قايين
هل تعرف مَنْ هو أول انسان ولد فى العالم؟ ومَنْ هو أول متدين فى التاريخ؟ ومَنْ هو أول قاتل عُرف بين البشر؟ إنــــه قايين
معنى اسمه «اقتناء»، وسمَّته حواء أمه بهذا الاسم بعد ولادته، إذ قالت: «اقتنيت رجلاً من عند الرب» (تكوين4). ظنت أن هذا هو نسل المرأة الذى وعد به الرب عندما أعلن على مسمع من الحية بعد أن أغرت حواء بمخالفة ارادة الرب «وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنتِ تسحقين عقبه». لكن اتضح لها فيما بعد أنه ليس هو المنتظر مجيئه. إذاً مَنْ هو قايين؟؟
تعالوا نتأمل فى بعض جوانب هذه الشخصية كما ظهرت فى قصته المدوَّنة فى الأصحاح الرابع من سفر التكوين، والتى يعلِّق عليها الرسول يوحنا بالقول: أن يحب بعضنا بعضاً. ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه. ولماذا ذبحه؟ لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة» (1يوحنا3: 11، 12) - هذا معناه أن قايين كان مصدره الشيطان ولذلك وُجدت فيه الطباع الآتية :
الكبرياء والاعتداد بالذات : ياللغرابة ! فنحن لانتوقع أبداً أن الانسان المتدين يكون متكبراً، بل متواضعاً. لكننا نرى كبرياءه بوضوح فى طريقة اقترابه إلى الله للعبادة، إذ قدَّم لله من أثمار الأرض، وتجاهل تماماً أنه هو خاطئ مولود من أبوين خاطئين وأن الأرض التى يقدم منها لله قرباناً هى ملعونة. كما أنه تجاهل تماماً الطريقة التى رتبها الرب لعلاج عُرى والديه آدم وحواء، عندما صنع لهما أقمصة من جلد . إلا أنه فى كبريائه رفض طريق الرب للاقتراب، واقترب إليه بطريقته هو، وقدم للرب ماظنه حسناً بحسب تفكيره البشرى.
آه من الكبرياء - إنها مرض دفين فى القلب البشرى. وأشر مظهر لها يظهر عندما يرفض الانسان الاعتراف بأنه خاطئ يستحق الموت ولا وسيلة لخلاصه سوى دم المسيح.
كثير من الشباب المتدينين يظنون أن تدينهم يؤهلهم للقبول أمام الله. وللأسف فإن الواحد منهم يرفض تماماً الاعتراف بأنه خاطئ وأن المسيح مات عنه شخصياً ليرفع عنه عقوبة خطاياه، فيرفض خلاص المسيح المجانى ويظل متمسكاً ببره الذاتى وممارساته الدينية وبأعماله التى يظن أنها صالحة. ولايدرى أنه بهذا يكون مثل قايين تماماً.
الأنانية وحب الذات : لما رأى قايين أن الله قبل قربان هابيل أخيه ورفض قربانه اغتاظ جداً ولم يحتمل أن يرى أخاه ناجحاً ويرى نفسه فاشلاً. ولا غرابة، فمَنْ يكن الشيطان مصدره تُصبح الذات إلهاً له.
وعندما سأله الرب عن هابيل أخيه، كانت الإجابة: أحارس أنا لأخى؟. وكأنه يريد أن يقول للرب : مالى وأخى؟
وبالاضافة إلى الكذب الواضح فى هذه العبارة فإنها تدل على مدى حب قايين لذاته وانحصار تفكيره على نفسه. إنه يذكّرنا بما قاله الملك لويس الخامس عشر ملك فرنسا قديماً: أنا وبعدى الطوفان - أى أنا الأول، أنا الأهم، وبعد ذلك فليأتِ الطوفان ويهلك الجميع.
أعزائى الشباب .. ألا نُغلب كثيراً من هذه الخطية الرهيبة. اننا نعيش والذات هى مركز تفكيرنا وتصرفاتنا، ربما هذا هو السبب الأول لمشاكلنا مع أفراد أسرنا أو مع أصدقائنا. وربما هذا هو السبب أيضاً لعدم اهتمام المؤمنين بأنفس أقاربهم وأصدقائهم الهالكين. لنُصلِ حتى يشفينا الرب من اللامبالاة باخوتنا الناتجة من محبتنا لذواتنا.
الخداع والمكر والكذب : يالها من صفات رهيبة ظهرت فى قايين. لكن لا غرابة، فالقلب الذى لم يدخله المسيح يملؤه الشيطان بكل أنواع الشرور. أنظر إلى قايين وهو يستدرج هابيل إلى الحقل، ربما ليُريه بعض الثمار التى يزرعها، ثم فجأة ينقض عليه ويذبحه ويقف مُشاهداً لدمائه تسيل على الأرض. أوَلا يتكرر هذا المشهد فى عالمنا اليوم بصورة أو بأخرى؟.
ثم عندما سأله الرب : أين هابيل أخوك. قال له: لاأعلم. ليس بغريب عليه أن يكذب وهو «من الشرير»، أى من ذاك الذى قال عنه المسيح «متى تكلم بالكذب فإنه يتكم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب» (يوحنا8: 44)، والكذب من الصفات الأصيلة فى الشيطان، والأشرار إذ هم بطبيعتهم ينحرفون عن الحق ويكرهونه.
أصدقائى الشباب .. لنستمع إلى نصيحة الكتاب :
«اطرحوا كل خبث وكل مكر والرياء والحسد وكل مذمة» (1بطرس2: 1)
«اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه» (أفسس4: 25)
لنتحذر من صفات قايين ولنُصلِ طالبين من الرب أن يستلم حياتنا بالتمام مُطهراً قلوبنا من هذه الشرور.