قال السيد المسيح «انتبهوا وتحفظوا من كل طمع، فما حياة الإنسان بكثرة أمواله… كان رجل غني أخصبت أرضه، فقال في نفسه: لا مكان عندي أخزن فيه غلالي، فماذا أعمل؟ ثم قال: أعمل هذا: أهدم مخازني وأبني أكبر منها، فأضع فيها كل قمحي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي، لك خيرات وافرة تكفيك مؤونة سنين كثيرة، فاستريحي وكلي واشربي وتنعمي! فقال له الله: يا غبي، في هذه الليلة تُستَرد نفسك منك. فهذا الذي أعددته لمن يكون؟ هكذا يكون مصير من يجمع لنفسه ولا يغنى بالله»
اخوتنا الأحباء، المسيحية مبنية على مبدئين: محبة الله، ومحبة الآخرين. والمحبة ليست فقط مشاعر، بل تُترجم الى الواقع عن طريق التضحية والعطاء. لذلك ترون أن السيد المسيح يحذر جداً من الطمع والأنانية، لأن الطمع هو عكس المحبة تماماً، لأنه ببساطة عكس التضحية. فالسيد المسيح يدعونا لتكون عيوننا شاخصة لا فقط لهذه الحياة وما يمكننا أن نجنيه منها، بل على الحياة ما بعد هذه الحياة، الحياة الأبدية، ووضع اهتمامنا بها وبذل الجهود في سبيل ربحها هي، وليس ربح الحياة الأرضية. والمشكلة في الشخص الغني في القصة ليس أن اعماله ازدهرت، بالعكس فالله يدعونا الى انكون امناء في عملنا ونعمل بجد وكد، ولكن المشكلة كانت أنه اراد ضمان الحياة الأرضية وكأنها هي كل شيء، ناسياً ان هناك حياة أخرى ابدية بعدها. فبعد بارك الله عمله واثمرت ارضه، لم يفكر في أن يستثمر بعض هذه الغلال في ربح الحياة الأبدية عن طريق مساعدة المحتاجين او تقديم اعمال رحمة، بل أخذها كلها لنفسه وقال يا نفسي كلي واشربي وتنعمي، ولا يوجد شيء مكروه عند الله اكثر من محبة الذات… لذلك قال الله للغني: اليوم ستموت، فماذا ستسفيد نفسك من كل ما جنيت في الحياة؟… وكأنه يقول له: لو كنت تحب نفسك، لما كنت أرحتها في هذه الحياة، بل كنت ضحيت بهذه الراحة في سبيل الآخرين من أجل ان تريحها فعلاً في الحياة الأبدية… فيا احبتنا، لا تنسوا ان هناك حياة أخرى بعد حياتنا الأرضية، ولا تتصرفوا كانه لا توجد محاسبة في النهاية. ويمكنكم ايجاد هذا النص في الإنجيل المقدس في لوقا ١٢ : ١٥