لم يعش يسوع الناصري يتيما بل كان أبوه في السماء, كان إكليل الشوك على رأسه أجمل من تاج ملوك روما وملكات الجمال اليوم في أعظم العواصم العربية, لم يكن يسوع ذليلا ولا خائفا بل كان قويا, لم يهدم الهيكل ليبني لنفسه على إنقاذه كنيسته بل بناها على صخرة بطرس, لم يكن المسيح إلا رمزا من رموز السماء ولم تكن المسامير في يديه مثل مسمار جحا لا ولم يكن خازوقا عثمانيا, كان المسمار بهيا جدا أجمل وأرقى وأعظم من رمز عشتار, كان يلمع في كفيه, كان منظر المسامير في يديه مثل منظر الأحجار الكريمة في العِقد الفريد وكانت رائحة دمه السائل على جسده مثل رائحة المسك, ولم يكن جبانا بل كان شجاعا وتمنى الآلاف والملايين من البشر أن يُصلبوا كما صُلب هو, كان وما زال محسودا من قِبل الفلاسفة والمناضلين السياسيين الذين قال أغلبهم : إننا فعلنا كل ما فعله يسوع ولكن لم يصلبنا أحد, كان المسيح يتألم لآلام الناس ولم يكن مثل الكُتاب الساخرين يضحك من آلام الناس بل كان يبكي ويحزن ويتألم عنهم وكان يتمنى أن يُخفف عنهم أحمالهم وآلامهم وأحزانهم وكانت نهايته كما تمنى.
إننا حينما نحب أحدا ونراه يتألم نتمنى لو نستطيع أن نحمل عنه بعض الآلام أو بعض الأحزان, حين نرى إنسانا متعبا أحيانا نحاول أن نخفف عنه, وهذا ما حصل وحدث بالفعل مع يسوع الذي رأى هو والآب آلامَ الناس وأحزانهم وأوجاعهم فبذل نفسه عنهم لقاء أن يخفف عنهم ما يشعرون به من ألم وتعب وحزن, لم يضحِ المسيح بأحد من أصدقائه بل كان هو الضحية, لم يطمع في نساء تلاميذه, لم يسعى إلى الشهرة والمجد بل الشهرةُ والمجد هي من سعى إليه, لم يسعى ليكون ملكا أو سلطانا ولكنه هابته كل ملوك الأرض وسلاطينها.. لم يملئ بطنه من موائد الدول العظمى في ذلك الوقت ولم يكن مفتيا للملوك وللسلاطين , لم يكن مصلوبا كالمجرمين أو مطلوبا للدوائر الأمنية على تُهم مُخلة بالشرف والذوق الرفيع بل كان هو الشرفُ والذوق الرفيع, لم يكن يسوع تاجرا يتاجر في أحلام الشعوب وأمانيهم ولم يبع أورشليم للسماسرة وللقوادين, ومن أجلنا بذل نفسه ومن أجل تعاليمه ترك العشارون وراءهم عشورهم وترك التجار تجارتهم وتاجروا بتعاليمه.
لم يكن يسوع سياسيا كاذبا يوعد الناس ببناء الجسور وبتوفير فرص العمل للضعفاء من أجل أن يدخلوا في ملكوته وفي النهاية يضحك عليهم, بل كان هو الجسر الذي من خلال عبر العالم إلى ملكوت الرب.. لم يكن تلامذة يسوع من عبدت الجنس والنساء أو المال الحرام, لم يكن تلامذته من المرابين والدجالين, كان وقوفه على الصليب أجمل من وقوف إمبراطور روما في فناء قصره, وكان منظره على الصليب أجمل من منظر كسرى أنوشروان على عرشه, لم يوعد تلاميذه بنساء بني الأصفر ولا بنكاح السبايا والغلمان, كان منظره وهم يجرونه حافيا للصلب في الجلجثة أعظم وأبهى وأجمل من مرور مواكب الملوك والأمراء اليوم في شوارع لندن وواشنطون, كان موكبه يتألف من الذين قبلوه في حياتهم ووضعوه على رأسهم مثل المظلة في فصل الشتاء, لم يكن يسوع مهانا بل كان كريم النفس وعفيفا ونظيفا الفرج واللسان ذلك أنه دليل على أنه لم يكن من البشر أو لم تكن طبيعته طبيعة بشرية بل كان نصفه بشر ونصفه الآخر إلها, لم يتألم أمام قاتليه بل أمام من قبلوه في حياتهم ليعلمهم أن الفداء ليس بكبش عظيم أو حيوان أعظم من الإنسان بل الفداء بابن الله, لم يأتِ يسوع من وراء القصور ولم يخرج من غيمة بيضاء ليملئ آذان الناس بالوعود الكاذبة, لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب ولكنه صُلب ومات وقام من بين الأموات وفي فمه كلمة الحق, لم يكن يسوع في البداية الحجر الذي رغب به البناءون بل كان الحجر الذي رفضه البناءون وأصبح فيما بعد حجر الزاوية