رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
العقلانيــــة ------------كان رامي شاباً ذكياً، متميزاً، متفوقاً... ولم يكن مرتبطاً بالكنيسة كما يجب. واستهوته الفلسفة وبعض القراءات العقلانية الأجنبية... وقرأ... وقرأ... وتعّمق... وإن لم يكن عنده أساس روحي كافي... بدأ يتشكك في كل شيء. كان رامي حين يناقش زملاءه في كلية الآداب... وحتى المتدينين منهم... لا يجد جواباً شافياً لأسئلته، فبدأ يتهكم علي كل ما هو ديني... ولم يقدر أحد أن يجادله بسبب فصاحته وبلاغته ومعلوماته الغزيرة التي يفتخر بها وأسماء الفلاسفة التي يحفظها وكلامهم الذي يدعو أحياناً للتشكك. ابتعد رامي بالأكثر عن الكنيسة... ولم يعد يقتنع بأي إجتماع روحي أو أب روحي... وحاول والديه أن يرّداه ولكنه نظر إليهما علي إنهما لم يقرئنا ولم يعرفا ما يعرفه وإنهما من صفوف الجهال الذين لا يفهمون. دخل رامي مع مجموعة من أشباه الملحدين الذين يتنكرّون لكل ما هو ديني... ويعتبرون الدين أفيون الشعوب... بعضهم ينكر وجود الله وبعضهم يعتبر الإنسان هو الله، وبعضهم لا يؤمن إلا بالعلم وآخرون من مذهب Agnostics الذين يقولون ليس هناك أحد يعرف الحقيقة. وتعثّر رامي في تساؤلات بلا نهاية... + هل التطور هو البداية... وهل هناك خلق؟ + إن كان الله موجوداً، فلماذا الظُلم ولماذا الشر ولماذا الألم؟ + هل المسيحية فقط هي الحقيقة ولماذا لا يكون الآخرون أيضاً علي حق؟ + هل هناك حقاً حياة بعد الموت... وما هو الدليل؟ ألغاز وأفكار... سحبته في طريق مظلم، وبدأ يشرب الخمور ويسهر سهرات شريرة ويضحك علي كل مَن حوله ويضحك أيضاً علي حاله... كان له صديق وفيّ (كريم) كان يحب رامي حقاً، وحين يتركه الكثيرون... لم يستطع كريم أن يبتعد عنه. حاول كثيراً أن يناقشه، ولكن رامي كان يسخر من جهله وسذاجته ولم يكّف كريم عن الصلاة لصديقه. وفي يوم... دعاه كريم للنزول معه إلي قرية فقيرة لتوزيع هدايا العيد للأطفال... تمنّع رامي أولاً... ولكن كريم دعاه بحجة أنه سيرى خبرات جديدة وعالم جديد قد يفيده في فكره ويرد علي تساؤلاته. وإن لم يجد رامي بديلاً من إلحاح كريم... سافر مع مجموعة الشباب وكان يحاول ألا يسخر منهم كما اعتاد إحتراماً لصديقه. ولكنه كان ساخطاً علي تدينهم وبساطتهم. وصل رامي القرية ووجد آلاف من الأطفال في انتظارهم... ونسى رامي نفسه وأفكاره... وإنهمك في توزيع هدايا العيد وتنظيم الأطفال... وكم كانت سعادتهم بالهدايا البسيطة ومحبتهم للخدام الآتين إليهم. وإبتسم رامي... حين كانوا ينادونه "يا أستاذ ... يا أستاذ" وهو يقول في نفسه "لو عرفوا أني لا أدخل كنائس ها تبقي فضيحة"، وكان يوماً شاقاً ولكن ممتعاً. واستضافهم عمدة القرية المسيحي لغداء كريم بترحيب شديد... وعاد رامي مع كريم... ولم يهدأ فكره طوال رحلة العودة... + أنا عقلاني... وذكي... وعرفت... ولكني غير سعيد!!! هؤلاء البسطاء الفقراء والأطفال أكثر سعادة وأكثر حياة... + أنا وراء تساؤلاتي لم أصل إلا إلي حياة من الكآبة والشقاء والتدهور الأخلاقي... وهؤلاء الخدام بعملهم الإيجابي وتعبهم صاروا سبب إسعاد الكثيرين. + فقر البعض هو فرصة للبعض الآخر أن يخدم فتتعمق المحبة وتظهر الإنسانية في أجمل صورها. + هذا الكون الهائل... لابد له من خالق... ولكنه ترك الإنسان العاقل أن يشاركه ترتيب تفاصيله وتوازناته. + الحقيقة لا يمكن أن تكون أثنين... الحق وعكسه... هذا غير منطقي. + لم أجد راحة نفسية في كل هذا الزخر من الأفكار... بل مزيد من الكبرياء والإنطواء والضياع. + لماذا لا أعترف أني لا أستطيع أن أفهم كل شيء؟ لعلني أحتاج أن أقرأ الإنجيل كتلميذ وليس كناقد. + إن كانت هناك حياة حقيقية... فهي في الحب والعطاء وإسعاد الآخرين، وهذه الحياة الشاقة التي نحياها... من المنطقي أن تنتهي لتبدأ حياة أكثر سعادة ليس فيها تعب ولا خطية ولا موت. رحلة العودة... كانت بمثابة... إستنارة داخل عقل رامي، وظل الثلاث ساعات صامتاً يفكر، وأخيراً تحركت دموعه قبل الوصول للكنيسة... وصلّي لأول مرّة من سنين. "يا رب سامحني علي عِندي وكبريائي" "أقبلني... وعلّمني... وهبني أن أبدأ" |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الخدمة هي الحل |
الفشـــل / الخدمة هي الحل |
الخدمة هي الحل |
الخدمة هي الحل (1) |
الخدمة هى الحل |