رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كيف نفهم طفل المهد؟ والواقع أنه بالرغم من أن جميع الأطفال يعانون بعض مشاعر الشك أو القلق نحو العلاقة ، وهي في دور التكوين ، بينهم وبين القائم . على أمر رعايتهم ، فإن الخبرات الإيجابية تفوق الخبرات السلبية عند لأغلبية العظمى من الأطفال.إن الجو الذي تشيع فيه الثقة بين الطفل وأفراد أسرته، سوف يدعم الجهود التي يقوم بها الطفل لكي ينجز واجبات النمو لهذه المرحلة. إنه بمثابة الأرض الصلبة التي لابد أن يقف عليها الطفل تبدأ مرحلة المهد منذ اللحظة الأولى لخروج الطفل إلى هذا العالم ، وتستمر حتى نهاية السنة الثانية تقريبا. ولهذه المرحلة أهميتها الخاصة ، التي لم تلق من قبل نفس الانتباه والاهتمام اللذين تلقاهما الآن من جانب علماء النفس. ففي بداية هذه المرحلة تتقرر قدرة الوليد على البقاء وكفاءته في مواجهة مؤثرات البيئة الجديدة مما يحدد مسار نموه فيما بعد إلى حد كبير. إن هناك فارقا كبيرا جدا بين ظروف الحياة التي كان يحياها الوليد قبل الميلاد ، أي منذ أن كان جنينا ، وتلك التي أصبحت تحيط به الآن بعد أن خرج من بطن أمه. فالجنين يتغذى عن طريق الحبل السري ، ويعيش في درجة حرارة واحدة ، ولم يكن عليه حتى أن يتنفس. أما بعد الميلاد فقد أصبح لزاما عليه أن يكون أكثر إيجابية. فهو يقوم بالرضاعة للحصول على غذائه ، والرضاعة عملية ليست بسيطة ، فهي تتكون من الامتصاص والبلع والتآزر بين البلع والتنفس ، وقد يتعرض فيها لكثير من المضايقات. وهو إلى جانب ذلك يعتمد على أجهزته الخاصة في التنفس والإخراج وضبط حرارة الجسم. بل إنه صار يتعرض للعديد من ا لمؤثرات الصوتية ، والضوئية واللمسية وغيرها مما قد لايكون مريحا في جميع الأوقات. إن ملاحظة هذا التغير الكبير ا لمفاجئ قد دعت بعض علماء النفس إلى أن يعتبر الميلاد »صدمة « في حياة الإنسان ، يبقى أثرها في »اللاشعور « ما بقى على قيد الحياة مما قد يدفعه أحيانا-وفي أوقات الشدة-إلى أن »ينكص « على عقبيه ، كما لو كان يرغب بالفعل في العودة مرة أخرى إلى حيث الدفء والراحة والحماية ، التي كان ينعم بها ، عندما كان في رحم أمه. إن مثل هذا الكلام وإن كان يؤخذ على أنه ضرب من الخيال ، يعبر عن مدى تصورنا لما يقع على ا لمولود من ضغوط لم يكن لها وجود في حياته السابقة. إن تلك الضغوط يتعرض لها الطفل ، في الواقع ، طوال هذه الفترة.وبإمكاننا أن نتصور مدى الآلام التي قد يعاني منها الطفل نتيجة لها.فا لملاحظ لطفل جائع مثلا يستطيع أن يشاهد الاستجابات القوية التي يثيرها لديه هذا الظرف. فهو عنيف الحركة شديد البكاء ، مسرف في ذلك غير مقتصد ، كلما اشتد به الجوع. فإذا كان للوليد أن يشعر وأن ينفعل ، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذه الحالة من الاضطراب في السلوك الظاهري، انما تنطوي على شعور بالألم الشديد. بل ر بما انطوت أيضا على شعور بالخوف ، وتهديد لكيان الطفل ، الذي يهتز هزا في مثل هذه الحالات ، ولا يذهب ذلك كله هباء ، بل يترك علاماته ، دون شك ، على النمو النفسي للطفل مستقبلا. ولدينا الآن من النظريات العلمية ومن الدراسات الإكلينيكية ، بل لدينا من البداهة والتصور والاستنتاج المنطقي ما ينبئنا بالشيء الكثير في هذا الاتجاه. المواجهة والتناقض: ولكي نفهم خصائص النمو النفسي للطفل في هذه المرحلة ، علينا أن نعرض أولا لطبيعة ا لمواجهة التي تقوم بينه وبين الكبار الذين يقومون على رعايته ، تلك ا لمواجهة التي تؤدي به إلى الوقوع في تناقض بين حاجاته من ناحية ، وبين التوقعات الاجتماعية للثقافة التي يعيش فيها من ناحية أخرى. وتتمثل هذه التوقعات فيما نسميه متطلبات النمو. متطلبات النمو: والواقع أن ا لمطالب الاجتماعية ا لمتوقعة من الطفل في هذه المرحلة قليلة، ذلك أن معظم توقعات الثقافة يتمثل في مستويات للنمو الجسمي والمعرفي والحركي والقليل منها في النمو الاجتماعي. ففي أثناء هذه المرحلة نتوقع الثقافة من الطفل أن يكون قد: ١- تعلم المشي. ٢- تعلم تناول طعام جاف (أي فطم من الرضاعة الطبيعية والصناعية). ٣- تعلم الكلام. ٤- تكون لديه مفهوم دوام الشيء (أي أن الأشياء تبقى موجودة ولو غابت عن ناظريه). ٥- اكتسب التعلق الاجتماعي بالوالدين والأخوة والغير. اﻟﻤﺠتمع إذن لا يضع على الطفل في هذه ا لمرحلة قدرا من الالتزامات. فماذا عن الطفل ؟ الطفل أيضا لا »يصبو « في هذه ا لمرحلة إلى أكثر من إشباع حاجاته الأساسي: حاجته إلى الراحة والبعد عن الألم ، حاجته إلى التعلق ودفء العاطفة ، حاجته إلى الاستقرار والثبات في ا لمعاملة وفي البيئة المحيطة به ، حاجته إلى الاستثارة وإشاعة النشاط. هذا إلى جانب حاجته البيولوجية من تغذية وإخراج.. . الخ. ففيم إذن يقوم التناقض ؟ الواقع أن التناقض الذي يقوم بين مطالب الطفل ومطالب البيئة في هذه المرحلة، إنما يفهم في ضوء مدى الكفاءة التي يواجه بها الآباء حاجات الأطفال ، ومدى الكفاءة التي يواجه بها الطفل ظروف البيئة المحيطة به. وإذا تذكرنا ما أشير إليه في الأسطر القليلة السابقة من حيث مدى حساسية الطفل للضغوط التي تقع عليه في هذه ا لمرحلة ، نستطيع أن نتصور مدى أهمية تلك الكفاءة بل مكانتها الجوهرية في النمو النفسي لطفل المهد. الثقة أزمة الطفل في هذه المرحلة: فبناء على الأسلوب الذي يتخذه الآباء في إشباع حاجات أطفالهم ، يمكن أن تنمو لدى هؤلاء الآخرين ، إما »ثقة « متزايدة في أن حاجاتهم سوف تشبع ، وإما انعدام تام لهذه الثقة. وفيما بين هذين الطرف . توجد بالطبع درجات مختلفة. فإذا استطاع القائمون على رعاية الطفل أن يتعرفوا على- حاجاته وأن يستجيبوا لها بطريقة سديدة مناسبة ، وفي الوقت ا لمناسب، تنمو لديه الثقة في أنه مقدر ، وأن حاجاته سوف تشبع ، وأن من حوله سوف يهرعون إليه ، عندما تنشأ لديه حاجة !إلى ذلك. إن الطفل لا يقول لنفسه هذا الكلام بالطبع ، ولكننا نستطيع أن نستشعره من تزايد قدرته على تأجيل إشاعات ، ومن الدفء والمرح اللذين يشبعان في تعامله مع أعضاء أسرته. إن إحساس الطفل بالثقة ما هو في الواقع إلا حالة انفعالية تساعده على الشعور بالتوحد مع البيئة المحيطة به. أما إذا لم يستطع القائمون على رعاية الطفل أن يتعرفوا على حاجاته ، وأن يستجيبوا لها بطريقة مناسبة وفي الوقت ا لمناسب ، أو إذا هؤلاء خشنين . عند إشباعهم لهذه الحاجات ، فإن بذور الشك في البيئة المحيطة به يمكن أن تزرع عندئذ لدى الطفل . والواقع أن معظم الآباء قد يرتكبون بعض الأخطاء في الاستجابة للتوترات التي يعاني منها أطفالهم، خاصة عندما يكون هؤلاء الأطفال في أسابيعهم الأولى. فقد يبدأ الآباء عندئذ باللجوء، مثلا، إلى إرضاع الأطفال. ثم إذا زادوا في البكاء، يغيرون لهم لفافاتهم، فإذا ما استمروا فقد ينتقلون بهم إلى حجرة أخرى، أو قد يأخذون في أرجحتهم، وهكذا إلى أن تجدي معهم حيلة أو أخرى من هذه الحيل. وفي بعض الحالات قد لا يستطيع الوالدان أن يكتشفا الحاجة الفعلية، فيصران على حل واحد كالرضاعة مثلا حتى بعد أن يكون الطفل قد رفضها. من هنا تبدأ الثقة تنعدم: عندما يصبح الطفل غير متأكد من إشباع حاجاته في المرات القادمة وعندما يصبح من العسير على الطفل أن يحصل على الراحة الجسمية والنفسية اللازمة. والطفل في هذه الحالة أيضا لا يستطيع أن يعبر عن مشاعره هذه بالألفاظ ولكنها مع ذلك تظهر في سلوكه. فنحن نستطيع أن نستشف الشعور بانعدام الثقة عند الطفل من عزوفه عن التفاعل ومن أعراض الاكتئاب والحزن التي تبدو عليه والتي قد تظهر في صور متعددة كالنهنهة أو الافتقار إلى الانفعال ، أو فقدان الشهية للطعام ، أو اللامبالاة أو غير ذلك من استجابات سلبية. والواقع أنه بالرغم من أن جميع الأطفال يعانون بعض مشاعر الشك أو القلق نحو العلاقة ، وهي في دور التكوين ، بينهم وبين القائم . على أمر رعايتهم ، فإن الخبرات الإيجابية تفوق الخبرات السلبية عند الأغلبية العظمى من الأطفال. إن الجو الذي تشيع فيه الثقة بين الطفل وأفراد أسرته، سوف يدعم الجهود التي يقوم بها الطفل لكي ينجز واجبات النمو لهذه المرحلة. إنه بمثابة الأرض الصلبة التي لابد أن يقف عليها الطفل ، إذا كان له أن ينجح في تحقيق المستويات النمائية المتوقعة منه. بعبارة أخرى يمكن أن نقول إن المواجهة بين الطفل وبيئته ـ إما أن تحل في صالح الطفل ، وعندئذ تتكون لديه ثقة متزايدة فيمن حوله وفيما حوله ، تساعده على النمو إلى ا لمستويات المتوقعة منه ، وإما أن تحل في غير صالحه وعندئذ يكتسب من عدم الثقة ما يعطل نموه. ولابد أن نشير هنا إلى أن مفهوم الثقة بمعناه الواسع لا يقتصر على ثقة الطفل بمن حوله فحسب ، بل يتضمن أيضا ثقته بنفسه بمقدرته وكفاءته فالآباء الذين يحققون ثقة الطفل بهم إ نما يعملون في نفس الوقت على تنمية الشعور لديه بأن له تأثيرا على الظروف المحيطة به وأنه يملك في يديه زمام الأمور سواء منها ما يتعلق بالبيئة الاجتماعية أو بالبيئة الطبيعية. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إن لم نفهم كيف يموت موسى لن نقدر أن نفهم كيف يملك يسوع |
كفي وجع يا اللهي |
نبات المهد في بيت لحم |
يا اللهي |
كنيسة المهد - بيت لحم |