وأطاع إرشادهم المتفق مع الوصية المقدسة بكل تمييز، فأنه لن يستطيع أن يدرك إرادة الله في حياته، وحتى إذا أدركها فسيفتقر إلى معونة الرب كي تساعده على تنفيذها والحياة بها. أستودعكم لصخر الدهور، الرب القادر أن يحفظنا معاً ثابتين في الإيمان الحي العامل بالمحبة ان اطعنا وصاياه التي ليست بثقيلة إلا على كل من يحيا وفق أهوائه الخاصة سلام الرب وبركته بفيض تسكن قلبكم وقلبي آمين |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|