رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هذه المرة الأولى التي يخاطبهم بها كرسل .. فطيلة مدة حياته على الأرض كانت لهم صفة التلاميذ .. أما الآن فهم على موعد من إعدادهم من قبله كرسل ومرسلين ..! الإرسالية اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمُ: الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي، وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِى..(يوحنا 13: 20 ) إن السيد المسيح في هذا الأصحاح من إنجيل يوحنا يبارك إرساليته لتلاميذه المختارين كرسل بعد موته وارتفاعه .. فلذلك لا نراهم في الخدمة مدة حياته وهو يخاطبهم صراحة كرسل! .. ولكن حان الوقت ليرسي فيهم هذا الأمر .. حان الوقت ليرفع عينيهم لإرساليتهم وخدمتهم المستقبلية .. وراح يربط إرساليته من قبل الآب لإرساليته لهم من قبله كابن الله الكلمة المتجسد .. لم يتبق في حياته على الأرض سوى ساعات قلائل .. فراح يودّعهم بأعظم تكليف .. بأقدس مهمة .. بأبهى تفويض ممكن أن يكلف به رسول مرسل !.. وكعادة يسوع المسيح قبل أن يكلّف بأي مهمة وقبل أن يلزم بأي وصية يقدم الوعد والمكافأة والمجد! .. فقبل أن يرسلهم سيذهب قدامهم وسيكون الكلمة في أفواههم .. هيبته ستسقط عليهم .. سيفتح كل البيوت أمامهم .. سيهبهم تعزيات وبركات مضاعفة .. فالمسيح هنا جعل كرامة الخادم من كرامته نفسه .. فالذي يقبل خادم المسيح .. كأنه قبل الآب والابن معًا .. والذي يرفض الخادم المرسل .. يرفض الذي أرسله وهو الله عينه. وأوضح هذا الأمر نفس البشير يوحنا في رسالته الأولى “نَحْنُ مِنَ اللهِ. فَمَنْ يَعْرِفُ اللهَ يَسْمَعُ لَنَا، وَمَنْ لَيْسَ مِنَ اللهِ لاَ يَسْمَعُ لَنَا. مِنْ هذَا نَعْرِفُ رُوحَ الْحَقِّ وَرُوحَ الضَّلاَلِ” (1 يوحنا 4: 6) مثال عملي ..! “فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا.اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ” (يوحنا 13: 14-17) انظروا كيف أظهر السيد المسيح طريق التواضع .. لم يغسل أرجل تلاميذه على بسيط الحال.. لكنه غسلها بعد خلع ثيابه .. ولم يقف عند هذا الحد .. لكنه اتزر بإزار .. ولم يكتفِ بهذا لكنه ملأ المغسل بنفسه .. ولم يأمر آخر أن يملأه .. مارس أعمال الغسل كلها بنفسه ليريهم كيف يمارسوا أعمال خدمتهم لا في شكليات بل بكل تواضع وحب وانسحاق .. فإذا كان السيد والمعلم يفعل هكذا فكم بالحري العبد والتلميذ ..! الفرق بين العبد قديمًا وصورة العبد الخادم الذي يريدها يسوع من تلاميذه وبالتبعية من خدامه؟ .. إنَّ العبد قديمًا كان يخدم عن قسر .. يخدم مرغمًا .. يخدم بتواضع ظاهري وبدون حب .. أما شكل الخادم الذي يريده يسوع هو كسيده الذي خدم بكامل حريته بمسرة من خلال تواضعه وحبه .. يخدم غير مبالي بما ينتظره من أمور غير متوقعة في الخدمة من أخطار وربما موت .. موت دون حتى أن تقبل رسالته .. دون أن يُفهم مدى حبه .. راح يسوع ينحني ليغسل أرجل تلاميذه وهو يعلم أنَّ لحظات قتله قد اقتربت .. وأن أحد تلاميذه الذي يغسل أرجله الآن سيخونه ويسلمه .. وهناك آخر سينكره .. والبقية ستتركه .. الجميع قد تخلى عنه لكنه باقِ على عهد حبه .. عهد حبه حتى الصليب .. فالخدمة لا يعوقها حتى أخطار الصليب .. فعيونهم مرفوعة على مجد القيامة .. على الأبدية التي ستفتح في وجه جميع الناس ليعاينوا كم ينتظرهم من حب .. حب سيد غسل أرجل تلاميذه وهو على الأرض .. فماذا يمكن أن يقدم لهم بعد في الأبدية ..! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|