القدّيسة ماركيللا
كانت القدّيسة ماركيللا من مدينة روما ومن أشرافها وشبّت وترعرعت في نعمة الايمان على يد أمّها ألبينا التي زوّجتها لأحد أشراف المدينة، ولكن شائت إرادة الخالق أن يموت زوجها وأصبحت أرملة من بعد زواجها بسبعة شهور فقط.
سمع بخبرها أحد الأغنياء وكان يشتغل قنصلاً فسعى الى خطبتها والزواج منّها، وقد الحّت والدتها عليها لقبول الزواج من هذا القنصل الذى كان يدعى سيرليس لا سيّما وقد وعد بأن يكتب لها كلّ ما يملك لأنّه كان طاعنًا فى السن، ولكن ماركيلا أبت باحتشام وعرّفت والدتها أنّها قد خصّصت نفسها لعريس لا يموت، وجمعت حولها أرامل كثيرات فرحن بسيرتها وعظمّن شجاعتها، وأردن ان يقتدين بها، فتعاهدن جميعًا على اتباع العريس السماوي مبتعدات عن المعاشرات الرديئة والاحتفالات الخليعة.
تبعتها بنات عذاراى أخريات سمعن بسيرتها العفيفة فتركن كلّ أموالهن للفقراء عملًا بما قاله الرّب يسوع لنا:إذهب بع كلّ مالك وأعط الفقراء فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعنى (مز 21:10 ).
كانت تقرأ معهن في الكتاب المقدّس وكانت تصلّي معهن للرّب أن يأتي من يفسر لهن الكتاب المقدّس وقد سمع الرّب صلاتهنّ.
وفي ذات يوم زار مدينة روما القدّيس ايرونيموس - جيروم-مع كل من القدّيسن ابيفانيوس و بولينوس، فطلبت القدّيسة ماركيلا من القدّيس ايرونيموس أن يفسر لها بعض معاني آيات الكتاب المقدّس.
تمنّع هذا القدّيس في بادىء الأمر ليتجنّب سيّدات البلاط الأغنياء، ولكن لما سمع بزهدها وأنّها تركت كلّ غناها وأصبحت لا تملك شيئًا من زوان العالم الفاني وأنّها جمعت حولها عذارى وأرامل متمثّلات بها، رضي أن يلبّي طلبها.
ازدادت ماركيلا فى النعمة فكانت تصوم عن كلّ مشتهيات الماكلّ مع أّنها كانت تشكو من ألام فى معدتها. كما إطلعت على ما كتبة القّديس أثناسيوس الكبير عندما كان فى منفاه عن القدّيس انطونيوس الكبير، وكذلك السيرة العطرة للقدّيس باخوميوس أاب الشركة الرهبانية فى مصر، فاشتعل فؤادها حبًا لهذة السيرة المقدّسة فاستنت لبناتها قوانين ووصايا رهبانية وخلعت ملابسها ولبست اأاثواب الرهبانية كرهبان وراهبات مصر، فكانت بذلك أوّل امرأة من نساء روما في الغرب كلّه تنشئ الرهبنة النسائية.
ولكن الشيطان عدو الخير حسد هذة السيرة العطرة فقد دخل ملك القوطيين الى مدينة روما فى سنة 410 ميلادية وعبث بالمدينة خرابًا وفسادًا، ودخل الجنود البرابرة بيت القدّيسة ماركيلا لينهبوا ما عندها، ولمّا لم يجدوا ما يأخذونه قبضوا عليها وضربوها بشدّة لكي تخبرهم عن مكان ثروته،ا وكانت هي تجاوبهم بأنّها لا تملك شيًئا وقد وزّعته للمحتاجين، لكنّهم ازدادوا في تعذيبها، وساقها الجنود مع رفيقتها برينسيبياالى كنيسة القدّيس بولس الرسول وحبسوهما هناك،
طال حبسها بدون طعام او ماء حتى هزل جسدها الضعيف وأسلمت روحها الطاهرة بيد عريسها السماوي تاركًة مثالًا وقدوًة لبنات جنسها فى العفة والتقوى والثبات والوداعة وكثير من فضائل نعمة الروح القدس فى ذلك الإناء الضعيف، فنالت اكلّيل البتولية واكلّيل الرهبنة واكلّيل العذابات و كان انتقالها فى سنة 410 ميلادية.