رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تابع طريق الحياة الجديدة في المسيح يسوع ما بين ضياع الهدف والسير المستقيم في الطريق المرسوم من الله 1 - دعوتنا وبداية مسيرتنا:أن لم نعي دعوتنا يا إخوتي كما قصدها الله لا الناس، فحتماً سنظل ضالين، تائهين، متغربين عن الله، مهما ما تممنا كل عمل صالح وجلسنا في الكنيسة ليلاً ونهاراً وتممنا كل شكل من أشكال العبادة، بل ولن نصل للغاية الموضوعة من الله حسب قصده أبداً مهما ما صلينا أو ندمنا على خطايانا بل وحتى تركناها بكل عزيمة وقوة وثبات وبلا عوده إطلاقاً، لأن إنسان لا يعرف دعوته ولا يعي طريقه ولا يرى غايته أمامه، فأنه يحيا في تخبط دائم لأن ليس له هدف يسعى إليه، مثل سفينة كُسرت دفتها وربانها لا يعرف إلى أين يذهب ولا كيف يتصرف بلياقة، فأخذت تُلاطمها الأمواج العاتية وتتلاعب بها، فتارة تلقي بها يميناً وتارة يساراً حتى أنها لا تصل ابداً لميناء أو شاطئ فتتحطم في النهاية ويغرق كل من فيها. لكن الله القدوس خلصنا ودعانا دعوة مقدسة، لا بمقتضى أعمالنا، بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية حسب التدبير، ودعوة ربنا يسوع هي عينها دعوة الله الآب إله كل نعمة لأنه هوَّ الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، وقدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي نصير بها شركاء الطبيعة الالهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة. ومن هنا يأتي جهادنا القانوني، أي أن جهاد الإنسان المؤمن بالمسيح ليس هوَّ جهاد إرادة خاصة وقدرة على الأعمال الصالحة، بل نابع من شركة الطبيعة الإلهية التي تجعله يهرب من الشهوة بسهولة، ولذلك قال الرسول بطرس بناء على هذه الشركة: "لهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد، قدموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة، وفي المعرفة تعففاً، وفي التعفف صبراً، وفي الصبر تقوى، وفي التقوى مودة أخوية، وفي المودة الاخوية محبة. لأن هذه إذا كانت فيكم وكثرت تصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح. لأن الذي ليس عنده هذه هو أعمى قصير البصر قد نسي تطهير خطاياه السالفة. لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الإخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين، لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا أبداً. لأنه هكذا يُقدَّم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي" [أنظر 2تيموثاوس 1: 9؛ 1بطرس 5: 10؛ 1بطرس 1: 3 – 11]فجهادنا كله أن نجعل دعوتنا واختيارنا ثابتين، وبذلك لن نُزل أبداً أو نتعثر أو نتراجع أو نتزعزع، بل سنثبت ونتقدم في مسيرتنا للأمام نحو ملكوت ربنا يسوع المسيح، صادقين في المحبة ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس: "المسيح" (أفسس 4: 15) فحالنا يُشبه حال شعب إسرائيل في برية سيناء الذي كان يعيش في خيام تُطوى لاستكمال المسير، لأننا نتحرك على الدوام روحيا نحو الغاية الموضوعة أمامنا من قٍبَل الله. فنحن نُزلاء وغرباء رحالة في هذا العالم، لا نستقر في مكان راحة هنا على الأرض لأنها لا تخدعنا لنستقر فيها، لأن رحلتنا ونحن في هذا الزمان الحاضر هي رحلة نحو الأبدية التي هي فوق الزمن، فمن المنظور الزمني ننطلق إلى الغير منظور الأبدي، لأن ليس لنا هنا راحة، بل راحتنا في المسيح، واستقرارنا في ملكوت مجده الخاص.* المسيحية يا إخوتي أكبر جداً بل وأعظم بما لا يُقاس من أن تكون مجرد تعاليم مكتوبة بحبر على ورق، أو عِظات منطوقة من فوق منابر، أو تأملات جميلة تُحرك مشاعرنا، بل أنها طريق مستقيم نابض بالحياة الإلهية نسافر من خلاله نحو غايتنا وهو حضن الآب في المسيح يسوع لنجلس في ملكوت ابن محبته، لذلك أعود أكتب ما قله رب المجد نفسه والرسل بولس وبطرس ويوحنا لنعي ما أقوله الآن: + أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي. (يوحنا 14: 6) طريق رؤية بإعلان واستكشاف شخصي، لا يستطيع سارق أو لص يدخله من موضع آخر لكي يعرفه حق المعرفة، بمعنى أنه علينا أن ندخل من الباب الرسمي الضيق لنسير على طريق الحق والحياة المُعلن لنا سراً في القلب، ونلزم أنفسنا به، حينئذٍ سنبدأ برؤية ما فيه دون وسيط، لأننا دخلنا فيه بأنفسنا، مثل إنسان مُسافر على الطريق، فأنه يسمع الإرشادات من أصحاب الخبرة في الطريق ثم يسير فيرى بنفسه ما فيه، وقد يكون سمع عن الطريق وأخذ معلومات كافية عنه، لكنه منذ أن دخله تحقق من كل ما سمعه وحفظه في ذاكرته، لأنه رأى بنفسه وشاهد وعاين، بل وأيضاً نظر شكل وملامح ما لم يسمع عنه أو عرفه كمعلومة.الطريق المسيحي، لكن لو ظل أحد منا خارجاً فأنه لن يقدر أن يفهم بشكل صحيح ما هو هذا الطريق وما هو منهجه الأصيل فسيرتبك ويتعثر جداً وسط تعاليم منتشرة كثيرة لن يُميز ما بين صحتها وخطأها، مثل إنسان قرأ وسمع عن البلاد الساحلية الجميلة لكنه لم يذهب إليها قط وسمع عن طرق كثيرة متضاربة للوصول إليها، لذلك يتخبط الكثيرين في أشياء وأفعال روحية تبدو في ظاهرها جميلة للغاية لكنها تكبل النفس وتُقيدها تحت نير عبودية الحرف والناموس فتصير حاجز عقبة منيع لرؤية الطريق بشكل واضح وصحيح. وكما أن الإنسان المسافر بحاجة إلى معرفة الإرشادات اللازمة وعلامات الطريق قبل أن يبدأ في رحلته، هكذا نحتاج كلنا أن نعرف ما هي علامات الطريق الإلهي الصحيح، ونحتاج أن يكون معنا صحبة رفقاء أمناء يسعون نحو ذات نفس الغرض عينه، نسير معاً وكل شخص فينا مُعين الآخر، لأن اثنين في الطريق خيرٌ من واحد والخيط المثلوث لا ينقطع، لذلك قصد الله أن يصنع كنيسة، كل من فيها أعضاء لبعضهم البعض كحجارة حية مبنيين معاً وينمون معاً ويسيرون معاً.وبالطبع يلزمنا أن نعرف ونعي أن إرشاد الإخوة المختبرين وتوجيهاتهم لنا ووعظهم وتعليمهم الذي حسب موهبة وعطية الله الحقيقية، لا يُمكن بل من المستحيل أن تُغنينا عن الخبرة الشخصية لنكتفي بالمعرفة السمعية، لأن كل واحد فينا – كشخص – مدعو أن يتحقق من كل ما يسمَعَهُ ويحيا به بنفسه على مستواه الشخصي. وتيقنوا يا إخوتي أن الإيمان لن يُخلِّص أحد لا يحيا به ولا يعيشه، لأن البار بالإيمان يحيا، فكما أنه من المستحيل أن يقدر أحد أن يُسافر وهو جالس في مكانه يقرأ ويحلم بجمال السفر، هكذا لا يقدر أحد أن يكون مسيحياً بشكل غير مباشر، فالله ليس له أحفاد يرثوا آبائهم بلا اختيار واعي، بل له أبناء مدعوين دعوة خاصة مباشرة، وهم بدورهم تفاعلوا مع دعوته واستجابوا للبنوة فعاشوا بالإيمان العامل بالمحبة. ليست هي جو التراث القديم والتعبيرات والألفاظ الجامدة والتقاليد المُحافظة الرتيبة، لأنه لا يوجد فيها ماضي ذكريات انتهت وفاتت، لأن المسيحية ماضيها حي ومستقبلها حاضر، لأنها هي الحياة الإلهية المنسكبة بدوام من الله بواسطة الابن في الروح القدس الساكن أوانينا الخاصة، وهي حياة التجديد المستمر والدائم الممتد، فهي بمعنى مُركز ومختصر:فالحياة المسيحية، هي الاختبار الشخصي والمباشر للروح القدس في الحاضر، هنا والآن، أي هي خبرة اقتناء الله والامتلاء منه على نحو شخصي جداً ونحن هنا على الأرض "الآن"، والآن تعني كل وقت حاضر في حياتنا الشخصية، لأننا نحيا في حاضر أبدي، لأن الرب دخل إلى زماننا لكي يرفعنا للأبدية، لذلك فنحن نحيا في يوم القيامة المجيد، فالرب قام وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماوات، ونحن نظل نتذوق من هذه القيامة وهذا الجلوس بالسرّ، لأننا نطلب ما فوق حيث المسيح الرب جالس، فننال باسمه وحده كل شيء، لأنه جعل كل شيء يخصه لنا كعطية وهبة كالتدبير.المسيح الرب يا إخوتي هو وحده – بشكل منفرد – الطريق والحق والحياة، هو مسيح القيامة والمجد، هو زرع نفسه في جسم بشريتا باتحاد غير قابل للافتراق إلى الأبد، فهو حي فينا، وحياته ستظل تملأنا وتتمدد علينا وتجتاح هياكلنا حتى نمتلئ لحد الشبع التام منه، فيخرج منا نوره الفائق بسلاسة وتلقائية دون تَصَنُّع أو جُهد بشري، وسنظل نمتلئ من مجده الذي سيظهر عند مجيئه حتى أننا سنصير مثله، لأنه سيغير شكل جسد تواضعنا على صورة مجده، لأنه هو الذي يملأ الكل في الكل، لذلك في المسيح ليس هناك قديم، وليس هناك تراث ميت أو أفكار عتقت وشاخت، لأن لنا فكر واحد متجدد دائم هو المسيح، وحياتنا منه وفيه، ففي المسيح يسوع الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً، فحياتنا متجدده بدوام واستمرار وبلا توقف، وكل ماضي في الكنيسة من حيث الشكل الزمني ليس هو بماضي لأنه مكتوب في السماويات سيرة جهاد إيمان حي عامل بالمحبة، لأن الكنيسة هي أعضاء جسد المسيح الحي الجالس عن يمين العظمة في الأعالي بجسم بشريتنا، لذلك فأن كل ما فيها من تعليم وسير مكرسه استحضرت الأبدية في الزمن لترتفع فوق الزمن لتصير شهادة الله أمام الناس والملائكة. __________________+ وهم غلبوه بدم الخروف في الجزء الثالث سنتكلم عن: (2) ملامح وعلامات الطريق |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التوبه هي تغيير الطريق والسير بأتجاه الاب القدوس |
الطريق المستقيم |
من العوائق الخدمة (ضياع الهدف) |
ما بين ضياع الهدف والسير المستقيم |
عظة الهدف المستقيم - البابا شنودة الثالث |