عملك والمتاعب الصحية
هل عملك يسبب لك المتاعب الصحية؟
هل تعاني من الصداع وآلام الظهر أو غشاوة بالنظر؟
إذا كانت الإجابة (نعم) فقد تكون بحاجة لمعاينة بيئة العمل من حولك لترى ما هي الأشياء التي تحتاج إلى التغيير لكي تشعر بالتحسن، والواقع أن هذه خطوة ليست في صالحك فقط وإنما ستكون في صالح رئيسك أيضاً، الذي لن تكلفه إجازات مرضية وهدراً في الطاقة الإنتاجية.
إن دراسة كفاءة العاملين في بيئة أعمالهم (Ergonomics) معني بتصميم بيئة العمل ذاتها.. الآلات المستخدمة والأجهزة الوظيفية ، مع الأخذ بالاعتبار قدرات وحدود الجسم البشري، وهذا عمل عصري أصبح يحظى بأهمية كبيرة.
"جوان ألن" من قسم أنظمة الدراسات العلمية في واشنطن (D.C) تقول: إن المكاتب قد تغيرت عما كانت عليه منذ عشرين عاماً ومع ازدياد التسهيلات التقنية أصبح الناس يتفاعلون بدرجة أقل مع بعضهم البعض، وطبيعة عملهم تتطلب كثيراً من الجلوس عوضاً عن الحركة والتفاعل المباشر، خاصة مع انتشار البريد الإلكتروني كوسيلة تواصل مهنية، وبالرغم من أن هذا يعني سرعة التواصل المعلوماتي إلا أن لهذه التقنية مشكلاتها الخاصة أيضاً.. وتعني أن الناس لا يتحركون بالقدر الكافي في مجال عملهم.
آلام العضلات
وكمثال.. فإن إحدى أهم تلك المشكلات الصحية هي الجلوس لفترات طويلة أمام لوحة مفاتيح الكمبيوتر، وجسم الإنسان يتضرر بالمكث على حالة واحدة لفترات طويلة، وعندما يصبح على هذا الوضع فإن عضلات الجسم تتقلص وتصبح في وضع انقباض متواصل، وهذا بدوره يسبب آلام العضلات والنتيجة تكون الشعور بألم في الكتف والرقبة من تكاثر وانحباس الحامض اللبني، ونظراً لهذه العوامل فإنه ليس بغريب أن يشكو 08% من مســــتخدمي الحاسب الآلي من مشكلات الرؤية أو آلام الظهـــــر وشد العضــلات بالرقبة في أي وقت من أوقات حياتهم العملية.
طريقة الجلوس أيضاً مهمة فكلما زادت القوة التي نستخدمها لضرب مفاتيح الكمبيوتر زاد احتمال الإصابة بتوتر الأيدي لأننا نحتاج إلى حركات محدودة بواسطة مجموعة صغيرة من العضلات، ولكن رغم ذلك يبقى هناك خبر سار وهو: إذا تمكن الموظف من اســـــتخدام الحاسب الآلي أقـــل من 5 أو 6 ساعات في اليوم فإن احتمال التعرض لهذه الآلام يكون أقل بكثير، وأما إذا كانت أكثر من 5 أو 6 ساعات فعليك أن توفر بيئة عمل خاصة بك كي تقلل من احتمالات التعرض لمشكلات صحية.
خطوات مفيدة
لا تنس أيضاً أنه بإمكاننا تصحيح بعض تلك المشكلات وليس بمقدورنا تحميل كل مشكلات العمل على بيئة العمل، فالوقوف والحركة والتقليل من الكافيين وأخذ بعض فترات الراحة (ليس بعيداً عن أجواء العمل ولكن من خلال تغيير الروتين، كأن نرتب المواعيد أو أن ندمجها مع غيرها من أعمال المكتب بدلاً من الطباعة المتواصـــلة)، هذه كلها وسائل سهلة الاستخدام وبإمكانها التقليل من حدة التوتر، أما المشكلات الأخرى فهي تحتاج إلى مجهـــــود ووعي للتغلب عليها.
الإجهاد البصري
الإجهاد البصري هو مثال آخر فعضـــلات العــين تحتاج إلى التمرين، وأفضل طريقة لذلك هي أن ننظــــر بعيداً عن الشيء الذي نركز النظر عليه من وقت لآخر، أو حاول تركيز النظــر على إصبع السبابة بينما أنت تقربه من أنفك، اجعل شـــاشة الكمبيوتر بعيدة عن الحائط إن أمـــكن حتى يكون استخدام نظرك لمنتصف المســافة، وإذا كانت الإضاءة السقفية تســــــبب انعكـــــاساً للضوء حــــاول أن تميل الشاشة للأسفل، ولاحـظ أن بعض مصافي الشاشات (Screen Filters) لا يحبذ اســــتخدامها لأنها تقـــلل من جـــودة القراءة.
حدد منطقة العمل
يجب أن تتذكر أن إحدى المشاكل المنتشرة هي وجود وهج كبير للإضاءة لأن الناس تضع جهاز الكمبيوتر أمام النافذة، أو الجلوس ما بين النافذة ومنطقة العمل بينما تأتي الإضاءة من الخلف، هذه ليست فكرة جيدة لأنه إضافة إلى انعكاس الضوء فإن ذلك الترتيب سوف يؤدي إلى إجهاد البصر، والحل الأفضل يكمن في وضع الكمبيوتر أو الشاشة في الزواية الصحيحة للنافذة، وإذا بدت هناك إنارة سقفية حاول أن تضع الكمبيوتر ما بين صفوف الإضاءة لتقلل من الوهج الأعــلى.. ولا تغفل عن أن تميل الشاشة إلى الأسفل قليلاً.
والحقيقة فإنه ليس من المتوقع أن تتمكن من التحكم في كل هذه العوامل في منطقة العمل، أو أن تكون لك مساحة واسعة للحركة، ولكن عمل تغيير واحد أو اثنين يمكن أن يخفف من تلك المشكلات.
حامل الوثائق
إن أدوات حمل الوثائق هي عامل مساعد مفيد وكمالي، والحامل يجب أن يكون بنفــــس درجة ارتفاع شاشة الكمبيوتر ولا تنـــــس الكرســـي أيضاً، فالأقدام يجب أن تستريح على الأرض ولا تتـــدلى فـــــي الهواء وإذا لم تتمــــكن فقم باستخدام مسند للقدمين.
أمر آخر يجب الانتباه له، هو وضع المواد المستخدمة باستمرار في مكان قريب، فإحدى السكرتيرات وضعت الهاتف بعيداً في أقصى طرف في مكتبها وبعيداً عن مكان استخدامها للكمبيوتر فأصبحت تمد يدها عبر المكتب في كل مرة يدق فيها الهاتف وبنهاية كل يوم عمل كانت تعاني من آلام مبرحة بالرقبة والأكتاف من كثرة الحركة الملتوية.
الرسخ العظمي
بالنسبة للعاملين الذين يستخدمون لوحة مفاتيح الكمبيوتر بكثرة فإن إحســـاســـهم بآلام الرســـخ العظمي (Carpal Tunnel Syndrome) هــــي حالة شائعة في بيئة العمل، إن الأوتار التي تشغل الأصابع تمتد للطرف الأعلى من الذراع "بمقدورك أن ترى إلى أي مدى بواسطة إبقاء ذراعك في منتصف المسافة بين الكوع واليد بينما تهز أصابعك"، وأوتار اليد هنا تشبه جهاز البكرات الذي يساعد في رفع الأثقال وهذه الأوتار تمر عبر منطقة الرسخ لذا فإن الحركة الكثيرة تسبب الانتفاخ والاحتكاك وتؤدي إلى الإحساس بالألم، وهناك علامات يجب الانتباه لها كالإحساس بالوخز الخفيف في الأصابع والأيادي، وهي تشتد لدرجة الألم في الليل عندما لا يتوقعها الإنسان، ولتجنب هذه المشكلة تأكد من أن منطقة الرسخ ممدودة وليست مثنيـة في حالة وجود لوحة المفاتيح أعـــلى من الـلازم أو منخفضة أكثر من اللازم أو أكثر صعوبة عندما تكون اليد ملتوية، بينما نحن نملك مساحة عمل قليلة ولوحة المفاتيح على جانب آخر، بالإضافة إلى ذلك لا تســـند رســـخ يدك في المساحة ما بين لوحــة المفــــاتيح والمكتب.
استراحات قصيرة
تظهر الدراسات الحديثة أن الاستراحة التقليدية القصيرة مرتين (في الصباح وبعد الظهر) غير مجدية لأنه في نهاية اليوم قد تشعر بأنك مازلت مرهقاً وبدلاً من ذلك فالأفضل أن تستريح كل ساعة لمدة 3 دقائق حتى تتخلص من التوتر وضغوط العمل، وتقول "جوان ألن" :>إنه من خلال هذه الطريقة تصبح المعالجة وقائية قبل أن تتفاقم<.
وبهذه الطريقة وعلى المدى الطويل تصبح أكثر إنتـــاجية، بمقــدور بعض الناس المجادلة بأنهم لا يريدون أن يصبحوا أكثر إنتاجية مما هم عليه وأنهم يقومون بعمل كاف ومجــد، ولكن عليك أن تتذكر بأن ازدياد الإنتاجية من جانبك سيتيح لك تذكير رئيسك بها عندما تطلب ترقية في المـــرة القــــادمة، فمع بضع خطوات اســتراتيجية يمكن التأكد من أن العمل الذي تقوم به يجلب لك الســـعادة ولا يســــبب لك المعاناة
