2 - لقد بقي خلال الاضطهادات العنيفة، إذ لـم يلقَ كتاب آخر مثلما لقيه الكتاب المقدس من اضطهاد. حاول كثيرون أن يحرقوه ويمنعوه، منذ أيام أباطرة الرومان حتى الحكم الشيوعي في العصر الحاضر. وقال الملحد الفرنسي المشهور فولتير (توفي عام 1778) إنه بعد مائة سنة من وقته ستكون المسيحية قد امَّحت وصارت تاريخاً. ولكن ماذا حدث؟ لقد صار فولتير في ذمة التاريخ، وزاد توزيع الكتاب المقدس في كل جزء من العالـم، يحمل البركة أينما وُجد. فمثلاً بُنيت الكاتدرائية الإنكليزية في زنزبار على موقع سوق العبيد القديم. ووُضعت مائدة العشاء الرباني فوق البقعة التي كان العبيد يُجلَدون فيها. وهناك الكثير من مثل هذه الحالة. إنَّ وضْع أكتافنا في عجلة لنمنع دوران الشمس أسهل من أن نُوقف توزيع الكتاب المقدس. ولـم تمض خمسون سنة على وفاة فولتير حتى استعملت جمعية جنيف للكتاب المقدس مطبعته ومنزله لنشر الكتاب المقدس ! (1)
في عام 303 م أصدر دقلديانوس أمراً بالقضاء على المسيحية وكتابها المقدس، بإحراق الكنائس والكتب المقدسة، وحرمان كل مسيحي من الحقوق المدنية. ولكن الامبراطور الذي خَلَفه على العرش كان قسطنطين الذي أوصى يوسابيوس بنسخ خمسين نسخة من الكتاب المقدس على نفقة الحكومة.
إن الكتاب فريد في بقائه، لا يسنده في هذا البقاء إلا ما جاء فيه والإعلان الذي جاء به، لأنه من عند اللّه. وهذا يعني أنه يقف متفردا بين كل الكتب، وعلى كل باحث عن الحق أن يدرس هذا الكتاب الفريد الذي يتميز بهذه الصفات.