رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا كأب لا شئ يجعل الأجازة ممتعة و مثيرة فعلاً أكثر من رؤية بناتي يبتغون البقاء معي طوال اليوم ، نقوم بالمغامرات معاً و نبني سوياً ذكرياتنا لتبقى الى نهاية العمر ! قضت فريدة هذا الصيف أغلب ساعاته في البحر ، بمجرد ان نصل الى الشاطئ تسحب يدي و تشدني الى المياة . لا مجال لتضييع اي لحظة... هذه السنة تقابلت مع الساحل الشمالي لأول مرة ، بحر غادر بموجات عالية و تيارات خفية ! ولأنني أعلم انها ستواجه وقتاً صعاباً في مواجهة الامواج و مقاومة التيار لذا كانت تنبيهاتي واضحة ، لن تذهب الى البحر وحدها برغم ان عمرها ٩ سنوات و سباحة ممتازة في أحد الايام كانت الامواج عالية جداً لدرجة اضطررنا البقاء قرب الشاطئ لا نفعل شيئاً سوى القفز فوق الموجات أو نغطس تحتها و مجرد الضحك عندما تصدمنا بقوة. كان علي ان أمسك يديها الصغيرتين بمنتهى الحرص و الحزم... كنت أنظر اليها و لا ألمح اي خوف ، كانت متأكدة انني واقف بقوة في مواجهة الامواج ممسكاً يدها باعتناء...كانت تضحك و تقفز و تتلقي الموجات العنيفة في وجهها بضحات طفولية صارخة ، حتى اقتربت موجة كبيرة ، و قلت أواجهها و أمسكت يد فريدة و وجهي نحو الموجة ، "حسبتها غلط" الموجة كانت أكبر و أقوى من مواجهتها بهذا الشكل ، أقتلعتني من الارض التي ظننت اني ثابت عليها ، جرفتني و أدارتني حول نفسي في منتهى القسوة والعشوائية و اللامبالاة . وفي هذه اللحظة لم أجد في يدي اليد الصغيرة التي كنت حريصاً عليها... شعرت اني وحيد ! أب بدون ابنته ! توقف قلبي عن نبضاته لثواني ، وحل الصمت محل كل صخب الشاطئ و الموج ! وعيناي تمسحان كل سطح البحر و اعماقه بحثاً عنها... ثم رأيتها تصعد من تحت الموجات ، "بِتكُح" لكن "بتضحك" كانها أنهت للتو لعبة القطار السريع roller coaster ride... أسرعت نحوها وأحتضنتها بقوة شديدة و عندها فقط أستفاقت من صدمتها و سمحت لنفسها ان تبكي بعد تلك الصدمة العنيفة... هذا هو الثمن الذي دفعته لأنني ظننت اني قوي "بما يكفي" لمواجهة الأمواج العنيفة ، ولأنني وثقت في الرمال أسفل قدمي ، و قبضة يدي التي ظننتها "قوية "... هذا هو الثمن الذي دفعته لأنني وثقت في تلك الطبيعة الضعيفة معتمداً على حساباتي الخاصة... أيها الاباء و الامهات ، الاخوة و الاخوات ، افتحوا عيونكم و انظروا...تأكدوا في يد من تسلمون ايديكم في مواجهة موجات الحياة ، على اي ارض تثبتون اقدامكم ، وعلى اي قوة تستندون ! كنت سأعاني فقدان ابنتي لأنني ظننت ان كل شئ تحت سيطرتي حتى صدمتني الأمواج و ادركت ان انها "أكبر مني" ولا يمكن ايقافها ، لقد تأخر رد فعلي لثواني فغلبتني و تغلبت علي ! الحياة .. نفس الشئ ، تماماً كالشاطئ بأمواج تزأر و لا تنتهي...و هناك أحباءك الذين يتعلقون بك عليك بحثاً عن الملجأ و الامان بين ذراعيك ! عندها ستعرف انك انت نفسك في حاجة الى القوة الحقيقية الوحيدة التي تستطيع ان تعبر بك بل و تخطو بك فوق امواج الحياة عندما يستدعي الامر و تتهاوى رجليك...“فقالَ: «تعالَ». فنَزَلَ بُطرُسُ مِنَ السَّفينَةِ ومَشَى علَى الماءِ ليأتيَ إلَى يَسوعَ.” مَتَّى 14:29 ! القادر ان يسكت البحر...“فتقَدَّموا وأيقَظوهُ قائلينَ: «يا مُعَلِّمُ، يا مُعَلِّمُ، إنَّنا نَهلِكُ!». فقامَ وانتَهَرَ الرّيحَ وتَمَوُّجَ الماءِ، فانتَهَيا وصارَ هُدوُّ.” لوقا 8:24 ! القادر ان يضع اساسات عميقة يثبت بها اقدامك...“«فكُلُّ مَنْ يَسمَعُ أقوالي هذِهِ ويَعمَلُ بها، أُشَبِّهُهُ برَجُلٍ عاقِلٍ، بَنَى بَيتَهُ علَى الصَّخرِ. فنَزَلَ مَطَرُ، وجاءَتِ الأنهارُ، وهَبَّتِ الرّياحُ، ووقَعَتْ علَى ذلكَ البَيتِ فلَمْ يَسقُطْ، لأنَّهُ كانَ مؤَسَّسًا علَى الصَّخرِ.” مَتَّى 7:24-25 ! عندها تستطيع ان تحتضن اسرتك و تعبر بها الحياة آمناً مهما ارتفعت الامواج . ارجوك لا تعتمد على قوتك الشخصية ، في يوم ما .. موجة أعلى قليلة مما توقعت او قفزة تأخرت لثواني ، تقلب حياتك واستقرارك . وعندها ستفقد من ظننت انك تحتفظ بهم في يديك.. بلا عودة! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
زمن تاهت فيه الأصول |
تاهت فيه الاصول |
كل شي باهت عند الخصام |
تاهت سفينتى وسط بحر الحياه تاهت مدينتى وبصرخ وبقول اه |
هنالك اوطان تنتج كل مبررات الموت وتنسى ان تنتج شفرات حلاقة. |